«النمروش» رئيسًا لأركان الجيش الليبي بعد وفاة «الحداد»    الحقنة القاتلة، "فايزر" تعلن وفاة مريض بعد تجربة دواء حصل على موافقة أمريكية    الصحة: نجاح عملية استبدال صمام قلب لمسن فوق 90 عاما بمبرة مصر القديمة    إغلاق الأسهم الأمريكية عند مستوى قياسي جديد    محافظ الغربية يستجيب لشكوى سيدة مسنة ويوفر لها كرسى متحرك ومساعدات إنسانية    لماذا يُواصل صندوق النقد الدولي إقراض نظام السيسي رغم الخراب الاقتصادي في مصر؟    ب"احتفالية ومعرض".. تعليم الأقصر تحيي فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم| صور    مصرع رئيس الأركان الليبى التابع للمجلس الرئاسى ووفد عسكرى بحادث تحطم طائرة.. حكومة الوحدة تعلن الحداد لمدة 3 أيام وترسل وفدا لمتابعة سير التحقيقات فى العاصمة أنقرة.. وحفتر يعزى منتسبى الجيش فى وفاة الحداد    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    ابتزاز داخل مجلس الأمن، واشنطن تتوعد مادورو بعقوبات قصوى لحرمانه من النفط الفنزويلي    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    مطران الكنيسة اللوثرية يوجّه رسالة الميلاد 2025 من بيت لحم: نور المسيح لا يُطفأ رغم الحرب    أمم إفريقيا – إلياس السخيري: الهدف المئوي إنجاز رمزي لي    حسين الشحات يتحدث بعد ارتداء شارة قيادة الأهلي لأول مرة    أمم إفريقيا - بونجاح: درسنا السودان جيدا.. وعلينا المبادرة بالهجوم    لاعب زيمبابوي السابق: أحرجنا منتخب مصر ومرموش كان كابوسًا    مفاجأة في مفاوضات تجديد عقد حسين الشحات مع الأهلي    بالصور.. الشباب والرياضة توضح أسباب اجتماع وزير الرياضة مع مجلس إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب    بمساحة 177 فدانًا.. الزمالك يحصل على أرض بديلة قرب القرية الذكية    وزير التعليم: البكالوريا شبيهة بالنظم العالمية.. وستقلل من الدروس الخصوصية    أخبار × 24 ساعة.. بعثة صندوق النقد: الاقتصاد المصرى حقق مؤشرات نمو قوية    بعد واقعة ريهام عبد الغفور، المهن التمثيلية: ملاحقة قانونية صارمة ضد الصفحات المسيئة للفنانين    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    البياضية والزينية تتألقان باحتفالين جماهيريين في عيد الأقصر القومي (صور)    د. القس رفعت فتحي يكتب: المسيحية الصهيونية.. موقف الكنيسة المشيخية    استمرار ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    بشرى ل 7 محافظات، الصحة تحدد موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    دفنوه في أحضان أمه، أهالي معصرة صاوي بالفيوم يشيعون جثمان الضحية الثامنة لحادث الطريق الإقليمي    انهيار سقف مطبخ وحمام على طابقين بالزاوية الحمراء وإخلاء العقار من السكان (صور)    أخبار مصر اليوم: 6 مليارات جنيه استثمارات "التجارة الداخلية" لإنشاء مناطق لوجيستية، المصريون بالخارج يبدأون التصويت في ال19 دائرة انتخابية ملغاة بانتخابات النواب    السلطات الأمريكية: مقتل عنصر من شرطة ولاية ديلاوير في إطلاق نار    فصل التيار الكهربائي عن بعض قرى دكرنس في الدقهلية الجمعة.. اعرف الأماكن    أبرز تصريحات وزير التعليم عن اهتمام القيادة السياسية بالملف التعليمي    كورال "شباب مصري" يحيي حفل غنائي بقصر الأمير بشتاك، الجمعة    خالد مرتجي: نبحث تطوير كرة القدم داخل الملعب وخارجه    تفاصيل فوز مصر بمعقد في الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية.. فيديو    وزارة العمل: قانون العمل الجديد يضمن حقوق العمال حتى بعد الإغلاق أو التصفية    بفستان أحمر قصير.. إيمان العاصي تثير الجدل في أحدث ظهور    "الوطنية للانتخابات": بدء تصويت المصريين بالخارج بجولة الإعادة في 19 دائرة انتخابية    أحمد رفعت: «الوسط الفني مجاملات وكله محسوبية»    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    تفاصيل البروتوكول الموقع بين القومي لحقوق الإنسان والنيابة الإدارية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    «اليونسكو» تكرم محافظ المنوفية تقديراً لجهوده في دعم التعليم | صور    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدوافع والمنافع.. زيارة المشير السيسى إلى روسيا
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 02 - 2014

نشر المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية دراسة أعدها برنامج الدراسات المصرية بالمركز عن زيارة المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والسفير نبيل فهمى وزير الخارجية؛ منذ أيام إلى روسيا، باعتبارها نقطةَ تحول فارقة فى مسيرة العلاقات المصرية الروسية، خاصة أن الموقف الروسى الحاسم والداعم لثورة 30 يونيو ولإرادة الشعب المصري؛ مثل المحفز الرئيسى الذى تعالت معه الأصوات الداعية لإعادة تفعيل العلاقات بين البلدين على أسس أكثر رسوخا، فى ظل وجود مساحات من التفاهمات المشتركة حول طبيعة التهديدات الإقليمية والدولية وآليات مواجهتها.
