السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الإثنين 29 أبريل 2024    تموين الإسكندرية: توريد 5427 طنا من الأقماح المحلية حتى الآن    EFG Hermes ONE تصبح أول منصة مالية في مصر تحصل على موافقة هيئة الرقابة المالية لإطلاق عملية تسجيل رقمية باستخدام "اعرف عميلك" إلكترونيًا (eKYC)    شهداء بينهم أطفال ونساء في قصف الاحتلال منزلا في غزة    إعلام عبري: العدل الدولية ستصدر أوامر اعتقال بحق مسئولين إسرائيليين    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    ملف يلا كورة.. الزمالك يتأهل لنهائي الكونفدرالية.. وطائرة الأهلي تتوّج بالرباعية    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    بعد حركته البذيئة.. خالد الغندور يطالب بمعاقبة مصطفى شلبي لاعب الزمالك    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    عمرو أديب: أتمنى أن يحقق الزمالك البطولة ونعيش مرحلة جبر الخواطر    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    12 شخصًا.. أسماء مصابي الاختناق بالكلور داخل محطة مياه في قنا    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا على القاهرة ومائل للبرودة ليلا    "بحبها ومش عاوزه ترجعلي".. مندوب مبيعات يشرع في قتل طليقته بالشيخ زايد    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    عصام الشماع، علامات في مسيرة المخرج والسيناريست الراحل    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    "مضغوط بقاله فترة ".. الزمالك يعلن موقفه من شلبي بعد احتفاله أمام دريمز    "بعد الوصول للنهائي".. أرقام تزين مشوار جوميز مع الزمالك في الكونفدرالية بالموسم الحالي    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    مناطق روسية تتعرض لهجمات أوكرانية في مقاطعة كورسك    فيصل مصطفى يكتب: عجلة التاريخ    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    مصرع 5 أشخاص صدمهم ميكروباص على الصحراوي الشرقي جنوبي المنيا    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    معاداة الصهيونية.. انقسام جديد يهدد النواب الأمريكي    حزب الله يعلن استهداف 4 مواقع عسكرية إسرائيلية على حدود لبنان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    كانت هتعيط.. أول تصريح من ياسمين عبد العزيز على انفصالها من العوضي|فيديو    حدث بالفن| وفاة والدة فنان وأزمة بين بسمة وهبة وفنانة شهيرة وإيران تمنع مسلسل مصري من العرض    نجوى كرم تشوق الجمهور لحفلها في دبي يوم 3 مايو    عمرو أديب يكشف تفاصيل إصابته ب جلطة في القلب    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    مصطفى عمار: الدولة خلال 2024 تضع على عاتقها فكرة التفكير في المستقبل    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    محافظ بني سويف يلتقى وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريف يدفع ثمن احتكارات القاهرة.. والبضاعة تأتى إلى القليوبية من سوق العبور
البطاطس «لحمة الفقير» تستعصى على الغلابة.. والفاكهة لا يشتريها أحد
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 11 - 2013

•تكلفة النقل من أهم أسباب رفع الوسطاء لأسعار البضائع.. والكثير من بائعى القطاعى يتسلمون بضائعهم من أماكن بعيدة عن السوق
على بعد بضعة أمتار من موقف سيارات الأجرة، التى يعتمد عليها الجميع بسبب توقف حركة القطارات التى لم تعد للعمل جزئيا إلا مؤخرا، وعلى بعد أمتار أقل من محطة القطار بمدينة شبين القناطر، يُنصب أسبوعيا سوق «الأحد» فى واحدة من أكثر مدن محافظة القليوبية حيوية.
السبب فى اختيار مكان السوق، لا يحتاج لكثير من التفكير.. فالارتباط بالعاصمة لتأمين الغذاء حتى فى المحافظات الزراعية لا يزال وطيدا. ولا تزال قرارات تجار القاهرة تتحكم فى قوت يوم مواطنى الأرياف؛ بائعين كانوا أو مشترين.
