كتب توماس إردربنك مقالا نشر بجريدة النيويورك تايمز تناول فيه سعى الولاياتالمتحدةوإيران لإجراء مفاوضات بشأن برنامج إيران النووى، وكيف انهما وجدا نفسيهما على الجانب نفسه من مجموعة القضايا الإقليمية المحيطة بتمرد يستعر عبر الشرق الأوسط. ويقول الكاتب، بينما تواصل الحكومتان بهدوء السعى لتحقيق مصالحهما المتنازع عليها غالبا، فإنه تجعلهما معا معارضتهما المشتركة لحركة المقاتلين السنيين الشباب الدولية الذين يرفعون وهم على شاحناتهم الصغيرة ممسكين ببنادقهم الكلاشنكوف راية القاعدة السوداء على طول خطوط النزاع فى سورياولبنانوالعراق وافغانستان واليمن. وترى الولاياتالمتحدة، المترددة فى التدخل فى صراعات دموية غير محسومة، أن تأثير الإقليمى يتآكل، بينما العراق، الذى كلف الأمريكيين تريليون دولار وأكثر من 4 آلاف، على قدر كبير من عدم الاستقرار. وفى الوقت نفسه فإن إيران، التى يسيطر عليها الشيعة، والقطب المغناطيسى الذى يجتذب الأقلية الشيعية فى المنطقة، لديها أسبابها للقلق، حيث يهدد الجيش المهلهل من المقاتلين السنة سورياوالعراق، وكلاهما حليف مهم، وتخفض الولاياتالمتحدة قواتها فى أفغانستان. ••• ويتطرق إردربنك إلى عرض إيران منذ أيام الانضمام إلى الولاياتالمتحدة فى إرسال المساعدات العسكرية للحكومة الشيعية فى بغداد الغارقة فى قتال الشوارع مع المقاتلين السنة المتشددين فى الأنبار معقل السنة. أشار إلى قول وزير الخارجية جون كيرى إنه يتصور دورا إيرانيا فى مؤتمر السلام المقبل بشأن سوريا، على الرغم من أن يخطط الاجتماع لسوريا بعد استقالة الرئيس بشار الأسد، وهو حليف إيرانى مهم. ويشير الكاتب إلى أن البعض يرى أن الخطوات الإيرانية تعكس البراجماتية الماهرة، التى يتسم بها الرئيس الإيرانى الجديد حسن روحانى ووزير خارجيته، تهدف إلى بناء بلدهما لتصبح قوة إقليمية. ويرى آخرون أن المهم فى المصالحة المحتملة هو أن هذه الخطوات وسيلة لإعطاء انطباع زائف يهدف إلى خداع الغرب كى يرضى عن إيران بينما تسعى طهران للحصول على الأسلحة النووية وتدعم جهادييها فى أنحاء المنطقة. ومع ذلك يرى الإيرانيون خارج المعسكر الإصلاحى المصالح المشتركة على أنها أمر لا يمكن إنكاره. فقد قال أحدهم، وهى عزيز شاه محمدى المستشار السابق لمجلس الأمن القومى الأعلى: «من الواضح أننا نتوصل بشكل متزايد إلى أرض مشتركة مع الأمريكيين. ولا ينبغى لبلد ما أن يكون له عدو أبدى، لا نحن ولا الولاياتالمتحدة». ويشير الكاتب إلى قول ما شاء الله شمس الفائزين الصحفى الإصلاحى الإيرانى البارز الذى يتابع ما يجرى فى العالم العربى عن كثب: «نحن نواجه العدو نفسه، وعدو عدوى صديقى». وقد تذكر كيف أن عملات الاستخبارات الإيرانية قدموا معلومات موثوقا بها للقوات الخاصة الأمريكية التى كانت تقاتل عدو إيران، طالبان أفغانستان، فى عام 2001. وبينما اعترفت إدارة أوباما بأن لدى إيران القدرة على أن تكون لاعبا مؤثرا فى القضايا الإقليمية من أفغانستان إلى سوريا، فقد قال