زوروها زوروها.. أنصار مرشحي الدائرة الثانية يحتجون على نتائج الحصر العددي بقنا    "الصحة" تنظم جلسة لمناقشة تطبيق التحول الأخضر في المستشفيات وإدارة المخلفات الطبية    عمرو طلعت: الذكاء الاصطناعي ليس منافسًا للإنسان بل أداة لتعزيز الكفاءة الإنتاجية    وزير المالية: مصر أمام فرصة استثنائية حقيقة لتكون مركزا رئيسيا للتصنيع والتصدير.. ويجب ألا نضيعها    منتخب إيطاليا يفوز على مولدوفا بثنائية نظيفة في تصفيات كأس العالم    موجة أمطار رعدية تضرب مدينة الإسكندرية.. وتحذيرات عاجلة للمواطنين    بالصور.. انتشال جثتي شقيقتين من أسفل أنقاض عقار قنا المنهار    الفيلم التركي كما نتنفس يعرض صورة مغايرة للحياة التركية في عرضه الأول بمهرجان القاهرة السينمائي    نانسى عجرم : كنت زمان حاطه ضغط على نفسى بس دلوقتى وصلت لمرحلة لازم أقدّر حالى وأحتفل بنجاحي    ابرز ادعية النجاح في المطر والدعاء التوفيق    دعاء يوم الجمعة لصديقتي.. مودّة باقية ودعاء لا ينقطع    وزير الصحة: نمتلك أكثر من 5400 وحدة صحية تعكس توسيع التغطية الصحية الشاملة للدولة    ماذا فعل رؤساء أمريكا بالشرق الأوسط؟! |مصر دائمًا لاعب محورى فى المعادلة الأمريكية كقوة إقليمية لمواجهة التحديات وتحقيق الاستقرار فى المنطقة    جيش الاحتلال يزعم: هناك محاولات من حزب الله لتهريب أسلحة    بى بى سى تعتذر لترامب عن تحريف فى برنامج وثائقى    روسيا: علاقاتنا مع برلين فى أدنى مستوياتها منذ تأسيس ألمانيا الاتحادية    أول تعليق من الأطباء بعد إصابة طبيب بطلق ناري خلال مشاركته في قافلة بقنا    بين الإبداع والتنوع الثقافي.. «أيام قرطاج المسرحية» تنظم منتدى مسرحيًا عالميًا    كلية الآداب بجامعة عين شمس تستقبل مدير شراكات جامعة إسيكس البريطانية    عيار 21 يسجل 5600 جنيه للجرام.. تعرف علي سعر الذهب الخميس 13-11-2025    نقابة الأطباء: الاعتداء على طبيب قنا جريمة شروع في قتل وتقصير جسيم في تأمين القوافل الطبية    دار الإفتاء الفلسطينية تدين إحراق مستوطنين لمسجد في سلفيت    الصين ترفض بيان مجموعة السبع بسبب «التحريفات والتدخلات»    الرئيس الأوكراني زيلينسكي يزور اليونان الأحد المقبل    خبير: رون ديرمر أحد مهندسي اتفاقات إبراهام.. جيش اسرائيل مرهق للغاية    احتفالية مركز أبحاث طب عين شمس بمرور خمس سنوات علي إنشاءه    خبير اقتصادي: افتتاح المتحف الكبير وجولة السيسي وماكرون رسائل طمأنة للعالم    «بيستخبوا زي الفيران».. 5 أبراج لا تستطيع المواجهة    المشدد 10 سنوات ل3 محامين وعاطل فى تزوير محررات رسمية بالإسكندرية    مسئول أممي: لا أحد بمنأى عن مخاطر تغير المناخ.. والشرق الأوسط من أكثر المناطق تأثرا    كيف تدعم وزارة التعليم العالي وبنك المعرفة الأئمة والدعاة لنشر القيم الصحيحة؟    