رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات يشارك في برنامج تقنيات إعادة التدوير بألمانيا    وجهان لعملة واحدة.. نتنياهو وحماس!    كيف تحول بيراميدز من ناد استثماري إلى صائد للبطولات؟    مائل للبرودة في هذا التوقيت، الأرصاد الجوية تعلن حالة طقس الغد    مصر تستضيف الاجتماع الإقليمي حول تقنيات التشعيع برعاية وكالة الطاقة الذرية    خالد علي: استبعاد هيثم الحريري من انتخابات النواب يتنافى مع روح العدالة الدستورية    ننشر تعريفة ركوب سيارات الأجرة بمحافظات مصر بعد تحريك أسعار الوقود    فيديو.. عمرو أديب: الذهب أصبح عملة وأسعاره جنونية    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    زراعة المنوفية: تنقية الحيازات وضبط منظومة الدعم للمزارعين    جامعة القاهرة تستعرض الأطر الأخلاقية والقانونية لتنظيم الذكاء الاصطناعي    موعد إطلاق وثيقة الأزهر الشريف لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي    بن جفير يدعو نتنياهو لاستئناف العدوان على غزة    وزير الخارجية: إطلاق مبادرة لتعزيز التكامل الاقتصادي بين دول البحر الأحمر ضمن فعاليات منتدى أسوان    الجيش الإسرائيلي يعلن التعرف على هوية جثة رهينة إضافية    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    «الأمم المتحدة» تطلق عملية واسعة النطاق لإزالة الأنقاض في غزة    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    وليد صلاح الدين: معاناة اللاعبين من الإجهاد بسبب التوقف الدولي.. وتوفير طائرة خاصة ساعدنا    يونس: بيزيرا "هدية ثمينة" من جون إدوارد..وديكيداها بداية جديدة ل "فتوح"    يشم ويمضغ العشب.. زميل رونالدو يكشف عاداته في التدريبات    أحمد حمودة: توروب شخصيته قوية.. وإمام عاشور الأفضل في مصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19-10-2025 والقنوات الناقلة لها    موعد مباراة ريال مدريد وخيتافي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    بتهمة خطف اشخاص السجن المؤبد ل4 متهمين و15 عاما لآخر بقنا    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    بعد إشعالها حفل الجونة، ساويرس يوجه رسالة ل نانسي عجرم    ياسر جلال يكشف وصية الرئيس السيسي: أوصاني باحترام الدكتور مرسي خلال مسلسل الاختيار    عمرو سعد يتألق في الدراما والسينما ب3 مشاريع جديدة    السياحة والآثار: الوزير لم يتخذ أى إجراءات قانونية ضد أى صحفى    سامح الصريطي: الفن يرتقي بالإنسان وليس مجرد تسلية    منطقة كفر الشيخ الأزهرية: اليوم أخر أيام التقديم لمسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    رئيس الرعاية الصحية: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية    خدمات توعوية وفحوص طبية.. كل ما تريد معرفته عن مبادرة "صحة الرئة"    إصابة 12 طالبا بالجدرى المائى بمدرسة فى المنوفية    بعد الزيادة الأخيرة.. الوادي الجديد تعلن تفاصيل سعر أسطوانات البوتاجاز بالمراكز والقرى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    أمل جديد .. طرح أول لقاح يحمى من الإيدز بنسبة 100% يؤخذ مرة كل شهرين    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    خروج 6 مصابين بعد تلقى العلاج فى حادث انقلاب سيارة وإصابة 13 بالمنيا    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    استعدوا لأشد نوات الشتاء 2026.. الإسكندرية على موعد مع نوة الصليب (أبرز 10 معلومات)    «زي النهارده».. توقيع اتفاقية الجلاء 19 أكتوبر 1954    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    100 فكرة انتخابية لكتابة برنامج حقيقي يخدم الوطن    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد خماسية النصر.. موقف الهلال والفتح    شبورة كثيفة وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن طقس مطروح    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الجنزورى فى مذكراته»: ملوك ورؤساء
«الشروق» تنشر مذكرات «الجنزورى».. «سنوات الحلم .. والصدام ..والعزلة.. من القرية إلى رئاسة الوزراء» (11)
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 12 - 2013

عن سنوات النشأة والكفاح والانتقال من القرية إلى القاهرة مرورا بسنوات الدراسة ونهاية بتولى المناصب المرموقة حتى نهاية حكومته الأولى عام 1999، تدور أحداث الكتاب الذى بين أيدينا، والصادر حديثا عن دار «الشروق»، (طريقى.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء ) للدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق.
