كتب مايكل دوران كبير زملاء مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط فى معهد بروكينجز وماكس بوت كبير زملاء بمجلس العلاقات الخارجية، مقالا نشر بجريدة النيويورك تايمز تناولا فيه امكانية تحويل الاتفاق النووى المؤقت مع إيران إلى اتفاق مكتمل. فقد راهن الرئيس أوباما على نجاح سياسته الخارجية بهذه المقامرة الجريئة. لكن المناقشة بشأن الاتفاق النووى صرفت الانتباه عن رهان أكثر خطورة قام به أوباما، وهو فكرة أن تصبح إيران شريكا متعاونا فى الأمن الإقليمى. ورجح الكاتبان أن أوباما ووزير خارجيته جون كيرى يحلمان بضربة المعلم الخاصة ب«ذهاب نيكسون إلى الصين». وهما يسعيان بهدوء لإحداث إعادة اصطفاف استراتيجى يعتقدان أنه سوف ينهى عقودا من الحرب شبه المفتوحة بين إيرانوالولاياتالمتحدة وحلفاء كل منهما. ونحن نرى أن إدارة أوباما تريد أن يحل محلها «توافق» القوى الكبرى، روسياوأمريكا والدول الأوروبية وإيران، التى تعمل معا من أجل استقرار الشرق الأوسط. ••• ويشير الكاتبان إلى أن كيرى لم يخف رغبته فى إشراك إيران فى محادثات السلام السورية المقرر عقدها هذا الأسبوع فى جنيف. وعلى نحو أكبر بكثير من الإدارات السابقة، أحجمت الحكومة الحالية عن مواجهة الآليات الإيرانية فى العراقوسوريا ولبنان. ويرى الكاتبان أن هناك سببين رئيسيين لمحاولة التحول هذه. أحدهما ببساطة هو رغبة الرئيس فى إخراج الولاياتالمتحدة من الشرق الأوسط. أما الآخر، ويُقال إنه أكثرهما أهمية، فهو الخوف من القاعدة. ••• ويتوقع الكاتبان أن تفشل استراتيجية أوباما ويصفاها بأنها طموحة على نحو مذهل. وذلك لتجاهلها حقيقة أن إيران تختلف عن الصين إبان فترة نيكسون؛ حيث لا يوجد عدو مشترك يجبر طهران على التعاون مع واشنطن، لا تشترك إيران مع الولاياتالمتحدة فى عدو مشترك يجبرها على الاتحاد معها. فمع أن وكلاء إيران يحاربون المتطرفين، إلا أن إيران نفسها تعاونت مع القاعدة وغيرها من المتطرفين السُّنة كحماس وطالبان عندما يخدم القيام بذلك مصالحها. ذلك أن حكام إيران لا يعتبرون القاعدة عدوا وجوديا مساويا ل«الشيطان الأعظم» (كما يرون الولاياتالمتحدة). وفى المقابل كان ماو يرى الاتحاد السوفييتى تهديدا كافيا لتبرير التحالف مع «الإمبرياليين الرأسماليين» فى واشنطن. وثانيا تعلق إيران المستمر بأحلام الهيمنة الإقليمية. وليس هناك ما يدل على أن انتخاب رجل الدين «المعتدل» حسن روحانى رئيسا غيَّر أى شىء. فعلى العكس من ذلك، تصعِّد إيران دعمها للمقاتلين فى المنطقة. إذ وردت مؤخرا تقارير عن أن إيران تهرِّب صواريخ متطورة طويلة المدى لحزب الله عن طريق سوريا وقد أرسلت سفينة محملة بالأسلحة المرسلة إلى المعارضين الشيعة للحكومة السنية البحرينية، لكن سلطات المنامة قامت باعترضها. لم تفعل إيران فى عهد الرئيس روحانى ما يقلل من دعمها لنظام بشار الأسد فى سوريا. فالواقع أنها قامرت بكل شىء بإرسالها أعدادا كبيرة من عملائها وحلفائها من حزب الله، إلى جانب كميات كبيرة من الذخيرة، لمساعد النظام على البقاء فى السلطة. وتولد لعبة القوة الخاصة بإيران ردود أفعال عنيفة من السنة الذين على قدر كبير من التشدد أثناء ذلك. وتلك هى المشكلة الثالثة والأخيرة التى سوف تقضى على محاولة أوباما الوصول إلى إيران. ••• ويشير الكاتبان إلى امتداد النفوذ الجهادى من غرب العراق إلى سوريا المجاورة، حيث يرد السُّنة بالقدر نفسه من العنف على الهجوم الذى تشرف عليه إيران للإبقاء على نظام الأسد العلوى فى السلطة. ومع تقديم الولاياتالمتحدة القليل من التأييد لعناصر المعارضة المعتدلة، أو لا تقدم شيئا بالمرة، فإن الجماعات المتطرفة كجبهة النُصرة والدولة الإسلامية فى العراقوسوريا (وهى فرع من القاعدة فى العراق) تبرز بشكل كبير بين القوات المتمردة. سوف يزداد الأمر سوءا إذا سُمح لإيران بالإبقاء على برنامجها النووى بمباركة دولية. وقد أوضحت المملكة العربية السعودية أنها مستعدة لصنع قنبلتها، بينما هددت إسرائيل بتوجيه ضربة من جانب واحد للمنشآت النووية الإيرانية. ••• وفى الختام يحذر الكاتبان من أن تكون لآمال أوباما الخاصة بالاستفادة من الانفتاح على إيران من أجل استقرار الأوضاع فى الشرق الأوسط ردود أفعال عنيفة. فمن المرجح أن تضطر أمريكا للعودة إلى دورها التقليدى فيما قبل عام 1970 باعتبارها قائد تحالف مواجهة المخططات الإيرانية. والمكان الذى تبدأ منه ذلك هو سوريا التى هى الآن نقطة البداية فى الصراع بين الكتلتين الإقليميتين. ومن المؤكد تقريبا أن محاولة جر الإيرانيين إلى حل يتم التفاوض عليه سوف يعنى إبقاء الأسد فى السلطة. ويعطى هذا بدوره ميزة للمتطرفين السُّنة