قبل نحو ثلاث ساعات من بداية حفل السيدة ماجدة الرومي بقرطاج الذى أقيم مساء الاثنين الماضى امتلأ المسرح عن آخره انتظارا لبداية سهرة رمضانية مليئة بالكلمات التي تحمل مشاعر اجيال من المستمعين والألحان ثراء النغم وعزوبته. تلك المواصفات الغنائية لا تتوافر إلا لدى أصوات قليلة في عالمنا العربي من أبرزهم ماجدة الرومي لذلك جاءت الجماهير مبكرا وانقلبت تونس رأسا على عقب منذ هبوطها إلى أرض المطار. هكذا يستقبل العظماء وتحتفى بهم الجماهير والدول والرومي تستحق كل هذا التقدير. فهي منذ ظهورها قبل نحو 30 عاما وهى تأخذ على عاتقها أحلام وطن مهموم دائما بأزمة التقسيم وكان غناؤها دائما لكى يداوى تلك الأزمة. لم نلاحظ في غناء ماجدة إن كانت مسلمة أم مسيحية. سلفية أم شيعية. كاثوليك أم أرثوذكس. هذه أهم ثمة للمطرب ألا تعرف حدود وطنه أو ديانته، ميوله السياسية. هو فقط يعشق وطنه ويغنى من أجله. وهى كذلك بنت حليم الرومي ابنة لبنان ومصر وكل الأقطار العربية. ذات اللهجات العربية المختلفة المصرية واللبنانية والخليجية لذلك عندما تحل في أي بقعة في الوطن العربي تجد الجميع في استقبالها، المسئولين قبل الجماهير العريضة. وتونس في ليلة ماجدة الرومي نسيت همومها، وأحداثها الساخنة، أجواء الحرب الأهلية، مقتل نشطاء السياسة، الكل تذكر في هذه الليلة أجواء ماجدة الرومي غنائها كلماتها التي ليست كالكلمات. وما أحوج الوطن العربي إلى مزيد من الحفلات التي تلهينا وتنسينا هموم الشارع وسخونته، رائحة الدم التي تفوح من مصر وتونس وليبيا ولبنان والعراق، تنسينا المؤامرات التي لم نعهدها إلا عندما حلت أقدام الإخوان نحو عالم السياسة من جديد وللأسف تواجدهم أصبح في كل الأقطار العربية لذلك زاد حجم الغضب والهم زادت رغبتنا في الاستماع إلى النغم الذى يبحر بنا نحو عالم بعيد، فى هذه الليلة قدمت. ماجدة مجموعة من أشهر أغانيها التى تعبر عن مشوارها الفنى الطويل، الحفل كما كان عرساً للغناء كان أيضا عرساً للحرية خاصة عندما غنت ماجدة أغنيتها الشهيرة بنى وطنى حيث هتف جمهور تونس الذى حضر الحفل ضد النظام التونسى: «يا غنوشى يا سفاح يا قتال الأرواح»، وأرجع الحضور الهتاف إلى مجموعة تمرد تونس، والغريب أن الحفل تزامن مع ليلة خروج نحو 100 ألف تونسى للشوارع ضد النظام الحاكم وهى المليونية التى دعا إليها منذ فترة طويلة، ويبدو أن الحكومة التونسية انشغلت بالأحداث فى الدول المحيطة مثل مصر بالدرجة التى جعلتهم لا يعون أن توقيت حفل الرومى يتزامن مع الدعوة لهذه المليونية، بعد الحفل قام مجموعة كبيرة من الجماهير العربية بنشر هتافات جماهير تونس خلال الحفل على مواقع التواصل الاجتماعى كنوع من تشجيع الجماهير التونسية، كما لم تنس الجماهير تشجيع نجمة الحفل الرومى، وكانت أغلب الرسائل حول فستانها الأبيض والذى شبهه البعض بفستان العرس، جماهير أخرى من مصر وتونس تمنوا أن تغنى ماجدة فى القاهرة ودمشق.