فى الحلقات الماضية، دار حديث الجنزورى عن علاقته بكبار موظفى الرئاسة وزملائه فى الحكومة.. وفى هذه الحلقة يتوقف صاحب هذه المذكرات طويلا أمام لقاءاته بقادة دول العالم وعلى وجه الخصوص، قادة دول العالم العربى.
التقيت القذافى فى إحدى الزيارات فسألنى «إنت بتشتغل إيه؟!».. وكان شخصية متناقضة ويبدأ حديثه دائمًا بمهاجمة أمريكا
صدام حسين كان حاد الطبع وداخله «شعور قوى بالعظمة».. ويحق لنا أن نطلق على زايد آل نهيان لقب «شيخ العرب»
التقيت الملك الحسين بن طلال فى حضور عرفات.. وكان من الواضح فقدان الثقة بينهما
الملك عبدالله قال إننى غيرت الكثير فى مصر للأفضل فصمت مبارك
كلما سألت مسئولًا سوريًا عن «مذبحة حماة» أجابنى: الشعب قضى على الخونة
زرت بيروت فى 1998 فوجدتهم يرفعون صورة عبدالناصر وأعلام مصر ولبنان مع صورتى
شاءت ظروف العمل والمنصب أن أحظى بالاستماع والحديث إلى العشرات والعشرات من الرؤساء والملوك ورؤساء الوزارات من مختلف دول العالم. وها نحن بعد مرور ثلاثة عقود على هذه اللقاءات بين القادة العرب لم يتحقق، ما كان مستهدفا، ويكفى مثلا أن التجارة البينية للدول العربية لم تصل إلى نحو 10 ٪ من إجمالى تجارة هذه الدول مع دول العالم.
الملك حسين بن طلال (ملك المملكة الأردنية الهاشمية 19521999)
الحديث والاستماع إليه يؤكد أنه سياسى بارع، وجم الأدب، يُخجِل من يقابله. وأذكر عندما كنت نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتخطيط فى زيارة رسمية للمملكة كان الملك خارج المملكة. وفى مطار عمان فى طريقى للعودة إلى مصر طلبنى رئيس الديوان الملكى، راجيا العودة للقاء جلالة الملك، الذى كان قد عاد منذ قليل، ورجعت فورا وقابلته وظل الاجتماع نحو الساعة. وتناول الحديث الوضع العربى والإقليمى والدولى.
ولا يفوتنى أن أذكر حضورى لقاءات تمت بين الملك حسين وبين الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات رغم أن ظاهرها كان يتسم بالود وتبادل الأحضان، لكنها كانت تحمل فى طياتها بوضوح فقدان الثقة بينهما.
الملك الحسن الثانى (ملك المغرب 19611999)
عند اللقاء به تلاحظ على الفور فخامة الملوك، تعتبره الحاشية أمير المؤمنين، ثقافته العالية تبرز جوانب عديدة من العلم والمعرفة، كان قليل الكلام يجيد الاستماع، معلوم عنه أن لقاءاته مع الرؤساء أو الوفود لا تتجاوز ثلاثين دقيقة، لقد لاحظت فى لقاءاته أكثر من مرة، أنه لم يتطرق إلى مصر وشعبها كعادة حكام العرب، غير أنى لم أشك أن هذا الأمر ليس فيه إقلال من قدر مصر وشعبها، فلعل ثقافته الغربية أسقطت من حديثه المجاملة.
