رئيس الأركان يشهد تنفيذ البيان العملي لإجراءات التأمين التخصصي لأحد تشكيلات الجيش الثالث    رئيس غرفة القليوبية: تحسن اقتصاد مصر واقعا ملموسا    الرئيس يُكلِّف مدبولى بحكومة جديدة    البيئة تشارك في احتفالية صندوق التنمية الثقافية بقصر «الأمير طاز»    البنك الأهلي يتيح استقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة المدفوعة مقدما    قبل عيد الأضحى.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2024 وجدول الحد الأدنى للأجور    الأقصى لنا!    أمريكا تعاقب محكمة العدل الدولية!!    تشكيل فلسطين ضد لبنان في تصفيات كأس العالم.. وسام أبوعلى يقود الهجوم    «العشرى» يظهر «العين الحمراء» للاعبين قبل مواجهة الأهلى.. وتدريبات شاقة على (فترتين)    أخبار الأهلي: جلسة طارئة بين الخطيب وكولر لحسم الملفات الشائكة.. التفاصيل    صرف إعانة مالية للاعبي إسكو بعد تعرضهم لحادث سير    قبل العيد| ضبط 37 طن لحوم غير صالحة بالقاهرة    السعودية.. الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى    «يقول الشيء وعكسه ويروي قصصًا من خياله».. ماذا قالت اللجنة الطبية عن القوى العقلية ل«سفاح التجمع»؟    مصرع طفلين غرقًا في ترعة الإفرنجية ببني سويف    أول صور من حفل زفاف جميلة عوض وأحمد حافظ    أسامة السعيد: مصر أجرت اتصالات مكثفة لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    جمال شقرة يرد على اتهامات إسرائيل للإعلام: كيف سنعادى السامية ونحن ساميون أيضا؟    توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الثاني من شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أشرف زكي وإيهاب فهمي في مدرجات ستاد القاهرة لمساندة منتخب مصر    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام نوع من الفضل وليس واجبا    رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر العلمي السنوي لأمراض الباطنة    "هجبلك شقة".. ضبط سيدة استولت على 27 ألف جنيه من اُخري بسوهاج    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    10 ذو الحجة كم يوافق ميلادي 2024؟.. صيام العشر الأوائل يبدأ من الغد    خبير تربوى يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    «التعليم» تمد فترة التسجيل في المسابقة الوطنية لشباب المبتكرين.. اعرف آخر موعد    «تموين القاهرة» تضبط أكثر من 11 طن دواجن ولحوم و أسماك «مجهولة المصدر»    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدوافع والمنافع.. زيارة المشير السيسى إلى روسيا
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 02 - 2014

نشر المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية دراسة أعدها برنامج الدراسات المصرية بالمركز عن زيارة المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والسفير نبيل فهمى وزير الخارجية؛ منذ أيام إلى روسيا، باعتبارها نقطةَ تحول فارقة فى مسيرة العلاقات المصرية الروسية، خاصة أن الموقف الروسى الحاسم والداعم لثورة 30 يونيو ولإرادة الشعب المصري؛ مثل المحفز الرئيسى الذى تعالت معه الأصوات الداعية لإعادة تفعيل العلاقات بين البلدين على أسس أكثر رسوخا، فى ظل وجود مساحات من التفاهمات المشتركة حول طبيعة التهديدات الإقليمية والدولية وآليات مواجهتها.
دوافع متنوعة
تكتسب الزيارة أهميتها فى ضوء عدد من الاعتبارات التالية: تأتى الزيارة استكمالا للزيارة التى قام بها كل من سيرجى شويجو، وزير دفاع روسيا، وسيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، إلى القاهرة فى 14 نوفمبر 2013، والتى دشنت لاتفاق ينص على عقد لقاءات سنوية بين وزيرى دفاع وخارجية البلدين، لبحث جميع جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ترتبط الزيارة بسعى مصر إلى تنويع روابطها الخارجية، فى ظل ترجمة شعارات ثورة 30 يونيو. نادت بدعم استقلالية القرار الوطنى، التى ترتبط بالحفاظ على مصالح مصر الحيوية من خلال تبنى سياسة خارجية تقوم على التوظيف المناسب لقدرات مصر لخدمة هذه المصالح، بما يعنى ضرورة تطوير منظومة التسلح، وتنويع مصادرها، باعتبارها أحد أهم مقومات القوة الشاملة للدولة المصرية، لا سيما أن روسيا تعد ثانى أكبر مُصدر للسلاح فى العالم، وتستأثر ب26% من إجمالى المبيعات العالمية.