دوافع متنوعة
تكتسب الزيارة أهميتها فى ضوء عدد من الاعتبارات التالية: تأتى الزيارة استكمالا للزيارة التى قام بها كل من سيرجى شويجو، وزير دفاع روسيا، وسيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، إلى القاهرة فى 14 نوفمبر 2013، والتى دشنت لاتفاق ينص على عقد لقاءات سنوية بين وزيرى دفاع وخارجية البلدين، لبحث جميع جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ترتبط الزيارة بسعى مصر إلى تنويع روابطها الخارجية، فى ظل ترجمة شعارات ثورة 30 يونيو. نادت بدعم استقلالية القرار الوطنى، التى ترتبط بالحفاظ على مصالح مصر الحيوية من خلال تبنى سياسة خارجية تقوم على التوظيف المناسب لقدرات مصر لخدمة هذه المصالح، بما يعنى ضرورة تطوير منظومة التسلح، وتنويع مصادرها، باعتبارها أحد أهم مقومات القوة الشاملة للدولة المصرية، لا سيما أن روسيا تعد ثانى أكبر مُصدر للسلاح فى العالم، وتستأثر ب26% من إجمالى المبيعات العالمية.
تعكس الزيارة الإدراك المتنامى للجانبين المصرى والروسى لحقيقة أن استقرار مصر يرتبط بالأساس باستقرار المنطقة التى بدت تعانى من اضطرابات عميقة على خلفية تداعيات الربيع العربى. الأمر الذى دفع وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو للقول بأن روسيا تراقب عن كثب التطورات فى مصر، وهى حريصة على أن تظل دولة قوية ومستقرة.
•••
منافع متبادلة
وأشارت الدراسة إلى الإرادة الحقيقية لدى البلدين لتطوير التعاون بينهما، فى ظل تغير أولويات السياسة الخارجية الروسية، وتحررها من القيود الأيديولوجية، وتركيزها على المصالح المتبادلة فى علاقاتها الخارجية. وتأسيسا على هذه الخلفية فإن مصر تقدم لروسيا فرصا واعدة لتعزيز وجودها فى المنطقة العربية من خلال أطر للشراكة بين الجانبين، سواء كانت سياسية، اقتصادية أم عسكرية. وبذلك إن عودة الاستقرار إلى هذه الدول، يصب على المدى البعيد فى مصلحة روسيا بالأساس. أما مصر فإن أبرز المنافع التى يمكن تحقيقها من تعزيز علاقاتها مع الجانب الروسى تتمثل فى ثلاثة ملفات حيوية؛ الأول: ملف الإرهاب، فروسيا لديها خبرات فنية فى مواجهة مشكلات التطرف والإرهاب، مما يسمح بتعزيز التعاون الأمنى فى مجال مكافحته، خاصة بإدراجها جماعة الإخوان المسلمين وعددا من الجماعات الإسلامية المتشددة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لديها.
أما الملف الثانى والأهم فيرتبط بإمكانية استفادة مصر من الدعم الروسى لمواجهة أزمة سد النهضة مع الجانب الإثيوبى، فمصر لديها حقوق مائية تاريخية تكفلها الاتفاقيات الدولية، ومع الثقل الروسى فى المحافل الدولية قد يمثل ذلك دعما لمصر لمواجهة الاعتداء على حقوقها المائية. أما الثالث فهو الملف الاقتصادي؛ حيث ترتبط مصر وروسيا بعلاقات اقتصادية فى مختلف المجالات، أسهمت فى إنشاء العديد من المشروعات العملاقة، مثل: مشروعات الحديد والصلب، والألومنيوم، والسد العالى، وفى ظل رغبة مصر فى إعادة تفعيل هذه المشروعات الحيوية لتأثيراتها الإيجابية على الاقتصاد، كما أن المشروع النووى المصرى بدأ بتكنولوجيا روسية، وهو مفاعل إنشاص، ولا شك أن الاستفادة من الخبرات الروسية المتراكمة فى هذا المجال ستعطى دفعة قوية لتعزيز الاستخدام السلمى للطاقة النووية. يضاف إلى ما سبق أن السياحة الروسية تدعم السياحة المصرية، والتى تصل إلى ما يقرب من مليونى سائح سنويّا.
