سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 20-5-2025 مع بداية التعاملات    الدولار ب49.99 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 20-5-2025    ترامب يتساءل عن سبب عدم اكتشاف إصابة بايدن بالسرطان في وقت مبكر    نتنياهو يهاجم بيان بريطانيا وفرنسا وكندا: نقبل برؤية ترامب... ومطالبكم جائزة ضخمة لحماس    بعد ترشيح ميدو.. الزمالك يصرف النظر عن ضم نجم الأهلي السابق    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    شديدة العدوى.. البرازيل تُحقق في 6 بؤر تفش محتملة لإنفلونزا الطيور    فوائد البردقوش لصحة الطفل وتقوية المناعة والجهاز الهضمي    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    وزير الرياضة ومحافظ بورسعيد يجتمعان مع مجلس المصرى بعد استقالة كامل أبو على    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 ب المحافظات الحدودية    أثبت أني حي لكن لم يعاملوني مثل عبد الرحمن أبو زهرة، وقف معاش الكاتب الصحفي محمد العزبي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    بينهم أم وأبنائها الستة.. استشهاد 12 فلسطيني في قصف إسرائيلي على غزة    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورش النحاسين فى الجمالية تشكو العطب
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 04 - 2014

لم يصدق زكريا قناوى صاحب إحدى ورش النحاس بشارع الخرنفش بحى الجمالية أننا جئنا خصيصا للوقوف على الحال المتدهور الذى وصلت إليه «صنعتهم»، تشكك فى أول الأمر وظن أننا جئنا فى «زمرة الفضائيات» لزيارة شارع البرقوقية الموازى لهم، مسقط رأس المرشح المحتمل عبدالفتاح السيسى.
«أعمل فى تصنيع النحاس منذ أكثر من 20 عاما، والفرق أننى منذ سنوات كنت أشترى 100 كيلو لصهره وتشكيله أما الآن فبالكاد أشترى 10 كيلو فقط» يستخدم زكريا لغة الأرقام ليوجز قضيته، ويتابع سرده الرقمى «طن النحاس اليوم قفز إلى 80 ألف جنيه فى حين كان سعره 12 ألف جنيه فقط فى بداية عمله بالنحاس»، ويعتبر أن هذا الارتفاع فى الأسعار تسبب فى اشتغال عدد كبير من العاملين بهذا القطاع بمعادن أخرى أكثر رخصا مثل الرصاص،فيما اضطر عدد آخر لبيع النحاس الذى تبقى لديهم وتدشين مشروعات بديلة تدر دخلا مثل محلات البقالة أو العمل كسائقى تاكسى.
ورشة زكريا واحدة من عدد محدود من الورش التى لا تزال تعمل فى سبك وشغل المنتجات النحاسية فى حى الجمالية العريق، وأحد الذين تضرروا جراء انحسار السياحة وما تبعها من كساد فى خان الخليلى، الذى يعتبر زكريا أنه كان يستوعب وحده نحو «70 فى المائة من منتجات النحاس، ويليها كابلات ولوحات الكهرباء».
هذا الحديث عن استبدال الخامات لتحاشى ارتفاع سعر النحاس وعدم تعويضه فى السوق، كان سببا فى تحول الورشة التى يعمل بها الأسطى محمد من العمل بشغل النحاس إلى الصاج «أقوم حاليا بتشكيل النجف مستعينا بخامة الصاج، وأطليه بالنحاس الأحمر بسبب ارتفاع سعر كيلو النحاس الذى وصل إلى 85 جنيها، ومفيش شغل، ولازم أمشّى حالى».
يلتقط الأسطى محمد صورا فوتوغرافية لعدد من الأشغال النحاسية التى يفخر أنه أنجزها على مدار عمره «عمرى كله فى النحاس، وأنا عمرى الآن 49 سنة» يقولها ويستمر فى استعراض «ألبوم ذكرياته النحاسية»، ويشير إلى المعروض حاليا فى ورشته بما فى ذلك فانوس رمضان النحاس الذى تحوّل إلى فانوس صاج لم يترك له «الصينى» سبيلا.
يكنى محمد مهنته ب«مهنة الجمالية» التى تلخص حرفة أهلها فى المشغولات اليدوية وتميزهم عالميا، ويعترف كذلك باستعداده لترك المهنة إذا سنحت له الظروف «عشان عندى عيال والتزامات»، ولكن خبرته فى النحاس تلجمه فى كثير من الأحيان رغم حال الورشة المتدهور يحكى عن حاله وهو يشير إلى قصة عازف مزمار يصطحب غزالته المنقوشة على متن طبق نحاسى قديم.
حديث زكريا ومحمد عن إغلاق الكثير من الورش العاملة بالنحاس تستطيع أن تلمسه بسهولة أثناء جولتك فى شوارع الجمالية التى كان يُسمع بها أصوات الطرق على المعادن منذ أن تطأ مدخل شارع المعز، وكثيرا ما قرأت عن «جمالياته» فى روايات الراحل نجيب محفوظ،فحفر فى الذهنية الأدبية مع مبدعى فن النحاسيات صورة جليلة لتراث القاهرة الفاطمية على النحاس.