وقد كان من ضمن اهتماماته الأساسية قضية الصحراء الغربية، وقد وضح ذلك عندما شاركت فى لقاء بينه وبين الرئيس الجزائرى بوتفليقة وبحضور الرئيس، ظهر فيه عدم رضا أو توافق فيما بينهما.
الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (ملك المملكة العربية السعودية 1982-2005)
لم أحظ باللقاء والحديث مع جلالته إلا فى السنوات الأخيرة عندما ألم به المرض، كان هادئ الطبع، مشجعا لمن يلقاه بالحديث والاستماع من جانبه، كان يؤكد دائما حبه وتقديره لمصر وشعبها.
عند بدء وقوع عدوان العراق على الكويت فى الثانى من أغسطس 1990، كنت فى مطار القاهرة مع الرئيس، فى توديع الشيخ زيد آل نهيان، واتصل الملك فهد بالرئيس طالبا الإسراع إلى عقد اجتماع للقمة العربية فعُقدت على الفور، وتمت الموافقة على تصحيح الوضع مع الكويت بأغلبية ضئيلة (11 من 20 عضوا)، وذلك باتخاذ إجراء عسكرى تشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية، مع قوات من الجيش السعودى ومن الجيش المصرى، وبصورة أقل من الجيش السورى.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (ملك المملكة العربية السعودية منذ 2005) شرفت بلقائه عندما كان وليا للعهد، وهو يحمل سمات الشهامة العربية الصافية ويتمتع بذكاء بالفطرة وبخبرة عالية، ويظهر دائما الحب والتقدير لشعب مصر. وهو سلوك ونهج ملوك المملكة العربية السعودية جميعا وفاء لوصية الأب الملك عبدالعزيز آل سعود.
ومن خلال لقائى مع جلالته فى زيارته لمصر عندما كان وليا للعهد وكنت رئيسا للوزراء، كان حريصا على دعم الاقتصاد المصرى قولا وفعلا.
وبهذه المناسبة لا أنسى ما قام به الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود فى ديسمبر 1967، حينما اجتمعت القمة العربية لتناقش دعم مصر بعد النكسة، وكان أول الداعمين، الأمر الذى بدا غريبا على الساحة العربية والدولية، إزاء ما ناله من هجوم من إعلام مصر خلال مدة سبقت.
أذكر هنا واقعة حدثت فى منتصف أبريل سنة 1998 عندما كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود فى زيارة لمصر حين كان وليا للعهد. وكنت مع الرئيس فى استقباله مع عدد قليل من الوزراء، وبعد مصافحة الجميع، أشار الملك إلىّ، قائلا إن هذا الرجل غيّر الكثير فى مصر إلى ما هو أفضل، ولم يعلق الرئيس، وقلت فى نفسى شكرا سمو الأمير. وأذكر كذلك أنه كان دائما يظهر حبه وتقديره للشعب السورى أيضا.
الشيخ زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات (19712004)
يحق علينا أن نطلق عليه شيخ العرب، كان لديه قدر كبير من الحكمة، فمبعث تعامله مع الرئيس حبه لمصر وشعبها، ظهر هذا واضحا قولا وفعلا. وكان يزيد على الآخرين فى مقدار دعمه لمصر ورئيسها، كان لا يفضل أن يكون الدعم نقديا، بل كان حرصه ورؤيته أنه من الأفضل أن تسهم دولة الإمارات مباشرة فى مشروعات التنمية التى تعود بالخير على الشعب المصرى. ومن ذلك فى مجال الزراعة، مشروع استصلاح وزراعة مساحة 40 ألف فدان شرق قناة السويس عند منطقة الدفرسوار وترعة الشيخ زايد. وأيضا مد الفرع الرابع للترعة الرئيسية بمشروع توشكى واستصلاح حوالى 100 ألف فدان، وغير ذلك من المشروعات الأخرى.