كما أوضحت الدراسة تداعيات الزيارة على مستقبل العلاقات المصرية الروسية: لا شك أن الزيارة تزامنت مع مجموعة من المتغيرات الحيوية التى سيكون لها مردودها المباشر على مستقبل العلاقات المصرية الروسية، فعلى المستوى الداخلى ثمة استعدادات مصرية لإجراء الانتخابات الرئاسية، حتى أن بعض التحليلات ربطت بين الزيارة وترشح المشير السيسى لخوض السباق الرئاسى عندما أشارت صحيفة "النيويورك تايمز" بأن زيارة روسيا تعتبر الأحدث فى سلسلة الخطوات المدروسة بعناية لانتقال السيسى من المؤسسة العسكرية إلى الرئاسة، كما ركزت الصحيفة على تصريحات بوتين الداعمة لترشح الفريق السيسى لخوض الانتخابات الرئاسية، واعتبرتها أول اعتراف عالمى بترشحه.
أما على المستوى الخارجى، فقد جاءت الزيارة فى ظل وجود توجه داخل مراكز صنع القرار الأمريكية يدعو إلى ضرورة الحد من الارتباطات الأمريكية بقضايا المنطقة، فى ظل تزايد الخسائر التى تكبدتها السياسة الأمريكية فى العراق وأفغانستان، والتى شكلت بداية حقيقية لأزمة الهيمنة الأمريكية. الأمر الذى انعكس على استراتيجية أوباما إزاء التوجه إلى آسيا لمحاولة الحد من الصعود الصينى المتزايد، فضلا عن السعى لخلق فرص اقتصادية مع دول آسيا التى حققت معجزات تنموية.
•••
وعلى خلفية هذه المتغيرات فإن ثمة احتمالين أساسيين لمستقبل علاقات مصر مع موسكو: الاحتمال الأول: هذه الزيارة ربما تفتح الباب على مصراعيه أمام عودة الدب الروسى إلى مناطق النفوذ القديمة فى المنطقة. صحيح أن هذه العودة ستكون مختلفة لأن روسيا اليوم تختلف بشكل جذرى عن الاتحاد السوفييتى فى إطار حربه الباردة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فهى وإن كانت دولة متقدمة من الناحية العسكرية فإنها ما زالت تصنف كدولة متوسطة الغنى من الناحية الاقتصادية، فحجم الناتج المحلى الإجمالى لروسيا لا يتجاوز تريليونى دولار مقارنة بأكثر من 5 تريليونات للصين و15 تريليونا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. وبرغم ذلك فإن احتمالية عودة روسيا تتوقف على حجم التغير فى الاستراتيجية الأمريكية إزاء قضايا المنطقة، ومحاولة تخفيف ارتباطاتها بها. وفى حالة توجه الولايات المتحدة الأمريكية إزاء آسيا فبالتأكيد سينشأ فراغ ربما ستسعى موسكو لملئه عبر علاقات ممتدة مع مصر وسوريا، وربما مع بعض دول الخليج أيضا التى أضحت تتشكك فى نوايا واشنطن بعد توقيع اتفاقها التاريخى مع إيران.
الاحتمال الثاني: إعادة الولايات المتحدة تقييم سلوكها الخارجى إزاء مصر. ويقوم هذا الاحتمال على فرضية واضحة مفادها أن العلاقات المصرية الروسية ترتبط بمتغير وسيط هو العلاقات المصرية الأمريكية، فكلما اتسمت العلاقات المصرية الأمريكية بالتوتر كلما تقاربت العلاقات المصرية الروسية. ويبدو أن هذه الفرضية هى التى وسمت السياسة الخارجية المصرية تجاه موسكو منذ حركة الضباط الأحرار فى 1952وحتى الآن. لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك حيوية علاقاتها مع مصر، خاصة أن العلاقات الاستراتيجية التى استمرت بين البلدين أتاحت لأمريكا العديد من المزايا، أبرزها: الحفاظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، واستخدام الأجواء المصرية، والمرور فى قناة السويس، والتعاون فى مكافحة الإرهاب. ويبدو أن ثمة مؤشرات على إعادة الولايات المتحدة لتقييم موقفها من ثورة 30 يونيو فى ظل تبنى مصر لتنفيذ استحقاقات خارطة الطريق، وتزامن مع ذلك تصويت الكونجرس الأمريكى على مشروع قانون يتيح استئناف المساعدات الأمريكية لمصر. وقد وافقت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى بأغلبية ساحقة فى ديسمبر 2013على هذا المشروع لتخفيف القيود على المساعدات الأمريكية المقدمة لمصر. وأقرت اللجنة مشروع القانون بأغلبية 16 صوتا مقابل صوت واحد.
•••
وخلص المركز الإقليمى إلى أن العلاقة مع روسيا ليست خصما من علاقات مصر مع واشنطن أو الدول الغربية، لكنها تأتى فى إطار التنوع والتوازن المطلوب فى سياسة مصر الخارجية عقب الموجتين الثوريتين. ولا شك أن العنصر الحاسم فى تحقيق هذا التوازن يرتبط فى الأساس بإعادة بناء القدرات المصرية الشاملة وفق منظور المصالح المصرية، واعتبارات أمنها القومى، أكثر من الارتهان بدور القوى الخارجية. وهو ما سيؤدى فى نهاية المطاف إلى التركيز على البعد المصلحى فى علاقات مصر الخارجية، وهى الاستراتيجية الخارجية الأجدى فى عالم اليوم الذى أضحى لا يعترف إلا بالمصالح كمحدد فى علاقات الدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.