تواصل الإعلامية منى سلمان تجربتها فى تناول الملفات المنسية، والخروج بكاميرات برنامجها «مصر فى يوم»، الذى كان أول توك شو يصل إلى حلايب وشلاتين، لينقل صورة حقيقية من واقع هذه الأرض المصرية، ويلقى الضوء على هموم وأحلام أهلها. وفى حديثها معنا كشفت منى عن كواليس رحلتها إلى أقصى نقطة على حدود مصر، والرسائل التى حملها بها أهالى حلايب وشلاتين، كما تتحدث عن أسباب حالة الصمت التى فرضتها على استقالتها المبكرة من قناة الجزيرة. فى البداية تؤكد منى سلمان أن فكرة السفر لحلايب وشلاتين بدأت من نوفمبر الماضى، وقبل أن يصل إلى المنطقة أى مسئول من العاصمة، وقالت: منذ بداية تعاقدى مع قنوات دريم على تقديم برنامج «مصر فى يوم» كان الاتفاق على أنى سأقدم حلقات من أقاليم مصر بشكل دورى، لأننى مؤمنة بضرورة النزول للناس ومعايشة المشكلات على أرض الواقع، وعدم الاكتفاء بمناقشتها فى الاستوديو، ولكن حالت الأزمة الاقتصادية التى تواجهها قنوات دريم دون تقديم هذه الحلقات الميدانية بشكل منتظم. وأشارت إلى نزولها بكاميرا البرنامج إلى قرية دلجا بالمنيا للوقوف على حقيقة ما يحدث هناك بعد الأحداث التى شهدتها، ووصفها بأنها معقل للإرهاب. وعن ترتيبات رحلتها للحدود الجنوبية تقول: كنا نتواصل مع جمعيات ومؤسسات مجتمع مدنى تعمل على الأرض فى منطقة حلايب وشلاتين، وكانت الفكرة أن تقوم باستطلاع المكان والتعرف على تفاصيله وتقديمها للناس عبر حلقات برنامج «مصر فى يوم»، وذلك من منطلق أنها أرض مصرية لا نعرف عنها الكثير، ولم يتم تداولها بالإعلام بالشكل الذى تستحقه. وأكدت أن المشكلة الوحيدة كانت مع طول المسافة، والتى تبلغ 1400 كم، ورغم أن الرحلة استمرت لمدة 3 أيام، فإنها لم تستطع تغطية كل الأماكن التى كان مقررا التصوير فيها، ومن هنا اعتذرت لأهالى قرية أبورمادة، والتى لم تستطع الوصول إليها بسبب ضيق الوقت. وعن المشاهدات التى رصدتها قالت منى سلمان: «وجدت هناك أناسا على الفطرة، وحياة بسيطة إلى أبعد الحدود ولكن فى نفس الوقت وحالة من الوعى، ووجدتهم مواطنين مصريين، عكس ما يقال إنهم مجتمع مغلق بعيدا عما يدور فى العاصمة، فهم يتابعون كل ما يدور فى القاهرة عبر الفضائيات، وكانت المفاجأة لى عندما قالوا لى إنهم يعرفوننى منذ كنت فى قناة الجزيرة، وأنهم يشاهدون برنامجى على دريم، وكانت أهم رسالة حملونى بها للإعلاميين عندما سألونى: إنتو ليه مش بتيجوا تصورا معانا وتعرضوا مشاكلنا؟». ومن وجهة نظرها ترى منى سلمان أن الفقر والبطالة هى أهم مشكلات المنطقة، وتقول: هناك فقر شديد فى معظم الخدمات الأساسية ولكن تظل مشاكل مياه الشرب أهم الامور التى تحدثوا عنها، لأنهم يعتمدون بشكل كبير على تحلية المياه، كذلك تحدثوا عن مشكلة البطالة، وطالبوا بإنشاء ميناء على ساحل البحر الأحمر، وأحياء ميناء الحج القديم، ودور هذه الميناء فى تغيير شكل الحياة فى تلك المنطقة النائية، كذلك طالبوا بإقامة سباق دولى للهجن باعتبار أن الهجن أحد أهم مقومات الحياة على تلك الأرض. • ماذا عن وضع المرأة فى هذا المجتمع القبلى؟ لاحظت أن كثيرا منهن لا تريد الحديث ربما لأنهن لم يعتدن على مثل هذه الحوارات التليفزيونية، وشاهدت بعضهن يغطين وجوههن بالثوب التقليدى لنساء القبائل وفق عاداتهم، ولكنى أيضا قابلت سيدة أعمال فى إحدى القرى، وقالت لى إنها صاحبة توكيل المياه الغازية فى المنطقة كلها، وأنها تمارس التجارة بنفسها. • رغم محاولاتك للحصول على سبق والبحث عن المعالجات المختلفة للقضايا التى يطرحها برنامجك فإن البعض يرى أنك كنت أكثر بريقا فى قناة الجزيرة.. فما تعليقك؟ بلا شك قناة الجزيرة كانت لها تواجد فى الشارع العربى، ولكن دريم أيضا من القنوات المصرية التى تتمتع بنسبة مشاهدة على مستوى واسع، وكنت دائما أريد أن أظهر عبر توك شو على شاشة مصرية، وهذا تحقق مع «مصر فى يوم» على شاشة دريم، وذلك لأن العمل على شاشة مصرية، ومخاطبة جمهور مصرى أمر مختلف كثيرا، وفيه متعة خاصة. وأحب أن أشير هنا إلى أن الحديث عن الانتقال لدريم بدأ قبل خمس سنوات، وعندما قررت أن أترك الجزيرة كانت هناك عروض أخرى، ولكنى وجدت أن دريم، هى الأولى رغم أنها لم تكن الأعلى أجرا، ولكنها كانت الأقرب إلى شكل الإعلام الذى أريد أن أقدمه. • وكيف ترين فكرة المشاركة فى برنامج واحد مع مذيعة أخرى؟ وجود فريقين لنفس البرنامج يعطيه ميزة بين برامج التوك شو لأنه يتمتع بمساحة أكبر من التنوع، وفى البداية كانت الفكرة أن أقدم برنامج توك شو إخباريا يوميا بمفردى، وأنا من اقترح بأن أقدم البرنامج 4 أيام فى الأسبوع، وأن تتولى زميلة أخرى تقديم باقى الأيام، لتكون هناك مساحات من الوقت للبحث عن موضوعات تميزنا بين البرامج المنافسة، وأى نجاح يتحقق فهو لاسم البرنامج وللقناة، ولا أجد أى مشكلة فى أن يشترك مذيعتان فى تقديم برنامج واحد. • وما ردك على ما أثير أخيرا ببعض المواقع عن حرب خفية لإزاحة برنامجك عن توقيته بالخريطة لصالح أحد النجوم الآخرين بالقناة؟ هذا أمر غير وارد، وإدارة القناة لم تفاتحنى رسميا ولا وديا، فى هذا الموضوع، ومنذ بدايتى وأنا أعمل فى محطات مليئة بالنجوم، بداية من إذاعة الشرق الأوسط، مرورا بالجزيرة ووصولا لقناة دريم، ولا أخشى من فكرة المنافسة، وأعلم تماما أنه لا توجد محطة يمكن أن تبنى نجاحها على برنامج واحد، بل على العكس يقاس نجاح المؤسسات الإعلامية بعدد البرامج الناجحة فيها، وعدد النجوم، ولذلك رفضت منذ البداية أن أسطو على نجاح برامج أحد من زملائى، وفضلت أن أبدأ مع برنامج جديد، وبالتالى لا أتوقع أن يسطو أحد على برنامجى. • حتى الآن لم تفصحى عن سر مغادرتك للجزيرة مبكرا.. فما سبب هذا الصمت الطويل؟ إنه منطق «العيش والملح» الذى يؤمن به معظم المصريين، فأنا عملت لسنوات بالقناة، وكان لى زملاء أقدرهم وأحترمهم، ومنعنى وجود هؤلاء من أن أكشف عن الضغوط التى كانت تمارس لتوجيه المحطة فى اتجاه دعم جماعة الإخوان، وتوجيه الاخبار لصالح هذا الفصيل، وغيرها من الأمور التى تكشفت بعد ذلك وأدت لاستقالة الكثيرين، ولكنى استشعرت تلك التدخلات فى السياسة التحريرية مبكرا، وحاولت أن أناقش مسألة المصداقية والمهنية، ولكن كان هناك اتجاه جارف لاعتبار أن مصر فصيل واحد، فقررت أن أحصل على إجازة لمدة شهرين، وخلالها كنت أتابع الأمور فى الشارع، وأتابع ما تعرضه القناة، وهنا أخذت قرارى، وعدت من الإجازة لأتقدم باستقالتى، ورفضت وقتها إعلان الأسباب حتى لا أجرح البعض الذين لا يملكون خيارات أخرى غير البقاء فى الجزيرة. • ولكن كيف ترين الآن تجربة الجزيرة؟ بلا شك تعلمنا أنا وأبناء جيلى من الجزيرة التى كانت نموذجا للمهنية الإعلامية، ومنبرا للرأى الحر، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الجزيرة أحدثت طفرة كبيرة فى الأداء الإعلامى بالمنطقة العربية، وساهمت بشكل كبير فى رفع سقف الحرية الإعلامية، ولكن بعد ثورات الربيع العربى، وبعد أن سقطت كثير من الأقنعة، وتكشفت حقائق لم تكن لدينا القدرة على تصديقها فيما مضى، ومن هنا أرى أنه يجب مراجعة الكثير من الأمور، لأننا خدعنا كثيرا، وكنا ونحن فى الجزيرة نصدق مراسلينا على الأرض فى العراق وسوريا وليبيا وتونس، ونعتبر ما يقولونه هو الحقيقة المجردة. وأود الإشارة هنا إلى أهمية الاعتماد على قنوات مصرية كمصدر للخبر والمعلومة، لأن القنوات المصرية ستتعامل مع الأحداث بحس وطنى، ومن هنا فأنا سعيدة بتجارب القنوات المصرية الشاملة وما تقدمه قناتا أون تى فى لايف، وسى بى سى إكسترا من تغطيات حية على مدى اليوم. • وماذا عن العودة للتليفزيون المصرى وهو يبدأ مرحلة جديدة؟ ليس سرا إننى كنت مرشحة لبرنامج «مصر النهارده» مع الإعلامى حافظ الميرازى، وتعجب المسئولون فى ماسبيرو أننى رحبت بفكرة العودة ولم تكن لى أية مطالب، وذلك لأننى كنت أرى بعد ثورة يناير أن العودة للتليفزيون المصرى واجب وطنى، ولكن المشروع لم يتم، ورغم كل شىء أعتبر التليفزيون المصرى بمثابة البيت الكبير الذى أنتمى له، وأتمنى أن يتجاوز تلك المرحلة بسرعة ويستعيد مكانته فى ساحة الإعلام العربى. • وما رأيك فى ظاهرة تحول الضيوف إلى مقدمى برامج؟ ظاهرة موسمية فى مصر، فالشاشة تبحث كل فترة عن وجوه جديدة، وحتى على مستوى السياسة تحول بعض المحللين السياسيين إلى سياسيين، وأنا شخصيا أتحيز لأبناء المهنة، وأقول إن الشاشة بريق، والبعض تخطفه الأضواء، ولكن كثيرا ممن خاضوا تلك التجربة لم يستمروا، وإن استمروا فمرحبا بالمنافسة الشريفة.