السلطان قابوس بن سعيد (سلطان عمان 1970 الآن)
شخصية هادئة لا تتكلم إلا همسا، يحب أن يستمع أكثر من أن يتكلم، كانت لقاءاتنا معه تبدأ فى مجموعة قليلة مع الرئيس، تستمر نحو 20 إلى30 دقيقة، ينفرد بعدها بالرئيس لمدة قد تطول لساعات.
ويحق أن أذكر لشخصه الكريم أنه حينما قاطع العالم العربى مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد، واصل إرسال دعم محدود دورى لمصر خلال الفترة من 1979 إلى 1989 رغم القطيعة من جانب الدول العربية.
الرئيس حافظ الأسد رئيس سوريا (19702000)
شخصية متحدثة لا يمل الحديث، عنده قدرة على الإطالة تستمر ساعة أو أكثر، حينما كنا نلتقى فردا أو وفدا أو مع الرئيس، كان الحديث كله له، يتكلم عن التاريخ الإسلامى وعن الحكم العباسى والفاطمى والمملوكى والتاريخ الحديث. الكل يسمع ما يقول ويكرر ولا يتوقف ولا أحد يسأل.
كان زعيما لحزب البعث السورى المصدر الرئيسى لحزب البعث العراقى الذى يمثل حكم الفرد بشكله الحقيقى حسب ما شاع عليه وعنه فى الكثير من دول العالم العربى، كان يحكم بحسم وشدة ولكن يبدو هادئا، غير أنه إذا استشعر شبهة خطر من أى من تجمعات المعارضة، يقضى عليها فورا من دون أن تسمع عنها من جديد.
ويكفى ما حدث فى مدينة حماة التى مثل أهلها تيارا دينيا معارضا، فقضى عليه فى يوم وليلة. والعجيب حينما كنا نجتمع مع المسئولين السوريين على اختلاف مكانتهم، ونسأل عن هذه الواقعة البشعة، يقولون قولا واحدا، إن الشعب هو الذى قام بالقضاء على هؤلاء الخونة.
وللحق أقول، إننى التقيت بقيادات العالم العربى وأتيحت الفرصة لى أن أقابل بعض أفراد شعوبها. وأقول: إن الشعب السورى من أكثر الشعوب العربية قربا للشعب المصرى.
الرئيس صدام حسين رئيس العراق (19792003)
شخصية حادة الطبع، صارمة كل الصرامة قولا وفعلا، لديه شعور قوى بالعظمة، ويرى أنه الزعيم الأوحد القادر على مواجهة أى أخطار تواجه العالم العربى، كنا حينما نقابله يذكر مصر بالخير، لأنه عاش فيها شبابه، ولكن لم يترجم هذا القول بالعطاء لمصر.
أذكر حينما كنا فى زيارة للعراق عقب المعركة الأخيرة المعروفة بالفاو بين العراق وإيران، وبعد أن سبقنا الأخ المهندس حسب الله الكفرواى، ليرى ما يمكن أن تقوم به مصر فى إعادة تعمير العراق، عاد غير راضٍ، حيث لم يعرض الجانب العراقى قدرا مناسبا لمساهمة مصر فى إعادة تعمير العراق، ثم كانت زيارتنا وتحدث الرئيس صدام وأطال فى ذكر كل الخير لمصر، وكنت والمهندس سليمان متولى والمهندس ماهر أباظة مع الرئيس نستمع دون مقاطعة، وانتهى الحديث دون الإشارة إلى مساهمة مصر فى تعمير العراق.
