• ليلى عبدالمجيد: غياب الرؤية فى إدارة الأحداث والابتعاد عن التفكير العلمى كارثة • نجاد البرعى: اعتمادهم على مشاهدات منقوصة وابتعادهم عن المهنية كان واضحًا للجميع • ياسر عبد العزيز: الإعلاميون تحولوا إلى نشطاء ومناضلين مهمتهم حشد الجمهور فى نفس اتجاههم
يرى كثير من المتابعين والخبراء، أن الأداء الإعلامى، للتليفزيون المصرى والقنوات الخاصة، فى تغطية الانتخابات لم يكن على قدر الحدث الكبير وأن الارتباك والفوضى هما شعار الأيام الماضية، وهو ما يمثل تكرارا لفشل الاعلام فى الاختبارات الكبرى.. فماذا حدث للإعلام المصرى وما هى أسباب الفشل ولماذا يرى البعض ذلك؟ أسئلة حاولنا الاجابة عنها فى هذا التحقيق. الخبير الإعلامى ياسر عبد العزيز يرى أن التجربة اثبتت اشياء كثيرة يقول عنها: للأسف الشديد ومنذ ثورة يناير أجد نفسى مضطرا الى اللجوء لوسائل إعلام أجنبية بانتظام لمعرفة بعض الحقائق لما يدور حولى، وللأسف الشديد التغطية الإعلامية الوطنية اتسمت بالارتباك والسطحية وعدم العمق وهناك ملمح أساسى فى هذه التغطية وهو التلون والمواقف الحادة المتضاربة وركوب الموجة والميل الى الرأى دون الخبر والرأى المبنى على الانطباع لا التحليل والظاهرة الثانية التى تكشفت فى الأيام الأخيرة هى وجود الإعلامى القاضى والإعلامى المناضل والاعلامى الحكيم والإعلامى نصف إله وتحول عدد من الإعلاميين الذين يظهرون على التليفزيون إلى نشطاء سياسيين ومناضلين ويعرفون مصلحة الوطن ويريدون حشد الناس فى الاتجاه الذى يريدونه وبعضهم يؤكد لك أنه على دراية بكل شىء ويصنف الناس كما يريد ويصدر أحكاما بحقهم ويأخذ بعضهم الى الجنة وبعضهم الى النار والمشهد بشكل عام يمكن وصفه بأنه مشهد سيئ ويعكس ازمة فى أن إعلامنا الوطنى لم يعد مصدرا للناس لاستقاء أبسط الحقائق المحلية. ويضيف عبد العزيز واضعا يده على أسباب انهيار الاعلام المصرى فى مواجهة الأحداث الكبرى: حالة التلقى المصرية للمنتج الإعلامى حالة تشجع على تدنى الأداء لأن قطاعات كبيرة من الجمهور تكافئ الأداء السيئ للأسف إضافة إلى أن حالة التحكم الإعلانى يكرس الممارسة الحادة غير المسئولة ويكافئها، إضافة الى ان هناك قطاعا كبيرا من الصحفيين لا يدرك القيم المهنية من العاملين فى المجال الإعلامى وقطاع آخر يدركها لكنه يتعامل معها بانتهازية وسوق الإعلان أصبحت تكرس لقيم مضادة بعدما اعتقد أن الرواج هو القيمة. الدكتور ليلى عبد المجيد، عميدة كلية الإعلام سابقا، ترى أن هناك أخطاء حدثت لكنها أخطاء غير مقصودة وتقول: نعم حدثت اخطاء فى التغطية لكن يجب ألا يلوم احد أى وسيلة اعلامية حاولت تحفيز المصريين وتشجيعهم على النزول للانتخابات فى ظل الظرف الصعب الذى تعيشه البلاد فهذا دور كنا دائما نطالب الإعلام أن يقوم به كون أن هناك أخطاء حدثت وهو يقوم بهذا الدور مثل عملية التطرف الشديد والمبالغة والتهويل بالتخويف مرة وبالترغيب مرة اخرى فهذا لا يعنى أنه فشل وان كان هناك اخطاء بالجملة مثل ان يقول احد استوديهات التحليل السياسى مثلا انه يجب ان يكون عدد المصوتين كذا ويعطى رقما لاعلاقة له بالواقع واضافة الى انهم كانوا يطلقون احكاما غير طبيعية بطبيعة من صوت وعددهم فى حين أنهم لم يملكون رقما يدللون به على ذلك، فإحجام أو عزوف او عدم اقبال هذا شىء مرتبط برقم وهذا لم يكن موجودا لكن هذه أخطاء مرتبطة بالحماس الوطنى ولهذا يجب على كل وسيلة اعلامية أن يكون لها ادارة خاصة لوضع استراتيجيات للمواعيد الكبرى والأحداث هذه الإدارة مهمتها وضع رؤية عامة وبدائل معروفة وكل شخص يعلم تماما ما الذى يفعله بدلا من ان يعمل الجميع بانفعالات وكرد فعل، يجب أن تكون هناك رؤية حقيقية وأتمنى أن تكون هذه المرة وهذه الأخطاء دافعا لعدم تكرارها فى المرات المقبلة ويجب أن نراعى التفكير العلمى والممنهج لكل فريق العمل والانتخابات البرلمانية سوف تكون فرصة لتصحيح الأمر. الحقوقى نجاد البرعى رئيس مجلس إدارة مؤسسة «تنمية الديمقراطية المصرية» يرى أن هذا الانهيار بالفعل تجلى فى الأيام الماضية ويقول: الإعلام فشل فشلا ذريعا بإشاعته جو غير صحيح فى تغطية الانتخابات وكنت أشاهد عددا من الإعلاميين، وهم ينتحبون ويحاولون استمالة الشعب لخوض الانتخابات بطريقة هزلية وللأسف تقديرى أن هناك مشكلة حقيقية فى تحول الإعلام من مهنة لعرض الأخبار والأراء والتحليل إلى مهنة هو ليس مهيأ لها وهى التحريض والحشد وبالتالى هو قام بتضخيم ظاهرة قلة الناخبين لأنه لم يهيئ الناس لأن هذا من المتوقع بعدم تقديمه فروض وتحليل لقياسات الرأى العام ولم يظهر الفارق بين هذه الانتخابات واى انتخابات اخرى ولم يضع يده على حقائق مهمة فى شكل النسب التصويتية وغيرها ولم يناقشها مناقشة موضوعية ولم يحللها بشفافية وللأسف كل ماشاهدناه مجرد صياح متواصل من مذيعين ومذيعات لم يقوموا بواجبهم ولا بدورهم، فحتى لو كان هناك إحجام حقيقى يجب أن يظهروا لنا هذه الأرقام وكان لا بد أن يعتمدوا على اساليب علمية فى تحليلاتهم بدلا من اعتمادهم على المشاهدات المنقوصة وللأسف ما يقدم الأن ليس إعلاما. ويضيف نجاد: أعتقد أن الإعلام فى مصر فى حاجة إلى روح جديدة وإلى إعلاميين شباب لديهم الثقافة والتدريب العالى، وعلى الإعلاميين ألا يكونوا منحازين سياسيا وللأسف أغلب الإعلاميين الموجودين على الشاشة الآن مرتبطون بشبكة مصالح مع الشركات الاعلانية المتحكمة فى الإعلام ويفرضون على الشعب بصورة مزعجة وبالفعل نحن فى حاجة الى إعلام جديد وأتمنى أن تكون هذه نهاية الإعلام القديم.