منذ اندلاع ثورة 25 يناير، أصبح استهداف الصحفيين الميدانيين فى مصر «كابوسا» يلاحق أبناء صاحبة الجلالة، مع أداء عملهم فى التغطية الإعلامية للمظاهرات والاشتباكات، والتى نتج عنها فقدان 12 صحفيا خلال 3 سنوات. واللافت للنظر أن الصحفيين المكلفين بتغطية تلك الاشتباكات هم الصحفيون الشباب غير المعينين فى المؤسسات الصحفية والذين لم يتلقوا أى تدريبات على كيفية تغطية النزاعات بين الأطراف المسلحة، مما يسهل استهدافهم، وهو السبب الذى جعل «الشروق» تنشر أبرز الإرشادات الواردة فى دليل لجنة حماية الصحفيين والخاصة ب»تغطية الأخبار فى عالم خطير ومتغير»، وهو الدليل الذى أعده متخصص الأمن الصحفى، فرانك سمايث، ومنسق نشاطات الدعوة والمناصرة، دانى أوبرايان. ويؤكد الدليل، تحت بند عنوانه «قواعد الحرب»، أنه يحق للصحفيين تغطية النزاعات المسلحة كمدنيين مستقلين عن القوات المسلحة، وفقا للبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف الصادرين فى عام 1977، وأنه لا يجوز قانونا لأى قوة استهداف المدنيين، بمن فيهم الصحفيون، منوها إلى أن الصحفيين المستقلين يواجهون مخاطر معينة، فمن يُقبض عليه من الصحفيين وهو يعمل بصفة مستقلة يمكن اتهامه بارتكاب جرائم مدنية كالتجسس، ويمكن أن يتعرض لمعايير حبس المدنيين التى يحتمل أن تكون سيئة أو جائرة. أما أول الإرشادات التى يشدد عليها الدليل فهو التدرب الأمنى للصحفيين للتعامل بحرفية فى مناطق الاشتباكات، وهو إجراء متبع منذ تسعينيات القرن الماضى فى دول أوروبا، ويتولى تقديم تلك التدريبات أفراد من العسكريين البريطانيين أو الأمريكيين السابقين، ويُدرب معظمهم الصحفيين على مهارات الوعى الشخصى المتمحورة حول مخاطر القتال وأخطار ساحة المعركة، إضافة إلى الإسعافات الأولية الطارئة. وفى الجزء الخاص ب«العتاد الواقى»، يشدد الدليل على ضرورة أن يكون الصحفى مجهزا تجهيزا كاملا، وأهمها ارتداء بدلات تقى من المواد الخطرة أو حمل معدات الكشف عن المواد الخطرة أو تناول أقراص بواسطة الفم لتعطيل مفعول أى عوامل بيولوجية أو كيميائية أو نووية محتملة أو مقاومتها وصدها، أو ارتداء الدروع الواقية للبدن المصنفة لتحمّل الشظايا والرصاص شديد الاندفاع، وفى حالة الاشتباكات أو العنف فى الشوارع، فإن التجهيز قد يقتضى ارتداء سترة مخفية مضادة للطعن. أما ميثاق سلامة الصحفيين العاملين فى مناطق النزاعات المسلحة والمناطق الخطرة الذى وضعته منظمة «مراسلون بلا حدود»، فقد أشار إلى أن سلامة الصحفيين المكلفين بمهمات خطرة لا يمكن ضمانها، فمهما وفر القانون الدولى الحماية على الورق فإن أطراف النزاعات المسلحة يتراجع احترامها للمواثيق الدولية، ولا يمكن الحصول على ضمانات من الأطراف المتحاربة بضمان سلامتهم بالكامل. وأكدت الوثيقة ضرورة تقديم الصحفى التزم شخصى بقبوله العمل فى مناطق النزاعات والاشتباكات بشكل طوعى وبملء إرادتهم، وأن تترك المؤسسات الصحفية الحرية للعاملين فيها لرفض المهام التى توكل لهم وعدم إجبارهم على تقديم إيضاحات لذلك الرفض، ومن دون تقييم ذلك الرفض على أنه سلوك غير مهنى، وعدم ضغط رؤساء التحرير على الصحفيين ودفعهم نحو المخاطرة. وشدد الميثاق على توفر عنصر الخبرة على الصحفيين المسئولين عن تغطية الاشتباكات والنزاعات، منوها بضرورة عدم إرسال الصحفيين المبتدئين لتغطية تلك الاشتباكات بمفردهم، وإلزامية عقد رؤساء التحرير دورات متخصصة لتدريب الصحفيين وطاقم العمل بأكمله للعمل فى تلك الظروف وعلى الإسعافات الأولية. وطالب الميثاق رؤساء تحرير الصحف توفير معدات سلامة بنوعية جيدة، مثل السترات المضادة وللرصاص والخوذ، ومعدات اتصال وأخرى لتحديد أماكن تواجدهم، وتوفير بوليصة تأمين للصحفيين وتغطية تكاليف علاج المرض أو فقدان الحياة، وضمان توفير الاستشارة الطبية النفسية للصحفيين، بعد عودتهم من التغطيات الخطرة، تجنبا لإصابتهم بنوع من أنواع الصدمة. بالإضافة إلى توفير وضمان الحماية القانونية لهم فى حال القبض عليهم أو إصابتهم أو قتلهم، حيث إن استهداف أى صحفى بشكل متعمد يتسبب فى وفاته أو إلحاقه بإصابة جسدية خطيرة تعد خرقا صريحا لبروتوكول معاهدة جنيف، ويُعامل على أنه جريمة حرب. من جانبها، اعتبرت المدير الإقليمى للجنة الدولية لحماية الصحفيين، شيماء أبوالخير، أن حماية الصحفيين تبدأ من إجراءات واضحة يجب على الدولة اتخاذها، أهمها إصدار تشريعات واضحة وصريحة تجرم الاعتداء عليهم، وأن تمتلك رغبة سياسية فى حماية الصحفيين.