من المعروف أن معظم الأسر المصرية تعتمد فى غذائها بشكل أساسى على الخضراوات المطبوخة بلا لحم أو دجاج. ولكن اليوم، سيكلف إعداد البطاطس لوجبة الغداء وحدها حوالى 15 جنيها ليكفى بالكاد أسرة من أربعة أفراد. فالبطاطس، أو «لحمة الفقير» كما تسميها أم أحمد، أحد المشتريات والتى تمتلك كشكا بمدينة شبين، بلغ سعرها اليوم 6 جنيهات. فى حين تباع الطماطم بأربعة جنيهات، ووصل سعر البصل إلى 3 جنيهات ونصف. مع ملاحظة أن الأسعار تنخفض مع نهاية اليوم، حيث تباع البضائع الأعلى جودة بسعر أعلى، وتنتهى مع حلول الظهيرة. تؤكد أم زياد، بائعة خضراوات: «البطاطس الأفضل حالا بيعت صباحا بسبعة جنيهات للكيلو. وما تبقى عندى أبيعه بستة جنيهات».
أم أحمد تؤكد بدورها أن الخمسة عشر جنيها كانت تكفى مشتريات أكثر بكثير فى العام الماضى. وهى الآن مضطرة لشراء كميات أقل، لأنها لا زالت تتسوق بنفس المبلغ منذ عدة أعوام.. «مشترياتنا الآن لا تكفى سوى ليومين، على أمل ألا يجوع الأولاد فى اليوم الثالث». منذ عامين، كانت تشترى أم أحمد طلبات أسبوع كامل من الخضراوات بخمسة عشر جنيها.
قد تتخيل أن أم زياد وغيرها من بائعى السوق، الذى يمتد على جانبى شارع ضيق لمسافة تتعدى الكيلو متر، يحصلون على بضائعهم إما مباشرة من فلاحى قرى تلك المحافظة الزراعية، أو من المحافظات المجاورة، وإما عن طريق تجار الجملة الذين يأتون بالبضائع من المصدر نفسه. ولكن الحقيقة، أن معظم الخضراوات والفاكهة المباعة فى سوق «الأحد»، السوق الرئيسى بمحافظة القليوبية، تأتى من سوق العبور.
وهكذا فإن حتى أسواق الأرياف ليست معفاة من ممارسات تجار السوق المركزية الاحتكارية. فالبصل، على سبيل المثال، يتراوح سعره اليوم بين ثلاثة جنيهات ونصف وأربعة جنيهات، وسوف يصل سعره إلى خمسة جنيهات مع استقرار فصل الشتاء، كما يتوقع أحد البائعين. «البصل هذه الأيام قليل فى السوق وعالى السعر، لأن تجار الجملة يخزنونه من أجل فصل الشتاء، حين يشحّ البصل تماما، وهى فرصتهم لعرضه بأسعار أعلى حتى من سعره الحالى. ووقتها سيضطر المواطن لشرائه بأى سعر لأنه من الخضراوات الأساسية. وإن كان البصل سعره اليوم أربعة جنيهات، فسيصل إلى خمسة بعد شهرين».
زرع أكلته الشمس
تجلس رضا سليمان، بائعة من قرية الدير، التابعة لمركز طوخ، بوجه لفحته الشمس كما لفحت ما تعرضه للبيع. تجلس رضا خلف فرشتها منذ الخامسة صباحا، وقبيل الثانية ظهرا كانت قد باعت أقل من نصف ما أتت به من خضراوات. فهى تبيع الفلفل والباذنجان والخيار، الأصناف الأكثر انتشارا والأقل سعرا فى السوق لذلك اليوم. كان واضحا أن ثمة قرارا جماعيا بإغراق السوق بتلك البضائع. تبيع رضا الفلفل بجنيه ونصف للكيلو «أشتريه من الجملة بجنيه ونصف وأبيعه بجنيه ونصف. لا أستطيع أن أرفع السعر ربع جنيه، السوق نايم ولا أحد يشترى». أما ما يتبقى من بضاعتها، ما بدا أنه سيكون الكثير، فستتركه وراءها فى الشارع، «من سيشترى زرعا أكلته الشمس ليوم كامل؟! لا يوجد فى السوق أكثر من تلك الأصناف. أما تاجر الجملة، فسأقول له «يبقالك».
رحلة أصناف الخضراوات منذ القطاف حتى وصولها للمشترى ليست سهلة، وبالتأكيد ليست قصيرة. فهى تمر بتاجرى جملة على الأقل قبل وصولها للبائع المباشر؛ تاجر الجملة بسوق العبور الذى يشترى من الفلاح بأسعار تعادل تكلفة الزراعة بالكاد، والذى يبيعها إلى تاجر الجملة بأسواق الريف بسعر قد يصل إلى الضعف، الذى يبيعها بدوره، وقد رفع السعر، إلى البائع المباشر «القطاعى» الذى يرفع سعرها على المشترى كيفما اتفق.