خناقة بعد مباراة أبو قير للأسمدة وبروكسى فى دورى القسم الثانى    إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    الإيجار القديم بالجيزة: اعرف تصنيف شقتك قبل تطبيق زيادات الإيجار    خالد الجندي: الله يباهي الملائكة بعباده المجتهدين في الطاعات(فيديو)    المصري يحدد ملعبه الثاني لمباريات كأس الكونفدرالية    وزيرة التنمية المحلية: ندعم جميع المبادرات لوضع الإنسان والإبداع فى صميم الاهتمام    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي تدريب الكوادر الطبية العراقية في مصر    المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية استخدم الذكاء الاصطناعي للتخطيط وإخفاء الأدلة    تعليم القاهرة تعلن عن مقترح جداول امتحانات شهر نوفمبر    مصطفى حسني: تجربتي في لجنة تحكيم دولة التلاوة لا تُنسى.. ودوّر على النبي في حياتك    مدير التعليم الفني بالمنوفية يتابع سير العملية التعليمية بعدد من المدارس    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    3.6 مليار جنيه استثمارات حكومية لتنمية جنوب سيناء بخطة 2025/2026    أرسنال يقترب من تجديد عقد بوكايو ساكا براتب ضخم    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    بث مباشر مباراة العراق والإمارات اليوم في تصفيات كأس العالم 2026 – ملحق آسيا    نيابة الحامول تأمر بانتداب الطب الشرعي لتشريح جثمان عروسة كفرالشيخ    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    ندب قضاة ومنفعة عامة.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    إسعاد يونس: أتمنى استضافة عادل إمام وعبلة كامل وإنعام سالوسة «لكنهم يرفضون الظهور إعلاميا»    كرة يد - تألق الخماسي المصري بفوز باريس سان جيرمان وفيزبريم في أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلم الرحيل
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 07 - 2009

لأن يوسف شاهين ليس مجرد مخرج حرفى ماهر وحسب، بل فنان صاحب رؤية، يمكنك تتبع عناصر هذه الرؤية عبر أفلامه جميعا، تتنوع وتتطور من عمل لآخر، لكن تظل محتفظة بجوهرها، فالرغبة فى الرحيل.
من الجنوب القاسى إلى الشمال المترع بالآمال، المنفتح على آفاق أوسع، من الآمال التى تتوافر فى أفلامه، وقد تتحول إلى هاجس عند العديد من أبطاله:
فى فيلمه المبكر «ابن النيل» 1951، يطالعنا الطفل «حميدة» شكرى سرحان عندما يكبر، يكاد لا يغادر محطة القطار، يخفق قلبه مع المسافرين، وحتى حين يحرث الأرض بفأسه يسمع، من داخل نفسه.
صوت عجلات القطار وصفارته الطويلة، كما لو أنها نداهة، تدفعه للرحيل، ويتعمد يوسف شاهين، مع مونتيره كمال أبوالعلا، الانتقال ب«حميدة» من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب بالمزج على صورتيهما، وهو لايزال واقفا، منتظرا، على رصيف المحطة.
فى المشاهد الافتتاحية ل«صراع فى الميناء»، تتابع الكاميرا وصول عمر الشريف العائد من السفر، عبر البحر، بعد غياب ثلاث سنوات. وعندما تثار المشكلات وتتدهور الأمور، يفكر فى التخلص منها، بالرحيل مرة ثانية.
وما اختياره «باب الحديد» عنوانا للفيلم إلا تعبيرا عن شغف يوسف شاهين بتأمل مفترق الطرق، دموع المودعين وآمال المسافرين، الأشواق لأماكن جديدة، وربما الهرب من حياة ضنينة. والملاحظ أن شغف أبطال يوسف شاهين بالرحيل، تزايد تأججا مع «الاختيار» حيث يقتل المثقف أخاه البحار كى يعيش حياته.
