لم تكن عائلة أبوسعدة بالفيوم تعلم ما يخبئه القدر، فاستقل أفراد العائلة القبطية القطار متوجهين إلى القاهرة، لحضور حفل زفاف ابنهم بمنطقة المعادى، لتكون رحلة عودتهم إلى الفيوم لقاء مريرا مع شبح الموت الأسود، 61 شخصا من عائلة أبوسعدة كان مصيرهم السقوط تحت قضبان قطار البضائع القادم من محافظة أسيوط ليصطدم بالعائلة بمنطقة دهشور ليتوفى منهم 27 ويصاب 34 منهم نقلوا إلى مستشفيات الهرم والسادس من أكتوبر وأم المصريين. «الشروق» التقت بعض المصابين من هذه العائلة، فحكوا شهاداتهم عن الجحيم الذى عاشوه لحظة اصطدام قطار البضاعة بالسيارة التى كان يستقلونها. تقول المصابة سامية سمير، بعد انقضاء حفل الزفاف فى الساعة الحادية عشرة والنصف مساء، ركبنا السيارة التى تقلنا إلى الفيوم، وأثناء مرورنا عند المزلقان بمنطقة دهشور فوجئنا بقطار يصطدم بالسيارة من الخلف ليقسمها إلى جزءين ويسير بنا لمسافة أكثر من 2 كيلو متر. فور دخولنا للمصابة بالغرفة المحجوزة بها بمستشفى أم المصريين، سألتنا قبل أن نصل لسريرها: هل لدينا علم بمكان ابنها الذى فقدته فى الحادث؟، إلا أن إجابتنا كانت بالنفى، محاولين طمأنتها، وبأنهم يمكثون فى مستشفى آخر لتلقى العلاج، بالرغم من علمنا بإدراج اسم طفلها ضمن 27 حالة وفاة أعدتها وزارة الصحة. تستكمل سامية التى تبلغ من العمر 28 عاما روايتها للحادث فتقول: لم أملك أعصابى عند اصطدام القطار بنا إلا أن أحتضن ابنى بولس، فى الصف الرابع الابتدائى، وأمسك بيد والدتى حتى لا نتطاير من قوة اصطدام القطار. وتضيف: كنت أجلس فى آخر مقعد فى «المينى باص» الذى ينقلنا للفيوم، وعند اصطدام مقدمة القطار بخلفية السيارة رفعها من الأرض وظل يدفعها على القضبان حتى أصبحت السيارة والقطار كقطعة واحدة. وتستكمل بدموع، شاهدت أهلى يتطايرون من نوافذ السيارة على قضبان القطار وتحت عجلاته حتى توقف القطار بعد 2 كم. وتضيف كنت أرى وابنى الصغير فى حضنى أذرعا تتطاير وأهلى يصرخون دون أن أستوضح معالمهم نظرا للظلمة التى كنا فيها على المزلقان. ويقول سمير جرجس، 60 عاما، مصابا بكسر فى الذراع والساق وكدمات بالوجه، عند وصولنا للمزلقان فى دهشور كان مفتوحا ومرت سيارة أمامنا وأثناء مرورنا بسيارتنا اصطدم بنا القطار وسار بنا أكثر من كيلو ونصف. ويضيف جرجس، كنا عائلة واحدة من الفيوم وفى طريق عودتنا إليها بعد انقضاء فرح شقيقى جرجس بالمعادى إلا أن القطار فاجأنا واصطدم بنا فى حوالى الساعة 12 موضحا أن الأتوبيس الذى كان يستقله كان يسير ببطء، ولم يكن هناك عمال فى المزلقان المفتوح. ويضيف إن الحادث إهمال كبير من وزارة النقل، أدى لوفاة عدد كبير من عائلتنا لا أعرف عددهم بالضبط، فقط أعرف أن عددهم كبير، فلا جرس فى المزلقان، ولا إضاءة، ولا عامل موجود، ولا أى شىء سوى حياتنا التى راحت. أمام مشرحة مستشفى أم المصريين ينتظر أهالى الضحايا تسلم الجثث والتعرف على المجهولين، ليتحول معازيم الفرح إلى معزيين وتحولت التهنئة إلى تعزية، «حكومة الببلاوى أهم انجازاتها دفن المواطنين» قالها ناصح إبراهيم أحد أقارب الضحايا، ويضيف «اتصل بى أخى من أبوظبى وأخبرنى بالحادث فتوجهت فورا إلى المستشفى وفوجئت بموت زوجة أخى وأبنائه وعمه وأبناء عمه فلم أستطع أن اخبره وطلبت منى إدارة المستشفى التعرف على جثة طفل صغير دهس القطار وجه وكان ديفيد ابن أخى»، وطالب ناصح الحكومة والقوات المسلحة ببناء الكبارى بدلا من التعويضات. «الرئيس عدلى منصور بيزور الكويت وإحنا بنموت فى مصر» قالها عاطف فهمى أحد أقارب هالة كريم التى لقت مصرعها فى حادث قطار دهشور، وأضاف فهمى «إن أغلب عائلته ماتت وكل ذنبهم أنهم فرحوا ولم ترض الحكومة عن فرحتهم وبسبب الإهمال دهسوا تحت القطار».