ولم أستطع السكوت وقلت بعد الاستئذان، إننى كمواطن مصرى عربى، أحب أن أنقل رؤية تحدد العلاقة بين الشعب المصرى والشعب العراقى. لا أتكلم عن مشاركة المصريين فى العراق مع إخوانهم العراقيين أثناء الحرب التى طالت سنوات، شارك المصريون فيها مباشرة وفى تحمل همومها مما يؤكد مدى الحرص على مساندة الشعب العراقى، لم يترك المصرى داره مثلا فى جنوب الوادى حاملا فأسه لزراعة الأرض فى البحيرة أو الشرقية أو الغربية، ولكن الغريب أنه أتى إلى العراق وحمل الفأس وزرع فى أرض العراق، مع أنه اعتاد ألا يزرع إلا أرض مصر. لهذا يقول المصريون اليوم: لماذا لا نشارك فى تعمير العراق بالقدر الذى يتناسب وعلاقاتنا وقدرنا المشترك؟!
صمت الرئيس صدام، ولم يرد إلا بابتسامة خفيفة، وأشار بيده لأحد المساعدين.. وقال:
لنذهب إلى قاعة الغداء.
ونحن على مائدة الغداء، قلت فى نفسى، ما قلته كان لا بد وأن أقوله، فكيف نساهم ونشارك فى الدفاع عن العراق، وحينما يأتى الوقت الذى يحق لمصر أن تحصل على عائد لشعبها، نواجه بهذا التعامل.. لا أملك إلا أن أقول لك الله يا مصر.
لكن بعد أسبوع طلبنى السفير العراقى سمير نجم بالقاهرة لأسافر لزيارة العراق.. وفعلا سافرت وقابلنى الرئيس صدام، وطال الحديث لنحو الساعة عن العالم العربى والدولى، وتناول الحديث من جانبه التأكيد على حب مصر وشعبها، كما تناول الشأن العربى وكان به الكثير من القوة والعنف والقليل من السياسة.
العقيد معمر القذافى رئيس ليبيا (1969 2011)
شخصية تحمل كل المتناقضات، الذكاء والغفلة والصمت والثرثرة، القول فى بداية الحديث ونقضه فى نهايته. كان تكرار لقائى معه كثيرا وكان حديثه دائما يبدأ بالهجوم على أمريكا، يصب عليها غضبه وشتائمه، ولعل ذلك مصدره أساسا ما قامت به الطائرات الأمريكية فى عهد الرئيس ريجان من هجوم على منزله، وقتل أحد أفراد أسرته ب«التبنى».
كان هجومه على أمريكا وأيضا على دول الخليج فى كثير من الأحيان غير منطقى.. وعادة بعد السب والهجوم، ينتقل بحديثه من موضوع إلى آخر وينطق فى بعض الأحيان بألفاظ أو بكلمات بدوية، يصعب فهمها. ولم ألحظ فى أى مرة أنه بدأ موضوعا وأتمه أو انتهى منه قبل أن يفتح موضوعا آخر.
وأذكر أنه فى زيارة من الزيارات كان مفترضا أن يحضر عشاء فى قصر عابدين، ولكن قبل الموعد بقليل طُلب منى أن أذهب فورا إلى القصر لألتقى الرئيس القذافى. ولا أعلم لماذا، وحينما ذهبت ودخلت وجدته جالسا منفردا ينظر إلى سقف الحجرة، وألقيت عليه السلام، وأشار بيده من دون أن يشير علىّ بالجلوس، ولكنى جلست، وكان حوارا يدعو أن أذكره بقدر ما أستطيع بالتفصيل، ولكن يكفى ما يأتى:
قال: هل قرأت الكتاب الأخضر؟
فقلت مجاملا: نعم.
قال: هل تعلم شيئا عن النهر العظيم؟
قلت: نعم..
قال: هل توافق عليه؟
قلت: يا سيادة الرئيس لقد بدأ المشروع وأشرف على الانتهاء وهناك لجنة استشارية برئاسة رئيس الوزراء وهو كان من قبل وزيرا للرى فى ليبيا و...
فقال: كفى كفى.
