«انهم حزب الغشاشين والمخادعين، وأعدكم بأننى سأسقط أقنعتهم. سأسقط أقنعتهم».. بهذه الكلمات تحدث زعيم حزب الشعب الجمهورى، وريث التجربة الأتاتوركية، كمال كليجدار أوغلو، عن حزب العدالة والتنمية الحاكم ذى التوجه الإسلامى، خلال تجمع انتخابى قبل سنتين، ولكن كليجدار أوغلو (66 عاما) مازال عاجزا عن ترجمة تعهده ذلك على أرض الواقع. الرجل الذى يبدو، فى النسخة العربية لموقع حزبه الإلكترونى، منتصب القامة، وتطل من عينه نظرة ثقة، عجز طوال فترة توليه قيادة أكبر أحزاب المعارضة عن خلخلة الأرض من تحت أقدام خصمه، رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، والآن أتته الفرصة من حيث لم ينتظر، إلا أنها فى الوقت نفسه قد تكلفه مستقبله السياسى. فأردوغان، الذى اعتبره كليجدار أوغلو «بطة عرجاء»، يواجه أصعب أزمة فى تاريخه السياسى، بعد فضيحة الفساد التى طالت مقربين منه والتسريبات الصوتيه التى وضعته هو ونجله بلال فى بؤرة الشبهات، فضلا على التراجع الاقتصادى، والاتهامات بالاستبداد التى تطاله منذ أن واجهت قوات الأمن بالقوة احتجاجات حديقة جيزى بأسطنبول (كانت ضد تجريف الحديقة لصالح أنشاء مول وإحياء ثكنة عثمانية)، ثم حظر السلطات لموقع «تويتر»؛ بدعوى رفضه تنفيذ أحكام قضائية بحذف روابط مسيئة لشخصيات تركية. تلك الظروف التى تسبق الانتخابات البلدية، جعلت أردوغان فى أضعف حالاته منذ وصوله للسلطة قبل 12 عاما، وجلبت فرصة ذهبية لحزب الشعب، بقيادة كليجدار أوغلو، لتكبيد حزب العدالة والتنمية خسائر كبيرة، تمهد لإبعاده تماما عن السلطة فى الاستحقاق البرلمانى المقرر العام المقبل. إلا أن تلك الفرصة تمثل أيضا خطرا داهما على مستقبل كليجدار أوغلو السياسى، إذ إن خسارته الانتخابات، فى ظل تلك الحالة المتراجعه للحزب الحاكم، قد تدفع أعضاء حزبه، بحسب مراقبين، إلى إزاحته عن القيادة، وتنهى مغامرته على رأس الحزب، والتى بدأت فى 22 مايو 2010. وكليجدار أوغلو حاصل على شهادة جامعية فى الاقتصاد، ودخل البرلمان عن حزبه فى إسطنبول عام 2002، ثم فاز مجددا عام 2007، أن يفوز برئاسة الحزب الجمهورى. وفى الانتخابات البرلمانية عام 2011، كتب مؤيدو حزب الشعب على لافتات دعاية انتخابية «نريد كيليجدار أوغلو الذكى، وليس رئيس وزراء مجنون». غير أن كليجدار أوغلو لم يحقق المنصب فى تلك الانتخابات، وربما يقف الآن على بداية الطريق إلى هذا المنصب، لكنه ربما يقف فى الوقت نفسه فى آخر طريقه السياسى.. تلك الحيرة سيبددها ظهور النتائج الأولية للانتخابات البلدية.