•بلاغات ضد الجزارين ومستوردى اللحوم.. ورصد مخالفات فى قطاعى الألبان والدواجن دائما ما يستدعى الحديث عن ارتفاع أسعار الغذاء كلام الخبراء الاقتصاديين عن أن هذه السوق تحركها العديد من الممارسات الاحتكارية، لدرجة أن وزير التموين الأسبق الدكتور جودة عبد الخالق تحدث عن محتكرين للأرز، وقال إنه يعرفهم بالاسم. لكن المتابع للتقارير السنوية لجهاز «حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية» يلاحظ أنه بالرغم من تقديم العديد من البلاغات ضد شركات عاملة فى هذه السوق، ومبادرة الحكومة بطلب دراسات عن قطاع الأغذية، فقد تم إثبات حالات نادرة لمخالفات قانون الاحتكار. ما يثير التساؤلات حول صعوبة إثبات حالات الاحتكار وإذا ما كان ذلك يلعب دورا فى إخفاء ممارسات مخالفة للقانون يشعر المواطن بآثارها من خلال الارتفاع المستمر للأسعار. فى 30 مارس 2010 تقدم أحد المواطنين ببلاغ إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية يشكو فيه أصحاب محلات الجزارة فى الوردان (بمحافظة الجيزة)، مدعيا أنهم يتفقون فيما بينهم على زيادة أسعار اللحوم البلدية الحمراء، وهو البلاغ الذى ربما يعبر عن سخط الكثير من المصريين من الارتفاع المستمر لأسعار اللحوم المنتجة محليا، إلا أن الجهاز لم يجد دليلا على مزاعم هذا المواطن بعد زيارته للمنطقة المشار إليها فى الشكوى. اللحوم المستوردة أيضا شغلت تفكير وزير التجارة والصناعة السابق، رشيد محمد رشيد، لذا طلب من جهاز «حماية المنافسة» الكشف عما إذا كانت هناك اتفاقات مخالفة لقانون الاحتكار بين مصنعى تلك اللحوم فى السوق المحلية. وفحص الجهاز سوق اللحوم المستوردة المجمدة المشفاه، سواء البقرى أو الجاموسى، على مستوى مصر والدول التى قد تستورد منها مصر، وانتهت الدراسة إلى عدم وجود أى اتفاق بين المنتجين المحليين أو مع المصدرين الأجانب، بل إن فحص هيكل سوق تلك اللحوم كشف عن عدم سيطرة أية شركة عليه، إذ لم تتجاوز حصة أية شركة 25% من السوق العاملة بها. الزيوت النباتية، كان أيضا من القطاعات التى طالب وزير الصناعة بإجراء دراسة شاملة حول المنافسة فى أسواقها. وقام الجهاز بدراسة سوق «زيت الخليط الحر المكرر المعبأ» على مستوى الجمهورية، وفحص عينة من الشركات العاملة فى السوق تمثل 73% من طاقة التكرير المتاحة لإجمالى السوق، وانتهى إلى عدم وجود أية ممارسات احتكارية. فى حين كان قطاع الألبان من الحالات النادرة التى ثبت فيها وجود مخالفات لقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار، فجهاز حماية المنافسة كان قد تلقى طلبا من وزير التجارة والصناعة عام 2007 بدراسة سوق الألبان المعبأة ومنتجاتها، وأثناء ذلك ورد إلى الجهاز بلاغ من رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لمنتجى الألبان فى عام 2010 ضد عدد من شركات الألبان، اتهمهم فيه بقيامهم بالاتفاق فيما بينهم على خفض وتثبيت سعر شراء اللبن الخام النظيف عالى الجودة بأقل من سعر تكلفته، مما ألحق أضرارا بالمزارعين منتجى الألبان. وانتهى فحص جهاز حماية المنافسة إلى أن تصرفات الثلاثة مصانع المنتجة للألبان المعبأة فى مصر (جهينة وبيتى وإنجوى)، خلال الفترة محل الدراسة، تثبت وجود اتفاق بينهم على تثبيت أسعار شراء اللبن الخام من المزارع، ما يعد مخالفة للمادة السادسة من القانون. بينما لم يثبت للجهاز وجود اتفاق بين المزارع بعضها البعض بالمخالفة للمادة نفسها من القانون. كما رصد الجهاز أيضا مخالفة فى قطاع الدواجن، إذ بدأ الجهاز فى دراسة سوق الدواجن خلال العام 2010، فى ظل ما تردد حول شبهة وجود ممارسات احتكارية بهذا القطاع،. وركزت الدراسة على مرحلة واحدة من مراحل إنتاج الدجاج الحى وهى إنتاج «كتاكيت التسمين»، وتوصل الجهاز إلى وجود اتفاق بين شركات أمهات التسمين على خفض سعر الكتكوت لمدة محددة على أن يتم ذلك من خلال إرسال رسائل نصية بالأسعار عن طريق الاتحاد إلى المشتركين. وقام الجهاز بإخطار شركات أمهات التسمين بضرورة وقف هذه الاتفاقات فورا. «هناك مصاعب كثيرة لإثبات حالات الاحتكار»، كما تعلق منى ياسين، الرئيسة السابقة لجهاز حماية المنافسة، موضحة أن إثبات الممارسات الاحتكارية يتطلب وجود دلائل كتسجيلات صوتية أو وثائق تثبت اتفاقهم على تنفيذ تلك الممارسات، وتضيف: «من الممكن أيضا إثبات الممارسات الاحتكارية إذا رصدنا أن السوق تعمل بطريقة معينة لفترة زمنية طويلة تدلل على وجود احتكار فى هذه السوق، وفى هذه الحالة يتوقف الأمر على مدى اقتناع القاضى الذى يفصل فى القضية بأن هذا التحليل الاقتصادى يثبت وجود احتكار». وترى ياسين أنه من الممكن أن ترتفع أسعار الأغذية من غير وجود ممارسات احتكارية، قائلة: «الكثير من الشركات تبادر برفع الأسعار عندما تجد أن الشركات المنافسة قد قامت بذلك»، وتعتبر أن سلوك المستهلكين من الممكن أن يلعب دورا فاصلا فى الحد من ارتفاع الأسعار، «إذا وجد المستهلكون ارتفاعات غير مبررة فى أسعار السلع، فعليهم أن يمتنعوا عن شرائها حتى تتراجع أسعارها مرة أخرى».