«أمس الأول الثلاثاء كان الروائى الكبير محمد المنسى قنديل على موعد مع قرائه بمكتبة الشروق بالزمالك، لتوقيع كتابه الأحدث الصادر مؤخرا عن دار الشروق، بعنوان «لحظة تاريخ.. ثلاثون حكاية عن زمان العرب». وإن كان الحديث عن الكتاب الأخير ذاب فى مجمل الحديث عن أدب قنديل، فإن التاريخ، خصوصا التاريخ الذاتى لمشروع المنسى قنديل، كان موضوع هذا اللقاء المطول الذى أداره الناقد الكبير د. صلاح فضل، مؤثرا منذ البداية الإدلاء بشهادة شخصية عن صاحب «قمر على سمرقند». واصفا إياه بأنه واحد من قمم الإبداع المصرى والعربى، قال فضل إن محمد المنسى قنديل أحد أذكى أبناء جيله،لافتا إلى تلك السمة التى تميز من يمتهنون مجال الطب، فضلا على موهبته الأدبية الشديدة، والتى عبرت عنها بدايات إبداع قنديل التى وشت بما وصفه ب«عبقرية موهبته»، واستطرد مؤكدا على تلك العبقرية التى تشبه عبقرية نجيب محفوظ فى الدأب. «كل تجربة لها ظروفها»، تفصيلا لتلك الجملة تحدث المنسى قنديل عن مشاريعه الروائية، وظروف كتابة ونشر كل منها، وعند الحديث عن كتابه الأخير «لحظة تاريخ»، قال المنسى قنديل إن هذا الكتاب عنوان مرحلة حائرة من حياتى، لم أكن أكتب فيها القصة أو الرواية، وكنت مشغولا جدا بالتاريخ العربى، وبدأ ذلك منذ أزمة 1967، تلك الهزيمة التى أفقدتنا الثقة فى كل شىء، وأفقدتنى أيضا الثقة فى التاريخ المصرى والعربى». انطلاقا من تلك النتيجة بدأ قنديل النبش فى التاريخ، على أمل كتابة التاريخ الصغير، أى تاريخ البشر العاديين، وليسوا الملوك، من زراع وحرفيين، ومجاهيل، ممن شكلوا ارقام الضحايا فى الحروب والمجاعات. أما إجابة هذا السؤال، سؤال الحيرة، الذى استغرق من الكاتب فضلا على بضعة عقود من النبش، رواية طويلة ك«يوم غائم فى البر الغربى»، والكتاب الجديد، وقبلهما كتاب «وقائع عربية»، أكد الكاتب أنها إجابة سلبية، ربما عكسها التدرج الذى أورده الكتاب الأخير لتجليات الزمان العربى، الذى بدأ منذ الجاهلية بفرسان نبلاء لا يقدر عليهم سوى الموت والزمن، قبل مجىء الإسلام مدشنا لزمان الملوك، ومن ورائه زمن الجلبان أو الخصيان الذين يحكموننا إلى الآن، مسقطا هذا على مصير الثورة المصرية التى بدأت بفائض كبير من الطموح والرغبة فى التغيير، ثم تعرج مسارها حتى وصلت لنقطة ما قبل البداية. تجدر الإشارة إلى أن السيناريو كركن أصيل من إبداع المنسى قنديل كان له حضوره خلال اللقاء مع الكاتب، الذى يجرى تحويل روايته الأخيرة «أنا عشقت» لعمل فنى، يتمنى له صاحب «الوداعة والرعب» مصيرا أفضل من مصير رواية «يوم غائم فى المر الغربى». وأكد الكاتب أنه بالفعل تصدى لكتابة السيناريو، وأنجز أكثر من خمسة سيناريوهات، بيعت بالفعل لمنتجين فنيين، لكنها ظلت حبيسة أدراجهم، بدعوى أنها أفلام مهرجانات لا جماهير، معربا عن أمله فى تبدل حال السينما المصرية، ربما وقتها تحل أزمة أفلامه فى هذا السياق.