ثم قال: أنت بتعمل إيه؟
قلت: أنا باشتغل رئيس وزراء، ورئيس الوزراء بيشتغل فيما هو متعلق بشئون الأمة فى مختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة الأمن والسياسة، وبدأت أشرح له المزيد، وكان السؤال فى نظرى لا يستحق أن يطرح، ولكن كان علىّ أن أجيب، وكان حرصى فى الإجابة أن تكون بسيطة وأن أرسل له رسالة بأن مصر أنجزت كذا وكذا.
فقال: خلاص.. خلاص..
وانتهى اللقاء!
أذكر له اجتماع جامعة الدول العربية الطارئ بالكويت فى أغسطس سنة 1990 بشأن الموافقة على الدعوة إلى التدخل العسكرى بقيادة وباشتراك الولايات المتحدة لتحريرها والتى انتهت بالتصويت بموافقة 11 دولة عربية من 20 دولة، وكان للقذافى رد فعل حاد، حيث ترك القاعة وجلس خارجها شديد الغضب.
ولكن ما موقف القذافى من مصر وشعبها؟ أجيب وأؤكد أنه كان يركز أساسا على علاقته بالرئيس وأجهزته الأمنية حفاظا على نفسه، أما غير ذلك فلم يكن محل اهتماماته، ويكفى أن أعطى مثلا، فى عامى 1970و1971، اقترضت مصر 50 مليون دولار أمريكى فى العام الأول و50 مليون دولار أمريكى فى العام التالى.. وهذا الدين تم بما يعادله بالذهب حينذاك، لهذا عندما تقرر خفض الدين الخارجى على مصر عام 1991 بنسبة 50 ٪، والتنازل بالكامل من بعض الدول العربية عن ديونها على مصر والمقدرة بنحو 7 مليارات دولار، تبين أن دين ليبيا السابق 100 مليون دولار وصل إلى نحو 365 مليون دولار، وقد تنازلت الدول العربية (السعودية الإمارات الكويت) عام 1991 عن ديونها، ولكن لم تتنازل ليبيا. وكلما نطلب مذكرة التنازل عن هذا الدين، كان الرد دائما من القذافى ورجاله، ما يفيد بأن اللجنة الشعبية ستقرر ذلك قريبا.
وفى زيارة لليبيا فى أبريل 1998، مع الرئيس، وكانت العادة العودة فى ذات اليوم لمثل هذه الزيارات، ولكن أصر القذافى على المبيت.
وفى الليل طُلب أن تُعقد اللجنة الوزارية المشتركة برئاسة كل من رئيسى الوزراء للدولتين، وكان رئيس الوزراء الليبى هو وزير الرى السابق والمسئول الأول عن مشروع النهر العظيم.. المهم لم أوافق فى تلك الليلة على اجتماع اللجنة إلا إذا تسلمت مذكرة موقعة من وزير المالية الليبى (محمد بيت المال) تؤكد التنازل عن الدين، وبقيت طوال الليل فى بهو الفندق ومعى اللواء عمر سليمان والمهندس سليمان متولى والدكتور محيى الغريب ولم يأت وزير المالية الليبى إلا فى الصباح وتم التوقيع.
ياسر عرفات (رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية 19942004)
واسمه محمد ياسر عبدالرءوف عرفات القدوة الحسينى، وكنيته أبوعمار، فلسطينى مصرى المولد. تولى رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية فى عام 1969، ثأئر دائما من أجل بلده ضد المحتل.
كرس حياته من دون كلل لقيادة النضال الوطنى، مطالبا بحق الفلسطينيين فى أرضهم. وقاد هذا العمل من داخل فلسطين، ولم يَفُتْ فى عضده عدم بقائه حينا من الزمان فيها، فقاد الكفاح من خارجها حتى عاد إليها من جديد. وكان له فضل الاعتراف بدولة فلسطين على أرض غزة والضفة الغربية واقترب من تحقيق هذا لهدف إلى أن وافته المنية. فترك الأمر لمن جاء بعده.
