دانى دانون نشر النائب السابق لمستشار الأمن القومى الأمريكى إليوت أبرامز والباحث الشاب أورى سدوت مقالا مشتركا قبل بضعة أشهر فى مجلة «فورين بوليسى» وفى «هاآرتس»، أثار الكثير من الانتباه والجدل. فقد كانت الحجة الأساسية التى تناولها الكاتبان أن أحدا لا يعرف فعلا عدد الإسرائيليين الذين يعيشون فى يهودا والسامرة «الضفة الغربية» خارج «الكتل الاستيطانية». وأن هناك أطرافا متعددة تستغل عدم وجود هذه المعلومات من أجل تحقيق أهدافها من خلال تضخيم أعداد المستوطنين. ولم أنج من الاتهامات الموجهة ضدى بالتلاعب بالأرقام. وقد استشهد الكاتبان بمقال لى سابق نشرته العام الماضى فى «نيويورك تايمز» قلت فيه إن هناك نحو 160 ألف يهودى يسكنون «فى تجمعات تقع خارج كتل المستوطنات التى يعتقد مؤيدو فكرة الدولتين أن فى الإمكان ضمها بسهولة إلى إسرائيل». وقد شكك الكاتبان بما ذكرته. وفى الحقيقة، فإن الرقم الذى ذكرته فى مقالى، إذا كان غير صحيح، فإنه أقل من التقديرات الحقيقية. لكن الأكثر أهمية هو معرفة عدد الإسرائيليين الذين يسكنون خارج «الكتل». ولهذا الرقم أهمية سياسية حاسمة. إذ على الرغم من كونى من كبار المعارضين لمبادرة جنيف « 2003 » التى وضعها يوسى بيلين وياسر عبد ربه، فإننى لا أعرف خريطة أقرب إلى أن تحظى بموافقة الفلسطينيين من الخريطة التى تضمنتها هذه الخطة، فجميع الخرائط التى وضعها الإسرائيليون فى الماضى لن تكون مقبولة من الطرف المقابل. وبالاستناد إلى خريطة جنيف، فإن المستوطنات التى ستبقى تحت سيطرة إسرائيل هى: المدينتان الحريديتان «نسبة الى الحريديم او المتدينين المتشددين» موديعين عيليت، وبيتار عيليت. ويبلغ العدد الاجمالى لسكان هذه المستوطنات 207.905 نسمة. وهذا يعنى أن أكثر من 158.972 من الإسرائيليين فى يهودا والسامرة يسكنون فى المنطقة الفلسطينية بالاستناد إلى خريطة جنيف. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام لا تشمل القدس، فإن خريطة جنيف تبقى فى يد إسرائيل جميع الأحياء اليهودية فى القدس، باستثناء حى واحد هو هار حوما الذى يضم اليوم نحو 24.000 إسرائيلى. ونصل هنا إلى الرقم المتعلق باليهود المحتمل طردهم من منازلهم، أى 183.000 رجل وامرأة وطفل. وهذا الرقم يزيد بنحو 20.000 شخص عن تقديراتى الأولية التى اتهمت بتضخيمها. فى المقابل، فإن هذا الرقم يزيد بأكثر من ضعفين ونصف الضعف من العدد 70.000 شخص الذى أخذه أبرامز وسدوت من أعضاء حركة «السلام الآن». إن الاستنتاج الذى لا مفر منه هو أن الذين يتلاعبون بالأرقام وينشرون معلومات خطأ بشأن هذه المسألة المهمة، هم تحديدا الذين يؤمنون بالفكرة المجنونة أنه يمكن طرد اليهود من منازلهم.