ليس فقط القاهرة الفاطمية، فالنحاس كان من أقدم المعادن التى استخدمها الفراعنة فى فن تطويع النحاس لعمل الحلى كتميمة اعتقدوا أنها تحميهم من الشرور وتجلب الحظ.
وحتى زمن قريب كان «طقم النحاس» أحد أساسيات «جهاز العروسة» بما فى ذلك «طشت الغسيل» وصوانى التقديم وكنكة القهوة وحتى «قدرة تدميس الفول».
فى طريق البحث عن ورشة عاملة يدلك أهل الحى عن «خان أبو طاقية» وتحديدا «وكالة عزيزة» التى تحتضن النحاسين، وعلى باب الوكالة كان يجلس عادل الفيومى صاحب ورشة نحاس شارك زملاءه شكوى غلو خامة النحاس «كان لدينا اكتفاء ذاتى من النحاس، ولم نكن نستورده من الخارج، فأنا اعمل فى هذه المهنة أبا عن جد، وكيلو النحاس كان لا يتعدى 24 جنيها أما الآن فتجاوز ال80 جنيها».
يشير الفيومى إلى أماكن الورش من حوله التى أغلقت بما فى ذلك مسابك النحاس «كان فى هذا المربع قبل سنوات أكثر من 15 ورشة، لم يتبق منهم سواى أنا وابن عمى وأخى الذى كان رائدا فى تشكيل الاكسسوارات بالنحاس وتضرر تماما بسبب غزو الصين لمجال الاكسسوار الحريمى مستعينين بمعادن منخفضة القيمة وخط انتاج ضخم».
يرى الفيومى أن الحل فى التفات الدولة لتراث «أمى وأمك» على حد تعبيره مفسرا بقوله «الحلة والغطا والطشت»، مؤكدا أن هذه القطع التراثية تم بيعها كخردة مما أسهم فى تحقيق كثيرين لثورات طائلة من ورائها، مؤكدا أن كيلو خردة النحاس وصل اليوم إلى ما يوازى 50 جنيها للكيلو، وأن احتكار عدد من التجار لتصدير خردة النحاس واستيراد النحاس الخام من الخارج وراء ارتفاع سعر الخامة، مطالبا بتفعيل ما كان يطلق عليه قديما نظام «شيخ الصنيعية» لرفع مطالب المتضررين من العاملين بالورش، الذى أدى إلى هجرة الصنايعية الأكفاء لحرفتهم، ولجوء أصحاب الورش فى المقابل للحفر الصناعى عن طريق «الزنكوجراف» كبديل للحفر اليدوى بالمطرقة والإزميل الذى «لا يقدر قيمته إلا الخواجات» على حد تعبيره.
«من حيث المبدأ لا يوجد عندنا فى مصر خامات أساسية بما فى ذلك النحاس» يعلق محمد حنفى مدير عام غرفة الصناعة المعدنية على ارتفاع سعر النحاس ويتابع «استخدام النحاس يكون من خلال تدوير خردة ومخلفات النحاس التى تدخل بعد ذلك فى صناعة المشغولات، وسبق وفرضنا رسما صادرا يعادل 8500 جنيه على كل طن خردة حتى نضمن توافرها فى السوق المحلية».
من ناحية أخرى يعتبر حنفى أن سعر النحاس ليس هو العامل الرئيسى فى أزمة ورش الجمالية بقدر ما تكمن الأزمة فى انحسار السياحة، خاصة أن اصحاب الورش قللوا الكمية التى يعملون بها، وكذلك الحال بالنسبة للخامات المستخدمة للصناعات التراثية التى ترصدها الغرفة بما فى ذلك الحديد والخشب والذهب، لاسيما أن القيمة المضافة للسلع التراثية والحرفية تكون عالية جدا.
«اللجوء للمجالس التصديرية» هو المخرج الذى يرى مدير عام غرفة الصناعة المعدنية فى ظل تأثر السوق المحلية، الذى يكفل لأصحاب الحرف التقليدية المشاركة فى معارض عالمية، مؤكدا كذلك على ما أسماها «الحرب» التى خاضتها الغرفة من سنوات ضد نظام إقراض صغار الحرفيين بفوائد لتشغييل ورشهم، وتفعيل نظام «الحضانات» التى تتيح استئجارهم لورش بإيجارات بسيطة، بدلا من هجرهم للمهنة،وكان هناك مشروع قديم بإقامة هذه الورش بمجمع يشبه تكوين خان الخليلى بامتداد المتحف المصرى الكبير الذى سيجاور الأهرامات، كمنطقة جذب سياح ى جديد، معتبرا أن كل هذه المشاريع لا يمكن تحققها إلا فى ظل سوق مستقرة نسبيا، ما يجعل أزمتهم تدور فى دائرة مغلقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.