«كنا جيلا حزينا، وكانت الكتابة عندنا أشبه بتضميد جرح عميق». طوال الوقت لا يكف محمد المنسى قنديل عن التأكيد على هذه المسألة، فى كتاباته وإبداعاته وحواراته الصحفية، ويفسر ذلك بأنه: «كنا خارجين من أعقاب نكسبة 1967، وصنعت هذه النكسة فينا ما يشبه الاكتئاب الجماعى»، وللآن لم يزل الكاتب السبعينى يكتنز مرارة التفاصيل. قبل ثلاث سنوات من حلم ثورة يوليو، ولد المنسى قنديل عام 1949، ومصر فى طريقها لعودة الروح، فتشبع بالطموحات الاشتراكية، التى بانت آثارها منذ أول كتاباته، قصة «أغنية المشرحة الخالية»، وهى القصة التى جسدت مشاعر طالب طب فقير، وفاز عنها الكاتب بالجائزة الأولى فى نادى القصة عام 1970. بعدها فى نفس العام فاز قنديل بجائزة الثقافة الجماهيرية، عن قصته «الموت فى بر مصر»، ومن هذه اللحظة «بدأ التأسيس لكتابتى الشخصية وأيضا كتابات جيلى بوجه عام». بكلمة جيلى كان يقصد قنديل كتاب جيل السبعينيات، الذى ضم: إبراهيم عبد المجيد،، يوسف أبورية، محمود الوردانى، عبده جبير وغيرهم، لكن هناك ببلدته المحلة الكبرى، كان قنديل عضوا فى جماعة أخرى أو مشروع جيل، ضم إلى جانبه كلا من: د. جابر عصفور، الذى أصبح فيما بعد أحد أكبر النقاد العرب، ود.نصر أبوزيد، والقاص الكبير سعيد الكفراوى، والكاتب جار النبى الحلو، والشاعرين محمد فريد أبوسعدة ومحمد صالح وغيرهم، من الذين جمعهم عشق الكتابة، ومرارة الهزيمة. هذه الهزيمة لم تبرح آثارها وعى ووجدان الكاتب الكبير حتى الآن، فظل كمن يفرغ حقيبة ملابسه بحثا عن شىء صغير، يقلب فى جذور الشخصية العربية، لمعرفة مدى إمكانية تطويرها، أم أنها محكومة بمصير الهزيمة، وقد أثمر ذلك عن ثلاثة كتب تراثية متنوعة هى: «شخصيات حية من الاغانى»، «وقائع عربية»، و«تفاصيل الشجن فى وقائع الزمن»، قبل أن ينجز روايته الأولى «انكسار الروح» والتى أرخ فيها للفترة من 1952م إلى ما بعد 1973، كما أرخ فيها لجيله الذى تشبع بالأحلام العظيمة ثم الهزائم الكبرى، وانتهى به الأمر منكسر الروح وضائعا بعد هزيمة 1967. بعد ذلك كتب قنديل عدة مجموعات قصصية، واشتغل كبيرا للمحررين بمجلة العربى الكويتية، والتى هيأت له فرصة الرحيل حول العالم، وكان ثمرة ذلك روايتان، نشر إحداهما وهى «قمر على سمرقند» والأخرى ضاعت منه وهى مخطوطة، وقد فازت رواية «قمر على سمرقند» بجائزة نجيب ساويرس للاعمال الأدبية، وترجمتها الجامعة الأمريكيةبالقاهرة للإنجليزية، أما آخر أعمال الكاتب الكبير فرواية «يوم غائم فى البر الغربى»، الصادرة مؤخرا عن دار الشروق، وفيها أيضا يواصل بحثه الغائر فى التاريخ المصرى خلال أزمنة وحوادث مفصلية فى تاريخ الوطن. الآن يعكف المنسى قنديل على رواية جديدة عن رحلته من مدينة المحلة إلى القاهرة، وهى امتداد لسيرته الذاتية، التى كتب جزءا منها فى رواية «انكسار الروح»، ولارتباط هذه الرواية بها، ينوى تسميتها «حصار الروح». يذكر أن للكاتب العديد من الأعمال فى العديد من مجالات الإبداع الأدبى أهمها فى القصة القصيرة: من قتل مريم الصافى، احتضار قط عجوز، بيع نفس بشرية، آدم من طين، وعشاء برفقة عائشة. وفى الرواية: الوداعة والرعب الذى تم تحويله إلى فيلم سينمائى بعنوان «فتاة من إسرائيل»، انكسار الروح، قمر على سمرقند، ويوم غائم فى البر الغربى، فضلا عن مجموعة من الكتب التراثية كشخصيات حية من الاغانى، وقائع عربية، عظماء فى طفولتهم، وتفاصيل الشجن فى وقائع الزمن، بالإضافة إلى سيناريو فيلم سينمائى، ونحو 12كتابا للأطفال.