أبدت المطربة اللبنانية ماجدة الرومى موافقتها على إحياء حفل ضخم بمدينة الإسكندرية مساء 20 مارس الجارى على الأكثر لتنشيط السياحة إلى مصر، وهو الحفل الذى يأتى فى اطار احتفالها الخاص بمرور 40 عاما على احترافها الغناء، وتعد مصر إحدى محطاتها المهمة فى مشوارها لأسباب كثيرة، أبرزها أن فيلمها الوحيد «عودة الابن الضال»، كان إنتاجا مصريا، وأخرجه يوسف شاهين، كما أنها غنت العديد من الأعمال باللهجة المصرية، وغنت للعديد من الملحنين المصريين، أبرزهم جمال سلامة وكمال الطويل. وتم توقيع العقود مع الجهة المنظمة مساء الخميس الماضى المقبلة حسبما أكده عوض الرومى شقيقها ومنسق أعمالها فى نفس الوقت. ماجدة قررت أن تغنى متبرعة بأجرها تقديرا لدور مصر فى العالم العربى وتصاحبها خلال الحفل فرقتها الخاصة بقيادة إيلى العلى والتى تضم مجموعة من أمهر العازفين فى العالم العربى وتجمع الفرقة فى تشكيلها بين الآلات الشرقية المعروفة إلى جانب الغربية على اعتبار أغانى ماجدة موزعة توزيعا أوركستراليا. وكانت ماجدة أبدت تعاطفا واهتماما خاصا بالشأن المصرى والسورى ورغبتها الشديدة فى مساندة مصر ضد الإرهاب الأسود، الذى أصبح يهدد الوطن العربى الكبير على حسب تعبيرها وليس مصر فقط، وأكدت ذلك خلال كل المناسبات، التى ظهرت فيها، وآخرها حفلها الأخير فى مهرجان «كلاسيكيات دبى» فى دورته الأولى التى اختتمت يوم 8 فبراير، والذى يتزامن مع ذكرى مرور 40 عاما على بداية مشوارها الفنى. ويعد الحفل هو أولى حفلاتها فى عام 2014، وسائل الإعلام المختلفة اهتمت كثيرا بظهور التأثر عليها بما يحدث فى بعض الدول العربية التى تعانى من مشاكل مما دفعها للقول: «سلامى لكل البلدان المتألمة والمجروحة، أنتم فى قلبى وصلاتى». الرومى عرفت بحسها الوطنى العالى وقدمت العديد من الأغنيات الوطنية، ومنها: «نشيد الشهداء» و«بيروت ست الدنيا» و«حاصر حصارك» إلى جانب قصيدتها سيدى الرئيس وغيرها الكثير من الأغنيات، التى تدعو إلى محاربة الشر بالخير والحرب بالسلم والخلاف بالمصالحة والعنف بالحوار لتحقيق التغيير الإيجابى. •• ماجده الرومى تحتفل هذا العام بمرور 40 عاما على مشوارها الفنى الذى يضم محطات كثيرة ومهمة بالدرجة التى جعلتها من أهم مطربات العالم العربى إن لم تكن أفضلهم على الإطلاق من حيث إمكانات الصوت واختيار الكلمات والألحان، وهى من القليلات اللاتى اعتمدن على اختيار القصائد فى زمن كان الكثير من نجوم الغناء يبحثن عن الكلمات البسيطة والجملة اللحنية الراقصة من أجل الانتشار. مشوار ماجدة الرومى يضم ألبومات خدنى حبيبى ومن زمان والعصفورة وضوى يا قمر ويا ساكن أفكارى وكلمات وأبحث عنى ورسائل أحبك وبعد وقيثارة السماء وارحمنى يا الله واعتزلت الغرام وأخيرا غزل فى 2012. ابتدا المشوار وعت ماجدة الرومى على الدنيا وهى تغنّى. وهى ابنة العشر سنوات كان كلّما رآها أحد من الجيران يقول لها «غنى.. وكان أوّل تسجيل غنائى لها هو ترتيل كنيسة حفظته عند الروم البروتستانت بعنوان «ميلادك»، «الهوا هوايا»، «عيون القلب»، وقد كان أوّل انطلاقتها من استوديو الفن عام 74 الذى قدمة سيمون اسمر فى تليفزيون لبنان حيث غنت «يا طيور» للراحلة أسمهان والحان محمد القصبجى، وهذه الأغنية تبرز طبقات صوت «ماجدة»، وكان والدها حليم الرومى قد رفض فكرة الغناء قبل أن تستكمل دراستها، قائلا لها: العلم قبل الفنّ والجامعة قبل الاستوديو وحب الفكر قبل حب الظهور ثم قبل الأمر عندما سمعها تغنى هذه الأغنية ولكنه اشترط عليها أن تستكمل تعليمها. فى 13 أبريل 1975 نشبت الحرب فى لبنان بأول مجزرة فى عين الرمانة وبما أن «كفر شيما» تقع قرب عين الرمانة فقد هرب أهلها منها، وفى