لم تكن تصريحات وزير الزراعة، أيمن فريد أبوحديد، خلال زيارته للدقهلية، الاسبوع الماضى، عن ضرورة صرف مستحقات الفلاحين من توريد القمح بواقع 420 جنيها للإردب، كافية لإرضاء الفلاحين، الذين اشتكوا من معاناتهم من الكثير من المصاعب خلال الموسم الأخير، تمثلت فى زيادة أسعار الأسمدة والأيدى العاملة وغيرها من تكاليف الإنتاج، بينما انخفض الإنتاج بصورة كبيرة عن المواسم السابقة، ما جعل سعر التوريد المحدد من الوزارة غير كافٍ. ورغم جهود الحكومة لكسب رضاء الفلاح، بدفع 420 جنيها لإردب القمح بدرجة نظافة 23.5 قيراط، إلا أن المزارعين يفضلون تسليم المحصول إلى التجار، بسبب صعوبة النقل المباشر إلى الصوامع، فالتسليم إلى الصوامع والشون الحكومية تحتاج إلى سيارات للنقل، وانتظار بالأيام أمام الصوامع، ما يتسبب فى ظهور وسطاء للمزارعين، بحسب تأكيد عدد منهم ل«الشروق»، حيث يدخل التجار لشراء القمح بسعر أقل، ثم يتولون تسليمه إلى الصوامع بمعرفتهم، للاستفادة من فارق السعر. يقول المزارع محمد الشافعى، 55 سنة، التابع للجمعية الزراعية فى الأورمان بطلخا، إنه انتهى من جمع المحصول، دون أن يعد عليه أى مكسب للفدان، بسبب التكلفة المرتفعة للزراعة، إلا ما يتم حصاده من عيدان القمح، التى تتحول إلى «تبن» لاستخدامه كعلف للمواشى، ويصل مكسب الفدان منه إلى 3 آلاف جنيه. وتقول وزارة التموين إنها تشترى القمح بزيادة قدرها 600 جنيه فى الطن عن السعر المحلى، وذلك لتشجيع المزارعين على التوسع فى زراعة هذا المحصول الاستراتيجى. أما المزارع محمد عبدالحليم، 45 سنة، فيقول إنه يشعر كما لو كان أجيرا فى أرضه، لأن سعر توريد الإردب، لا يتناسب مع ارتفاع تكاليف الزراعة، من حيث بذور وكيماوى وأسمدة وسولار وأيدٍ عاملة، بالإضافة إلى المشقة الكبيرة خلال الموسم الزراعى، مضيفا أن «الأسعار المعلن عنها لا تتناسب مع ما تم صرفه، بينما يجمع تجار الجملة القمح من الفلاحين بأسعار أقل من الأسعار الحكومية تمهيدا لتوريدها إلى الشون والمطاحن بالأسعار الرسمية، وتحقيق هامش ربح، فيكون المزارع هو الخاسر الوحيد». ويطالب أحد مستأجرى الأرض بمركز بلقاس، المزارع رضا عبدالحفيظ، 56 سنة، بخفض أسعار الأسمدة ورفع سعر التوريد، لأن تكلفة الفدان الواحد أصبحت 4 آلاف جنيه، وعندما يكون سعر المحصول هو 8 آلاف جنيه للفدان، منها 4 آلاف لإيجار الأرض، يحصل المزارع عندها على أجر يومى، ويتحول إلى أجير فى الأرض، على حد قوله، لافتا إلى أن «إنتاجية الفدان فى السابق كانت تصل إلى 20 إردبا، بينما لم تعد تتجاوز ال14 إردبا حاليا. ويوضح المزارع محمد المصراوى، 70 عاما، أن «الأيدى العاملة والماكينات الزراعية، أصبحت تؤرق المزارعين أصحاب الأراضى، فإيجار الآلة الزراعية الخاصة بتفريغ القمح هى 150 جنيها فى الساعة، وجرار الحصاد 50 جنيها، بينما يحصل العامل الواحد على 15 جنيها فى الساعة، ما يزيد من تكاليف عملية الإنتاج، بالإضافة إلى الأسمدة التى تصرف للفدان، وهى لم تعد متوافرة، ونشتريها من السوق السوداء بأسعار مضاعفة».