تعكس الزيارة الإدراك المتنامى للجانبين المصرى والروسى لحقيقة أن استقرار مصر يرتبط بالأساس باستقرار المنطقة التى بدت تعانى من اضطرابات عميقة على خلفية تداعيات الربيع العربى. الأمر الذى دفع وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو للقول بأن روسيا تراقب عن كثب التطورات فى مصر، وهى حريصة على أن تظل دولة قوية ومستقرة.
•••
منافع متبادلة
وأشارت الدراسة إلى الإرادة الحقيقية لدى البلدين لتطوير التعاون بينهما، فى ظل تغير أولويات السياسة الخارجية الروسية، وتحررها من القيود الأيديولوجية، وتركيزها على المصالح المتبادلة فى علاقاتها الخارجية. وتأسيسا على هذه الخلفية فإن مصر تقدم لروسيا فرصا واعدة لتعزيز وجودها فى المنطقة العربية من خلال أطر للشراكة بين الجانبين، سواء كانت سياسية، اقتصادية أم عسكرية. وبذلك إن عودة الاستقرار إلى هذه الدول، يصب على المدى البعيد فى مصلحة روسيا بالأساس. أما مصر فإن أبرز المنافع التى يمكن تحقيقها من تعزيز علاقاتها مع الجانب الروسى تتمثل فى ثلاثة ملفات حيوية؛ الأول: ملف الإرهاب، فروسيا لديها خبرات فنية فى مواجهة مشكلات التطرف والإرهاب، مما يسمح بتعزيز التعاون الأمنى فى مجال مكافحته، خاصة بإدراجها جماعة الإخوان المسلمين وعددا من الجماعات الإسلامية المتشددة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لديها.
أما الملف الثانى والأهم فيرتبط بإمكانية استفادة مصر من الدعم الروسى لمواجهة أزمة سد النهضة مع الجانب الإثيوبى، فمصر لديها حقوق مائية تاريخية تكفلها الاتفاقيات الدولية، ومع الثقل الروسى فى المحافل الدولية قد يمثل ذلك دعما لمصر لمواجهة الاعتداء على حقوقها المائية. أما الثالث فهو الملف الاقتصادي؛ حيث ترتبط مصر وروسيا بعلاقات اقتصادية فى مختلف المجالات، أسهمت فى إنشاء العديد من المشروعات العملاقة، مثل: مشروعات الحديد والصلب، والألومنيوم، والسد العالى، وفى ظل رغبة مصر فى إعادة تفعيل هذه المشروعات الحيوية لتأثيراتها الإيجابية على الاقتصاد، كما أن المشروع النووى المصرى بدأ بتكنولوجيا روسية، وهو مفاعل إنشاص، ولا شك أن الاستفادة من الخبرات الروسية المتراكمة فى هذا المجال ستعطى دفعة قوية لتعزيز الاستخدام السلمى للطاقة النووية. يضاف إلى ما سبق أن السياحة الروسية تدعم السياحة المصرية، والتى تصل إلى ما يقرب من مليونى سائح سنويّا.
كما أوضحت الدراسة تداعيات الزيارة على مستقبل العلاقات المصرية الروسية: لا شك أن الزيارة تزامنت مع مجموعة من المتغيرات الحيوية التى سيكون لها مردودها المباشر على مستقبل العلاقات المصرية الروسية، فعلى المستوى الداخلى ثمة استعدادات مصرية لإجراء الانتخابات الرئاسية، حتى أن بعض التحليلات ربطت بين الزيارة وترشح المشير السيسى لخوض السباق الرئاسى عندما أشارت صحيفة "النيويورك تايمز" بأن زيارة روسيا تعتبر الأحدث فى سلسلة الخطوات المدروسة بعناية لانتقال السيسى من المؤسسة العسكرية إلى الرئاسة، كما ركزت الصحيفة على تصريحات بوتين الداعمة لترشح الفريق السيسى لخوض الانتخابات الرئاسية، واعتبرتها أول اعتراف عالمى بترشحه.
