صدر مرسوم رئاسي سوري، يوم الثلاثاء، بإعفاء نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل، من منصبه، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، وذلك غداة الكشف عن لقاء عقده مع دبلوماسيين أميركيين. وأوردت "سانا" بياناً لرئاسة مجلس الوزراء، جاء فيه: "نتيجة لغياب الدكتور قدري جميل نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عن مقر عمله ودون إذن مسبق، وعدم متابعته لواجباته المكلف بها كنائب اقتصادي في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى قيامه بنشاطات ولقاءات خارج الوطن دون التنسيق مع الحكومة وتجاوزه العمل المؤسساتي والهيكلية العامة للدولة، صدر مرسوم رئاسي بإعفائه من منصبه". وذكرت مصادر سورية، أن "جميل" عقد السبت لقاءً في جنيف مع الدبلوماسي الأميركي روبرت فورد، السفير الأميركي في سوريا المقيم خارجها بسبب الأزمة والمكلف الملف السوري، وبحث معه في التحضيرات لعقد مؤتمر جنيف 2. وأكدت الخارجية الأميركية هذا اللقاء بين الدبلوماسي الأميركي والمسؤول السوري. وقالت المتحدثة باسم الخارجية جنيفر بساكي، إن "السفير فورد شدد على وجوب أن نعمل جميعًا على حل سياسي وفق مضمون (بيان) جنيف (في يونيو 2012) وعلى أن الأسد والقريبين منه فقدوا أي شرعية وعليهم الرحيل". وبحسب المصادر السورية، فإن جميل طلب من فورد المشاركة في جنيف 2 كجزء من وفد المعارضة، إلا أن المسؤول الأميركي رفض شارحًا أنه من الصعوبة بمكان أن يكون المرء في الحكومة والمعارضة في الوقت نفسه. ورفضت بساكي التعليق على هذا الموضوع. وكان الإعلام الروسي نقل عن جميل إعلانه عقد هذا اللقاء، وأشار إلى أنه "الأول من نوعه منذ بدء الأزمة السورية" في منتصف مارس 2011. ونقلت قناة "الميادين" التلفزيونية التي تتخذ من بيروت مقرًا، عن جميل قوله لها: "سأعود إلى دمشق فور انتهاء ما أقوم به من لقاءات سياسية متعلقة بجنيف 2". كما أوردت صفحة قدري جميل الرسمية على موقع "فيسبوك"، مقتطفات من التصريح جاء فيها أن "لقاءنا مع الأطراف الدولية لوقف حمام الدم السوري هو أمر مشروع"، مضيفًا "لا أعتقد أن من يذهب إلى جنيف 2 يمتعض من اللقاءات مع الراعين للحوار". وأكد جميل "اختلف مع الحكومة السورية لأنني اتفرغ للعمل السياسي والحزبي"، وأن "الهم الأساسي اليوم هو إيقاف العنف". وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لؤي صافي، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس، إن إعفاء جميل من منصبه "يؤكد لنا أن النظام في مرحلة تفكك سياسي". وأضاف "ثمة صعوبة الآن في الحفاظ على بعض الشخصيات التي مثلت واجهة للنظام، وهذا مؤشر على مزيد من التآكل... قدري جميل شعر بأن السفينة تغرق ويريد النجاة قبل غرقها"، مؤكدًا ألا تواصل بينه وبين الائتلاف. وكانت صحيفة لبنانية نشرت قبل أيام أن جميل يقيم منذ فترة مع عائلته في موسكو، أبرز الحلفاء الدوليين لنظام الرئيس الأسد. وكان قدري جميل، أول من كشف الموعد المحدد لعقد مؤتمر جنيف-2 في 23 نوفمبر من موسكو، إثر اجتماعه مع مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية في 17 أكتوبر. ويشكل قدري جميل جزءًا من "معارضة الداخل" في سوريا المقبولة من النظام. وأسس في العام 2002 حزب الإرادة الشعبية الذي شارك في الاحتجاجات السلمية ضد النظام السوري لدى اندلاعها منتصف مارس 2011، ودعا إلى تغيير شامل تحت إدارة الرئيس الأسد. وشارك جميل في صياغة الدستور السوري الذي تمت المصادقة عليه بموجب استفتاء شعبي في العام 2012. كما شكل مع عدد من الأحزاب الأخرى "الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير" تحضيرًا للانتخابات التشريعية في 23 يونيو 2012. وانضم في وقت لاحق إلى الحكومة بصفة نائب لرئيسها وائل الحلقي.