اعتبر دكتور سامر المفتى الأمين العام الأسبق لمركز بحوث صحراء مشروع ممر التنمية الذى اقترحه عالم الجيولوجيا العالمى فاروق الباز «حلما لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع لعدة أسباب يفهمها من يعرف الصحراء الغربية جيدا»، مشيرا إلى أن الفكرة فى البداية كانت مجرد طريق قام بعرضها فى مقال بجريدة الأهرام اجتمع بعدها مجلس الوزراء لدراسة جدواه. وأوضح المفتى خلال ندوة بعنوان إدارة المصادر المائية فى عهد التغيرات المناخية بساقية الصاوى أمس الأول أن الباز اختار الطريق الذى أطلق عليه «ممر التنمية» فوق الهضبة، ما يجعله بعيدا عن الموارد المائية. وأضاف أنه فى الوقت الذى يتم فيه مهاجمة مشروع توشكى الذى تكلف 10 مليارات جنيه «كسرت وسط موازنة الدولة» فإن مشروع ممر التنمية تصل تكلفته إلى 300 مليار جنيه يعتمد فيها على المستثمرين العرب والأجانب، ما يعد بمثابة «تقسيم مصر إلى نصفين أحدهما فى أيدى القطاع الخاص لا يستفيد منه الأغلبية من الشعب». وحذر المفتى من أن أوضاع مصر المائية حرجة للغاية بدون أى تدخلات أو تأثيرات مباشرة للاحتباس الحرارى ومن ثم التغيرات المناخية، وهو ما يحتاج إلى سياسات مختلفة تماما وتغيير جذرى فى الفكر للتعامل مع هذه الأوضاع التى أهم ما يميزها نسبة الفقد الكبيرة للغاية فى مواردنا المائية والتى قد تتجاوز 50% فى بعض التقديرات. ووصف المفتى التعامل مع المياه الجوفية بأنه «تجاوز حدَّ السفه إلى الجريمة المتعمدة مقابل ربح محدود، فعندما تدخل تراكيب محصولية استوائية فى أكثر صحراوات العالم قحولة، مثل الأرز فى الوادى الجديد، والموز فى طريق مصر الإسكندرية الصحراوى فلا نقول إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل». وأوضح أن مصر على مستوى التقسيم الدولى لدول الحزام القاحل هى دولة الصحراء الأولى فى العالم، حسب الدراسة التى أعلنتها منظمة اليونسكو عام 1953 التى قسمت الحزام القاحل إلى ثلاثة مستويات وفق معدلات سقوط الأمطار إلى مناطق شديدة القحولة والتى تتلقى معدلات أمطار تقل عن 100مم على المتر المربع سنويا، وتمثل 86٪ من مساحة مصر مقابل 7ر0٪ على مستوى العالم كله، بينما يمثل المستوى الثانى المناطق القاحلة التى تتلقى أمطار أقل من 250مم على المتر المربع وتشكل 14٪ من مساحة مصر. وأشار إلى أن معدل الأمطار التى تسقط على مصر سنويا لا تتجاوز 10مم على المتر المربع وهو أقل معدل لأى دولة فى العالم، مؤكدا أن مصر تجاوزت حد الفقر المائى، حيث انخفضت حصة الفرد فى ماء النيل من 1000 متر مكعب سنويا إلى 650 مترا مكعبا ومعدلات الهبوط يومية. وحول تأثير التغيرات المناخية على موارد مصر المائية أوضح المفتى أن التقديرات الدولية تشير إلى عدة سيناريوهات تبدأ باحتمال نقص موارد النهر نتيجة لتحرك أحزمة الأمطار من فوق الهضبة الأثيوبية والتى تمثل 85% من موارد مصر من النهر، والهضبة الاستوائية التى تمثل 15% من الموارد المصرية. ولفت إلى أن تقديرات هذا التأثير تبدأ بنقص بنسبة 76% وتصل التنبؤات فى حدها الأقصى إلى زيادة قدرها 30%، موضحا أن النقصان أيا ما بلغت نسبته سوف يؤدى إلى كوارث لأن احتياجات وادى النيل الحالية تعانى من عجز قدره 9 مليارات متر مكعب «ولا قبل لنا بمزيد من العجز»، وهو ما يشير إلى أهمية تدارك الإسراف فى استخدامات المياه من حيث كميتها والتركيب المحصولى المناسب لترشيد استخدام المياه. ومن جانبه، أكد الخبير الأمريكى مارك ستون الباحث بقسم العلوم الهيدرولوجية بمعهد بحوث الصحراء فى لاس فيجاس بولاية نيفادا الأمريكية ضرورة أن تنظر مصر إلى تحقيق الأمن الغذائى وعدم الاعتماد على استيراد مواردها الغذائية من الدول الأخرى، موضحا أنه فى ظل التغيرات المناخية المتطورة واحتمالات الفياضات والجفاف المتزايدة ستكون الأولوية لهذه الدول المصدرة هى سد حاجة شعوبها أولا.