وأغلب الظن أن مخرجنا المرهف رصد بعينه اللاقطة تلك الهجرة الواسعة لأبناء البرجوازية الصغيرة، إلى خارج البلاد، عقب حرب 1967، وإذا كان الطفل الجنوبى الأسمر، الأقرب للمغامر، يشد عصا الترحال، من أقصى الصعيد، متجها للقاهرة، كى يحضر تراما من عتبات السيدة زينب.
لعله يشفى صديقه العليل فى «العصفور»، فإن حلم السفر ينتاب إبراهيم، «هشام سليم» الهارب من مذبحة «عودة الابن الضال»، متجها مع حبيبته «ماجدة الرومى» إلى الشمال، نحو الثغر السكندرى، لاستكمال دراسته الجامعية، تمهيدا للذهاب إلى أمريكا، لدراسة علوم الفضاء.
بعد عامين من «عودة الابن الضال» تتصاعد الرغبة فى الرحيل، فتصبح فى «إسكندرية ليه» 1978 لهاثا مضنيا، تشارك فيه الأسرة كلها، بهدف إتاحة فرصة السفر لابنها يحيى «محسن محيى الدين» عبر البحار، لدراسة السينما.. وإذا كان الواقع الذى يعيش فيه أبطال يوسف شاهين شديد الصعوبة، فإن واقع «اليوم السادس» 1986 مؤلم بحق، ذلك أن الكوليرا تطبق على البلاد، بكل ما تحمله من معان.
مادية ومعنوية، فإلى جانب أنها وباء مرضى، فإنها أيضا تعبر عن حال وطن فى قبضة الاحتلال من ناحية، وتقام على حدوده دولة عدوانية من ناحية ثانية.
وسط دوامة هذه الكوليرا، تحاول «صديقة» أو «داليدا» إنقاذ حفيدها المريض، وقد وقر فى ضميرها وعقلها أنه سيشفى إذا اكتحلت عيناه بمرأى البحر، لذا فإنها تصحبه معها فى مركب على النيل، متجهة به شمالا، كى تصل إلى الأبيض المتوسط، وبالقرب من المشارف، وبرغم رفع العليل إلى أعلى الصارى، تفيض روحه.
قبل «اليوم السادس» وبعده، سواء فى «حدوتة مصرية» 1982، أو «إسكندرية كمان وكمان» 1990، يتجسد ظل يوسف شاهين نفسه، فى صورة المخرج الذى تضنيه الرغبة فى الاعتراف به خارج الحدود، ويكاد يجن من هستيريا السير على البساط الأحمر فى «كان» أو الوقوف فوق خشبة مسرح مهرجان برلين.
لكن معظم محاولات أبطال يوسف شاهين، فى الرحيل، أو الهرب، أو الذهاب بعيدا، تنتهى بالخيبة والفشل: «ابن النيل» يغدو أضحوكة فى القاهرة. «قناوى» بطل «باب الحديد» القادم من «قنا»، ينتهى به الفيلم وهو فى طريقه لمستشفى الأمراض العقلية، المثقف، الكاتب المسرحى، فتقبض عليه الشرطة عقب افتضاح أمره. الصبى فى «العصفور» يضيع فى شوارع العاصمة «يحيى» فى «إسكندرية ليه» حين يصل إلى ما يظنه مرفأ الأمان، فى بلاد العم سام.
يفاجأ مذعورا بتمثال الحرية الشهير وقد تحول إلى ملامح مروعة لامرأة شريرة، حمراء العينين، تضحك بسخرية ماجنة فتظهر أسنانها الشائهة، ويجلس تحت التمثال عدد من حاخامات اليهود، يرددون دعاءهم..
هكذا، إذا كان يوسف شاهين يؤكد، بمصائر أبطاله المهاجرين أن فكرة نجاة المرء بجلده لن تجدى فتيلا، فإنه فى «إسكندرية ليه» يحذر من مغبة تعليق الآمال على تلك البلاد البعيدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.