وتكلفة النقل من أهم أسباب رفع الوسطاء لأسعار البضائع. كما أن الكثير من بائعى القطاعى يتسلمون بضائعهم من أماكن بعيدة عن السوق. أم زياد تتسلم الخضراوات من تاجر جملة بطوخ، وتأتى بها إلى شبين ب«تروسيكل»، حيث يتكلف النقل حوالى 35 جنيها.
هبة عيد، تاجرة جملة، ولكنها تبيع قطّاعى أيضا فى السوق. تنقل بضاعتها من سوق العبور، ما يكلفها 150 جنيها على الأقل؛ وتقسم بضاعتها بين ما تبيعه جملة للبائعين المباشرين، وما تبيعه هى قطاعى فى السوق. وهى تنفى بشدة ما «يدعيه» البائعون من مغالاة تجار الجملة فى رفع الأسعار: «نحقق خسائر كبيرة منذ شهور، فالسوق خاملة جدا والأسعار ترتفع على الكل؛ أسعار البضائع وتكاليف النقل. نحن نعانى من ارتفاع الأسعار ولسنا السبب فيه».
الفارق فى الأسعار بين القاهرة والأرياف يتجلى فى سعر الفاكهة. فهى وإن كانت تعتبر غالية الثمن مقارنة بدخل المواطن الريفى، فهى تقل بشكل ملحوظ عن سعرها فى القاهرة. التفاح المستورد كمثال يتراوح سعره بين الثمانية والعشرة جنيهات فى سوق «الأحد»، ويُباع الموز بستة جنيهات والجوافة بثلاثة جنيهات ونصف، بينما بيع البرتقال بجنيهين. ولكن يظل إقبال المشترين على الفاكهة ضعيفا. تقول أم زياد، بائعة الخضراوات: «أبيع الخضار منذ 5 سنوات. قبلها كنت أبيع الفاكهة، ولكنها كانت أصعب فى البيع والإقبال عليها كان أضعف كثيرا. ففضلت تجارة الخضراوات التى لا غنى عنها».
صينية هياكل الدجاج
مع وصولك لنهايات الشارع الطويل، ستجد بائعات السمك وبائعات «هياكل الدجاج». يُباع السمك البلطى بثمانية جنيهات للكيلو، وكذلك قشر البياض، فى حين تبيع أخرى كيلو سمك المكرونة وسمك التونة بعشرة جنيهات، بعد أن كان سعرها 11 جنيها «أصبحت أبيع بسعر الجملة عسى يرتفع الإقبال على الأسماك. ولكن لم يعد أحد يشترى الأسماك. ولا أيا من أنواع اللحوم»، تقول نعيمة سعيد، التى تبيع الأسماك المجمدة المستوردة.
أما عن هياكل الدجاج، فهى البديل الأنسب لمن لا يستطع شراء لحم الدجاج. تجلس البائعة خلف صينية عميقة من الصاج، مليئة بالماء وبهياكل الدجاج فى محاولة لحماية الأخيرة من حرارة الشمس والأتربة. تأتى البائعة بالهياكل، بعد أن يتم إخلاؤها من اللحم للحصول على «البانيه» وتبيع هيكل الدجاجة الواحدة بسبعة جنيهات ونصف؛ «الناس تشتريها لأنهم غلابة. لا يتحملون تكلفة اللحوم».
على الجانب الآخر من شريط القطار، يتجمع باعة الطيور الحية. يبيعون البط والإوز والدجاج. وقف الأستاذ عماد جودة، مدرس بمدرسة إعدادية، محاولا إقناع البائع أن يبيعه دجاجتين بأربعين جنيها، الأمر الذى رفضه البائع بشكل قاطع، حتى بعد أن رفع الأستاذ عماد المبلغ إلى ثلاثة وأربعين جنيها. يشرح هانى سعد، بائع الطيور: «أشترى الطيور من الفلاحين، بسعر 25 جنيها للدجاجة. هذا بالإضافة لتكلفة النقل التى تتعدى المائة جنيه. قبل توقف القطارات كنت انتقل بالقطار حاملا الطيور، أما الآن فأنا مضطر لتأجير سيارة». أما الأستاذ عماد فيقول: «جئت آملا فى دجاجتين بسعر مناسب لغداء الأولاد»، لكن يبدو أنه سيمر عليهم أسبوع آخر بلا لحوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.