ذلك العام سجلت ماجدة أغنيتها الأولى «عم بحلمك يا حلم يا لبنان» من شعر سعيد عقل وألحان إلياس الرحبانى. شاركت فى بطولة فيلم المخرج المصرى يوسف شاهين «عودة الابن الضال» عام 1976 سجّلت أسطوانتها الأولى والتى تضمّنت: يا نبع المحبّة، ما حدا بيعبى مطرحك بقلبى، عم يسألونى عليك الناس وكلّ شىء عم يخلص. وهى نفس السنة التى تألّقت فيها فى مهرجان قرطاج ومن ثمّ واصلت مشاركتها عبر المهرجانات وبات جمهورها ينتظرها فى هذه المناسبات فتطلّ عليه بأغانٍ جديدة وألحان فريدة. السياسة والإنسان ماجدة طوال مشوارها مع الغناء، وهى تبدى اهتماما كبيرا بقضايا الوطن العربى ولها أراء سياسية شديدة الأهمية وعندما سئلت فى العديد من الحوارات عن اهتمامها بالسياسة، قالت: «قضيتى فى الحياة هى الدفاع عن الإنسان وحقه بالعيش بسلام أنا لا أتكلم سياسة، إنما اتحدث بلهجة وطنية، أنا مواطنة من لبنان لى الحق أن أعبر عن رأيى، مثل أى إنسان آخر، خاصة حين يكون بلدنا بخطر والعالم العربى من حولنا يغلى غليانا، تصبح كلمة الحق النابعة من الضمير لها أهمية كبرى، كى لا نكون صامتين مثل صمت شهود الزور. لا أرضى لضميرى أن أكون شاهدة زور، أنا هنا لا أقول إننى مع حرية وسيادة واستقلال لبنان «ولا شعرة ناقصة» عن هذا المعنى، ومع أمن وأمان العالم العربى بأكمله من مصر وسوريا إلى فلسطين والعراق وليبيا وتونس وكل البلدان التى تعانى ظروفا سياسية صعبة، أمنيتى لها أن تكون آمنة وتعيش بسلام، وللبنان، بعد كل الذى حصل وبعد كل الذين رحلوا، ومنذ أن غنيت «عم بحلمك يا حلم يا لبنان» أسير على مبدأ واحد: لا مساومة على أن يكون وطنى سيدا حرا مستقلا، وتكون لدولته هيبتها وهذا هو ما يليق بدماء كل الشهداء الذين سقطوا منذ بداية الحرب حتى اليوم ومن كل الطوائف. ولا تتوقف ماجده عند هذا الرأى فقط بل انها تقول فى آخر حوار لها بدبى أنه على امتداد الدول العربية التى تعانى هذه الظروف الصعبة، هناك سيناريوهات خارجية يتم تطبيقها علينا، ولسوء الحظ مطلوب ممثلين لتجسيد هذه السيناريوهات، ويتم التضحية بهم من أجل هذا الهدف، ولا مشكلة إن مات 300 أو 400 ألف! بالنسبة لهذه السياسة الدولية، نحن شعوب برسم الذبح. من تبقى منا على قيد الحياة بلبنان مثلا، إنما بقى حيا بالصدفة لأنه لم يصادف وجوده فى المكان الخطأ فى الساعة الخطأ، ومن ماتوا إنما ماتوا لأنهم كانوا هناك فى تلك الساعة وذلك المكان. هذا الموضوع يؤلمنى بعمق، وقدمت أكثر من قصيدة بهذا المعنى مثل «سيدى الرئيس»، و»نشيد الشهداء» و»بيروت ست الدنيا» و»حاصر حصارك» وغيرها الكثير مما غنيت، القضية الإنسانية عندى فوق كل اعتبار، بينما هى بنظر السياسة الدولية «أرخص» شىء يتعاملون به. يتم تقديمنا ضحايا على مذبح هذه السياسة، ولسوء الحظ هناك أشخاص من داخل دولنا متورطين مع أهل هذه السياسة، وهؤلاء برأيى أبعد ما يكونون عن الحساب على هذه الأرض، لكن حسابهم عند الله، وأنا إنسانة مؤمنة برب واحد لكل الأديان ولا بد أن يكون لنا وقفة واحدة أمام الله، ولدىّ إيمان كبير بالعدالة السماوية ولا أحد سيفلت من يوم الحساب، خصوصا هؤلاء الذين تسببوا فى أن نغرق بدمائنا ودموعنا. لماجدة الرومى مبادرات إنسانية كبيرة، أهمها أطلقتها فى عام 2012 إنها خصت الجامعة الأمريكيّة فى بيروت، وتحديدا صندوق المنح الدراسيّة، بتبرّع مالى هو عبارة عن عائدات إصدارها الأوّل من ألبومها الأخير «غزل» لتمويل دراسة الطلاب المحتاجين. ولم تبخل ماجدة الرومى بصوتها الجبّار الذى صدح فى بكركى فرنّمت بوقار للحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر «طوبى للسّاعين إلى السّلام»، لدى زيارته التاريخيّة إلى لبنان أمام الآلاف.