يرى مؤرخون أمريكيون أن أعظم رؤساء الولاياتالمتحدة كانوا من «أكبر الكذابين»، وأن نفاقهم كان عاملا فى أبرز إنجازاتهم، على حد وصف تقرير منشور على موقع شبكة سى ان ان الأمريكية الإخبارية. وقال اد يورافيك، رئيس الموظفين بالكونجرس ومؤلف كتاب «كذب وخداع وغثاء» إن «أيا من الرؤساء لم يكذب مرة واحدة فحسب، بل كان بحاجة للكذب ليكون مؤثرا». وبرزت قضية كذب الرؤساء الأمريكيين، على خلفية اتهام الرئيس باراك أوباما، بالكذب، حينما ترك للأمريكيين خيار الاحتفاظ بتأمينات الرعاية الصحية خاصتهم، أثناء ترويجه لبرنامج «أوباما كير»، وهو ما لم ينطبق على البعض. وينظر سياسيون إلى أن تلك «الكذبة» ستلقى بظلالها القاتمة على ولاية أوباما الثانية، فالأمريكيون لا يغفرون لمن يتعدى على ثقتهم من الرؤساء، رغم أن البعض يعتبر الكذبة بمثابة زيت التشحيم، الذى يساعد فى تشغيل محركات البيت الأبيض. الرئيس الأمريكى الراحل فرانكلين روزفلت وقال التقرير إن أبرز أكاذيب الرؤساء: فرانكلين روزفلت أثناء الاستعداد للحرب العالمية الثانية، إذ خاطب شعبه عام 1940 قائلا «أبناؤكم لن يرسلوا للمشاركة فى أى حروب أجنبية». جون اف كينيدى أعلن فى 1961: «قلتها سابقا وأعيدها مجددا، الولاياتالمتحدة لا تخطط للتدخل عسكريا فى كوبا»، فى الوقت الذى كان يعمل فيه على خطة لغزو كوبا. رونالد ريجان للأمريكيين عام 1986: «أكرر أننا لم نقايض الرهائن بأسلحة أو أى شىء آخر» مع إيران، ليعترف بعد ذلك بأشهر بأن إدارته قامت بالفعل بما نفاه تماما. وتصنف أكاذيب الرؤساء إلى فئتين: تغتفر، وأخرى لا يمكن الصفح عنها. الأولى عندما يكون الهدف منها حماية الشعب، وتندرج تحتها أكاذيب «وكالة الأمن القومى» بشأن برامج التجسس الداخلى، وفسرها يورافيك بالقول: «لأنها تحمينا من الإرهابيين». أما التى لا يمكن الصفح عنها، فهى الأكاذيب للتغطية على جرائم، أو عدم كفاءة الرئيس، أو لحماية مستقبله السياسى، فمثلا، الرئيس ليندون جونسون، تكتم على فاتورة حرب فيتنام عن الشعب والكونجرس حفاظا على سلطته السياسية، طبقا ليورافيك. وأضاف قائلا: «الشعب الأمريكى يظل يغفر للسياسيين طالما وضعوا الشعب فى المقام الأول، وقدموا للجميع منافع ملموسة». ويعتبر الاختبار الحقيقى للكذبة هو إذا ما قرر الشعب إنها تخدم المصالح القومية، ولذلك يحافظ بيل كلينتون على شعبيته، رغم كذبه بشأن علاقته بمونيكا لوينسكى، فيما يلاحق «السباب» خليفته جورج دبليو بوش، بعدما شدد على ضرورة غزو العراق للتخلص من أسلحة الدمار الشامل»، على حد قول آلان كوبر، من جامعة «أوتربين» بأوهايو. وشرح كوبر: «كذب كلينتون بشأن علاقته الجنسية مفهوم، بالنظر إلى مصلحته فى حماية زواجه، وحماية أطفال الشعب من سؤال أولياء أمورهم عن ما تعنيه كلمة الجنس الشفهى». وتابع: «كذبة بوش قادت لهلاك وإصابة الآلاف من الأمريكيين». ومن هنا سيحكم على «كذبة» أوباما باستخدام ذات المعايير: هل ساعدت البلاد.. أم للحفاظ على سلطته؟.. ويقول كريستوفر جالديرى، من كلية انسلم بنيوهامشاير، الأمريكيون قد يغفرون لأوباما إذا نجح برنامج «أوباما كير» فى تحسين نمط حياتهم. وهناك نوع آخر من الرؤساء الذى مارس كذب حتى على الأصدقاء، منهم فرانكلين روزفلت، الذى خرج بأمريكا من أزمة الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية، لكن حتى حلفاءه المقربين ما كانوا ليثقوا به. وعام 1944، جزم روزفلت لثلاثة رجال مختلفين بشكل مطلق، أنه سيدعم ترشحهم كنواب له، إلا أنه اختار شخصا رابعا مختلفا تماما. وأضاف ديفيد باريت، بروفيسور العلوم السياسية بجامعة فيلانوفا ببنسلفانيا: «فعل ذلك بمهارة متقنة، لدرجة اقتنع فيها كل من الثلاثة على نحو تام، بأن روزفلت يدعمه».