مسئولون رفيعو المستوى إنهم يركزون بشدة على المفاوضات النووية. كما أشار إلى أن التعاون بشأن أية قضايا أخرى يتوقف بشكل كبير على التوصل إلى اتفاق على برنامج إيران النووى. ••• ويشير إردربنك إلى أن ذوبان جليد العلاقات يعود إلى عام تقريبا، حيث اقترح البلدان أفكارا طالما كان يُظن أنها مستحيلة، وهو الأمر الذى أغضب بشدة أقرب حلفاء واشنطن الإقليميين، أى المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وفى الربيع الماضى وضعت سلسلة من المحادثات السرية التى جرت فى عُمان وجنيف أساسا لإعادة بناء العلاقات التى انقطعت قبل ثلاثة عقود بعد احتجاز الطلاب الإيرانيين دبلوماسيين أمريكيين رهائن فى طهران الثورية. وفى سبتمبر جاء الاتفاق، الذى يعود الفضل فيه إلى الرئيس الروسى بوتين لكن إيران دعمته بالكامل وشاركت فى هندسته، على نزع الأسلحة الكيماوية السورية. وبعض وقت قصير أجرى الرئيس أوباما والسيد روحانى محادثة هاتفية تاريخية، وفى أواخر نوفمبر عقدت الولاياتالمتحدة وغيرها من القوى العالمية اتفاقية نووية مؤقتة مع إيران هى الأولى خلال 10 سنوات. قال السيد شمس الفائزين: «ها هم المتطرفون يهددون أمننا مرة أخرى، وكما فى 2001، سوف يتعاون البلدان مع بعضهما فى العراق، ومن المحتمل فى أماكن أخرى كذلك. هذه بداية التعاون الإقليمى». لكن ذوبان جليد العلاقات سيجلب أخطارا لأوباما وروحانى اللذين سيظلان عرضة للنقد من المحافظين فى كلا البلدين. فقد قوبلت دعوة كيرى إيران للانضمام إلى مؤتمر جنيف كمراقب برفض غاضب من المتشددين الإيرانيين. لكن يبدو أن مشاركة طهران الكاملة فى المؤتمر ستجلب مشاكل أعمق، حيث تهدف المحادثات إلى التخطيط لسوريا بعد تنحى حليف إيران القديم بشار الأسد. من جهة أخرى، يقول منتقد السياسة الأمريكية إن حكومة أوباما تقوى إيران على حساب الحلفاء التقليديين، وخاصة المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وهم يقولون إن إيران لم تتراجع عن دعمها لحلفائها الإقليميين كحزب الله والجماعة الشيعية فى لبنان وبشار الأسد، وهى متورطة بشدة مع الحكومة الشيعية فى العراق. كما يقولون إنه علاوة على ذلك فإن الاتفاقية النووية النهاية فى حال التوصل إليها سوف تخلص إيران من العقوبات الاقتصادية التى تشل حركتها وتحيى اقتصادها وتوفر لها المزيد من الموارد لبسط نفوذها فى المنطقة، بينما تحرم الغرب من القوة الدبلوماسية للضغط على إيران. ••• وفى ختام المقال يعرض الكاتب رؤية محللين بأن إيران نجحت فى الإبقاء على الأسد فى السلطة وتمارس نفوذا كبيرا على جارتيها العراقوأفغانستان. وهم يرون أن عدو إيران الإقليمى، المملكة العربية السعودية، على شفا الانهيار. ومع ذلك يقول شاه محمودى المستشار السابق الذى يرأس معهدا يروج للحوار بين السنة والشيعة: «نحن قلقون على المملكة العربية السعودى التى تبدو ضعيفة وربما تكون غير مستقرة. وحتى نحن باعتبارنا منافسا لهم نرى كل النتائج المرعبة إن اضطربت الأمور هناك».