أما على المستوى الخارجى، فقد جاءت الزيارة فى ظل وجود توجه داخل مراكز صنع القرار الأمريكية يدعو إلى ضرورة الحد من الارتباطات الأمريكية بقضايا المنطقة، فى ظل تزايد الخسائر التى تكبدتها السياسة الأمريكية فى العراق وأفغانستان، والتى شكلت بداية حقيقية لأزمة الهيمنة الأمريكية. الأمر الذى انعكس على استراتيجية أوباما إزاء التوجه إلى آسيا لمحاولة الحد من الصعود الصينى المتزايد، فضلا عن السعى لخلق فرص اقتصادية مع دول آسيا التى حققت معجزات تنموية.
•••
وعلى خلفية هذه المتغيرات فإن ثمة احتمالين أساسيين لمستقبل علاقات مصر مع موسكو: الاحتمال الأول: هذه الزيارة ربما تفتح الباب على مصراعيه أمام عودة الدب الروسى إلى مناطق النفوذ القديمة فى المنطقة. صحيح أن هذه العودة ستكون مختلفة لأن روسيا اليوم تختلف بشكل جذرى عن الاتحاد السوفييتى فى إطار حربه الباردة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فهى وإن كانت دولة متقدمة من الناحية العسكرية فإنها ما زالت تصنف كدولة متوسطة الغنى من الناحية الاقتصادية، فحجم الناتج المحلى الإجمالى لروسيا لا يتجاوز تريليونى دولار مقارنة بأكثر من 5 تريليونات للصين و15 تريليونا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. وبرغم ذلك فإن احتمالية عودة روسيا تتوقف على حجم التغير فى الاستراتيجية الأمريكية إزاء قضايا المنطقة، ومحاولة تخفيف ارتباطاتها بها. وفى حالة توجه الولايات المتحدة الأمريكية إزاء آسيا فبالتأكيد سينشأ فراغ ربما ستسعى موسكو لملئه عبر علاقات ممتدة مع مصر وسوريا، وربما مع بعض دول الخليج أيضا التى أضحت تتشكك فى نوايا واشنطن بعد توقيع اتفاقها التاريخى مع إيران.
الاحتمال الثاني: إعادة الولايات المتحدة تقييم سلوكها الخارجى إزاء مصر. ويقوم هذا الاحتمال على فرضية واضحة مفادها أن العلاقات المصرية الروسية ترتبط بمتغير وسيط هو العلاقات المصرية الأمريكية، فكلما اتسمت العلاقات المصرية الأمريكية بالتوتر كلما تقاربت العلاقات المصرية الروسية. ويبدو أن هذه الفرضية هى التى وسمت السياسة الخارجية المصرية تجاه موسكو منذ حركة الضباط الأحرار فى 1952وحتى الآن. لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك حيوية علاقاتها مع مصر، خاصة أن العلاقات الاستراتيجية التى استمرت بين البلدين أتاحت لأمريكا العديد من المزايا، أبرزها: الحفاظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، واستخدام الأجواء المصرية، والمرور فى قناة السويس، والتعاون فى مكافحة الإرهاب. ويبدو أن ثمة مؤشرات على إعادة الولايات المتحدة لتقييم موقفها من ثورة 30 يونيو فى ظل تبنى مصر لتنفيذ استحقاقات خارطة الطريق، وتزامن مع ذلك تصويت الكونجرس الأمريكى على مشروع قانون يتيح استئناف المساعدات الأمريكية لمصر. وقد وافقت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى بأغلبية ساحقة فى ديسمبر 2013على هذا المشروع لتخفيف القيود على المساعدات الأمريكية المقدمة لمصر. وأقرت اللجنة مشروع القانون بأغلبية 16 صوتا مقابل صوت واحد.
•••
وخلص المركز الإقليمى إلى أن العلاقة مع روسيا ليست خصما من علاقات مصر مع واشنطن أو الدول الغربية، لكنها تأتى فى إطار التنوع والتوازن المطلوب فى سياسة مصر الخارجية عقب الموجتين الثوريتين. ولا شك أن العنصر الحاسم فى تحقيق هذا التوازن يرتبط فى الأساس بإعادة بناء القدرات المصرية الشاملة وفق منظور المصالح المصرية، واعتبارات أمنها القومى، أكثر من الارتهان بدور القوى الخارجية. وهو ما سيؤدى فى نهاية المطاف إلى التركيز على البعد المصلحى فى علاقات مصر الخارجية، وهى الاستراتيجية الخارجية الأجدى فى عالم اليوم الذى أضحى لا يعترف إلا بالمصالح كمحدد فى علاقات الدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.