كثيرون يمارسون الكذب وربما بصفة شبه يومية,وكل له أسبابه في تبرير كذبه,ولكن ما الذي يجعل بعض المسئولين يجدون أنفسهم امام مشكلة في قول الحقيقة واختلاق الأكاذيب في معظم الأحيان؟ هل لتبرير قرارات سياسية خاطئة ؟ أم لإنكار فضيحة جنسية ؟ أم للاستمرار في المنصب لفترة أطول؟ أخر الأخبار التي نشرتها صحيفة الأوبزرفر البريطانية تضمنت كشف كذب وزيرة الشئون البريطانية لأيرلندا الشمالية بشان حالتها الصحية للحصول علي المنصب, مو مولام التي رغم علمها بأصابتها بمرض سرطان الدماغ إلا انها أبت أن تعلن عن حقيقة مرضها وأخفته عن الجميع حتي عن رئيس الوزراء البريطاني وقتها توني بلير حتي لا يضطر إلي إستبعادها من الترشيح للمنصب, وإدعت مولام أن الورم حميد ومن السهل علاجه, وتجاهلت الوزيرة الشرسة سياسيا نصائح طبيبها الذي أبلغها أنها في مرحلة متأخرة ولابد من إطلاع الرأي العام بحقيقة مرضها, وإستمرت في تأدية عملها بمنتهي الجدية والمهارة إلي ان تم تنحيتها من منصبها عام1999, لتتوفي في عام2005 بعد أن بذلت جهودا مضنية لمساعي السلام في أيرلندا الشمالية. مولام لم تكن الأولي التي تلجأ لمثل هذا النوع من الكذب للاحتفاظ بمنصبها, فقد سبقها إلي ذلك الرئيس الأمريكي الراحل روزفلت, الذي أخفي حقيقة مرضه عن الرأي العام ليظل محتفظا بصورته القوية امام شعبه. كذب مع سبق الإصرار! لم تكن كذبة الرئيس الأمريكي السابق بوش علي شعبه بشأن مبررات حرب العراق بمحض الصدفة, بل كذبة مع سبق الإصرار,وهذا النوع من الكذب لا يضر صاحبه فقط بل تمتد آثاره لتطول شعبا بأكمله, نفس الأمر فعله رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير حينما كذب علي شعبه واختلق حججا وهمية لتبرير تأييده قرار بوش لإعلان الحرب علي العراق بزعم وجود أسلحة دمار شامل وهو الأمر الذي لم تثبت صحته حتي الآن برغم إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وبقاء القوات الأمريكية في العراق لأكثر من7 سنوات, بلير الذي مثل أمام التحقيقات للإستماع لأقواله خلال الأسبوع الماضي أصر علي أن قرار إسقاط نظام صدام حسين سيظل قرارا صائبا حتي بدون وجود دليل علي امتلاكه أسلحة دمار شامل مضيفا أن فكرة كون صدام' يمثل خطرا علي المنطقة' هي التي جعلته يميل لتأييد غزو العراق عام2003. وقال إنه حتي بدون حجج أسلحة الدمار الشامل فقد كان من الضروري' استخدام حجج مختلفة'. كذب أبيض أما أطرف أنواع الكذب فهو الذي يلجأ إليه أي رئيس أو زعيم لتجميل صورته امام جمهوره ليظهر في صورة المناضل أو الثوري أو حتي العالم ببواطن الامور,ولكن الأمر يكون أشبه بالفضيحة حين تجتمع الظروف لتؤكد كذب الرئيس الذي يجد نفسه في موقف لا يحسد عليه ويتمني وقتها لو لم يكذب من البداية, ولعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أكبر مثال علي ذلك, ففي واقعة طريفة كانت هي المادة الخصبة للصحف وقتها حينما كتب ساركوزي علي موقعه الخاص بالشبكة الاجتماعية' فيس بوك' أنه حضر مناسبة هدم سور برلين عام1989 بل وساهم أيضا في هدمه! وراح يشرح كيف انه أمسك بالفأس وأخذ يضرب في جدار السور, ولم ينس التحدث عن مشاعر الفرح التي غمرته, ليفيق علي بعض التقارير البريطانية التي قالت أنه كذب حين قال إنه كان أحد المشاركين في هدم الجدار لأنه لم يغادر باريس أصلا تلك الليلة! أكاذيب كثيرة إشتهر بها الرؤساء,لن ننسي منهم حينما كذب كلينتون علي زوجته وشعبه بشأن علاقته بمونيكا لوينسكي, أوالكذبة الأشهر في تاريخ الرئاسة الامريكية وهي فضيحة ووتر جيت التي حاصرت الرئيس نيكسون, ليرتبط اسمه دائما بالفضيحة وليس بإنجازاته.