قابلته عشرات المرات منفردا أو مع بعض رفاقى، وكان يذكر فى حديثه دائما، تخلّى الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية عن حق الفلسطينيين فى أرضهم. ولم يقتصر هذا التخلّى على الغرب ولكن شمل بعض الدول المجاورة، ووصل الأمر إلى تخلّى بعض رفاقه عنه.
مهما اختلف التقييم لهذا الرجل، لا أحد ينكر أنه عاش ومات من أجل قضيته العادلة، قضية شعب فلسطين. كما عاش محبا لمصر، يعترف لها دائما بالتضحية والوفاء والدأب لمساندة فلسطين وشعبها.
زرت بيروت فى أبريل 1998، وكانت الزيارة الأولى لرئيس وزراء مصرى، لهذا قوبلت بالحفاوة وشعرت بمدى حب الشعب اللبنانى لمصر وشعبها ومدى تقديره للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لقد رفعوا وحملوا أعلام لبنان ومصر وصورة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وصورتى بصفتى الضيف.
إلياس الهوارى (رئيس الجمهورية اللبنانية 19891998)
نموذج من الساسة اللبنانيين الذين يعرفون قدر مصر ويعلمون أن فى قوتها قوة العرب جميعا وأنها الشقيقة الكبرى التى تعطى قوة أكبر للشقيقة الصغرى لبنان. وهو شخصية هادئة مثقفة تعرف جيدا أقدار الشعوب والقادة العرب وغير العرب، قال عند لقائه قولا لا أنساه «لا أتحدث عن مصر، مصر بقامتها تتحدث عن نفسها»، ولقد منحنى وسام الأرز الوطنى (رتبة الوشاح الأكبر)
أذكر له تصرفا سياسيا، أراد به أن يخاطب العالم كله، حيث كان فى لقاء مع الرئيس حافظ الأسد وكان فى دمشق، وطلب العماد إميل لحود ليقول له على الملأ مبروك أنت أصبحت رئيس جمهورية لبنان، كان يريد أن يعرف العالم إلى مدى تتدخل سوريا فى الشأن اللبنانى!
الجنزورى يروى لأول مرة.. «سنوات الحلم والصدام والعزلة» (1)
الجنزورى يروى لأول مرة.. «سنوات الحلم والصدام والعزلة» (2)
«الجنزورى» فى مذكراته: غضب مبارك على أكثر من أى رئيس وزراء لأنه أدرك أن الشعب راضٍ عنى
«الجنزوري» في مذكراته: عقدة نائب الرئيس التى سيطرت على مبارك
«الجنزوري» فى مذكراته: لماذا لم يطح المشير أبو غزالة بحسني مبارك أثناء أحداث الأمن المركزي؟
الجنزوري بمذكراته: رفضت تحويل القروض العسكرية إلى تجارية فهاجمني سفير أمريكا بدعم من وزراء مصريين
«الجنزوري» فى مذكراته: مبارك أقال عبد الحليم موسى لتبنيه المصالحة مع «الجماعات الإسلامية»
«الجنزوري» فى مذكراته: أهل السوء حاولوا إقناع مبارك أن شعبيتى خطر عليه
«الجنزوري» في الحلقة ال «9» من مذكراته يروي قصة الوزراء الذين ركضوا خلف «سوزان».. وبداية ظهور جمال مبارك
«الجنزوري» فى مذكراته: زكريا عزمي «المستفز» حاول التقليل من قدري.. ومبارك قال لي أخاف عليك من الشاذلي

في الحلقة القادمة
تاتشر قالت لمبارك: لابد للحكام أن يستمعوا لشعوبهم..وفرانسوا ميتران كان حريصا على حقوق الفلسطينيين.
زارنا نتنياهو في 1997 وتعمد مبارك تغييب وزير الخارجية عمرو موسى عن الاجتماع فخرجت محتجا..ووجدت موسى غاضبا بشدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.