غرفة عمليات حزب المؤتمر تصدر البيان الختامي لليوم الأول للدوائر الملغاة بانتخابات النواب    "الصين": نعتز بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع    قائد القوات البحرية يكشف تفاصيل تصنيع قاطرتين بقوة شد 190 طنًا    رئيس جامعة المنوفية وأمين عام الأعلى للجامعات يطلقان فعاليات مؤتمر خدمة المجتمع    عاجل| تحركات أمريكية لتصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا وتحذيرات من خطرهم على الأمن القومي    مصر تعزي جمهورية إندونيسيا في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية    والد السباح يوسف: ابني ضحية اتهامات كاذبة ومطالبة برد اعتباره أولوية قصوى    نابولي يتخطى كالياري 9-8 بركلات الترجيح ويواصل مشواره في كأس إيطاليا    أسامة كمال عن حريق سوق الخواجات في المنصورة: مانبتعلمش من الماضي.. ولا يوجد إجراءات سلامة أو أمن صناعي    مصرع وإصابة 4 أشخاص فى حادثين منفصلين بالوادى الجديد    ياسمين الحصري ل معكم: والدي نموذج للرحمة والكرم والوسطية ووصيته كانت القرآن    «هل عندي وقت ؟»| أحمد فهمي يحسم جدل تورطه في فيديو يسيء لأسرة هنا الزاهد    حلمي عبد الباقي: لا أحد يستطيع هدم النقابة وكل ما يتم نشره ضدي كذب    أكرم القصاص ل إكسترا نيوز: ضمانات الانتخابات أعادت الثقة للناخبين    بعد الهجوم عليه| تفاصيل أزمة تصريحات مؤلف «الست»    بعد عدة نجاحات في مهرجان الجونة.. برنامج تسمحلى بالمشية دي في مهرجان البحر الأحمر    كأس إيطاليا.. نابولي يتخطى كالياري ويصعد للدور القادم    بدء تحصيل الزيادة الجديدة في قانون الإيجار القديم من ديسمبر... اعرف قيمتها    الاتحاد الأوروبي يدرس إضافة روسيا إلى القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب    مها محمد: كوليس ورد وشيكولاتة أجمل من التصوير    صحة الإسماعيلية تختتم دورة السلامة المهنية داخل معامل الرصد البيئي    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    «هربنا قبل أن نغرق».. شهادات مروّعة من قلب الفيضانات التي ضربت نصف القارة الآسيوية    مجموعة مصر.. الأردن يضرب الإمارات بهدف على علوان في شوط أول نارى    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    انتهاء ترميم المبانى الأثرية بحديقتى الحيوان والأورمان    في حوار ل"البوابة نيوز".. رامي حمادة يكشف سر فوز فلسطين على قطر وطموحات المباريات المقبلة    أهالي السيدة نفيسة يوزعون الشربات على الزائرين في المولد.. صور    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    عون: لبنان تعب من المهاترات التي مزقته    ما حقيقة انتشار الدواجن السردة بالأسواق المحلية وتأثيرها على صحة المواطنين؟    حبس المتهمين باستغلال شيكات مزورة باسم الفنانة بوسي 3 سنوات    أوسكار رويز يعقد اجتماعًا فنيًا مع الحكام لمراجعة بعض الحالات    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم مبالغ مالية بمحيط لجان انتخابية في جرجا    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    الجيزة تنفّذ حملة مكبرة بعثمان محرم لإزالة الإشغالات وإعادة الانضباط إلى الشارع    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    فلسطين: تصويت 151 بلدا لإنهاء الاحتلال انتصار لحقوق شعبنا المشروعة    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    ما مصير امتحانات الثانوية العامة بعد بلوغ «عبد الحكم» سن المعاش؟.. تفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    صدام عربي مرتقب.. الأردن والإمارات يفتتحان مشوارهما في كأس العرب 2025    بث مباشر.. ليفربول ضد ساندرلاند في البريميرليج: مواجهة نارية على أنفيلد    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    الجزائر تواجه السودان في مباراة حاسمة بكأس العرب 2025    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمان خلاص انفرط
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 10 - 2013

القيادة وكاريزما الزعامة تقتضى أحيانا أن يتكلم القائد بلغة الناس، فالعامية هى لغة المصارحة والتواصل، أما الفصحى فارتبطت بكل ما هو رسمى أو بالأحرى خشبى. وبما أن الأصل فى الخطابة السياسية هو الحوار فى القضايا التى تهم تسيير حياة الشعوب والدول، فاللجوء إلى العامية أو التداخل اللغوى بين العامية والفصحى قد يفيد أكثر فى الوصول إلى البسطاء. يحذو البعض حذو جمال عبدالناصر الذى كان غالبا أول رئيس عربى يخطب بالعامية، يمازح الجماهير فيسخر من إيدن رئيس وزراء بريطانيا أو جماعة الإخوان المسلمين.. يعبر الرئيس عن مشاعره تجاه الجماهير وينقل العامية للمجال السياسى العام بدلا من أن يقتصر هذا المجال على الفصحى أو ما هو رسمى.. لا يضيره ما يتسم به خطابه من شعبوية، المهم أن يتسلل إلى قلوب العامة بلغتهم العامية، التى تمثل أطياف المجتمع بطوائفه وأصوله المختلفة.
●●●
من الصعوبة بمكان التوصل بوجه الدقة إلى متى بدأ المصريون فى التحدث بلهجتهم العامية، التى اشتهرت فى العالم العربى أجمع بفضل السينما والأغانى.. بعض الآراء تدفع بأن أهل مصر لم يتكلموا يوما الفصحى فيما بينهم، بل زاوجوا بين القبطية التى تبنوها لما يزيد على ثلاثة قرون وكلمات هيروغليفية وبين العربية (طبعا بعد الفتح الإسلامى). وقيل أيضا إنه مع وصول العثمانيين إلى الحكم بدأت تتسرب إلى اللغة كلمات تركية، نظرا لأنهم لا يتحدثون العربية. ثم تبعتها مصطلحات أخرى درجت على الألسنة بسبب وجود العديد من الجاليات الأجنبية التى جاءت إلى مصر طلبا للرزق والاستقرار. أصبحنا مزيجا متجانسا من البشر يتحدث بلغة نحتتها السنين نحتا.. لا يمكن أن ندعى أن طرفا يمتلكها دون الآخر، فهى تحمل فى طياتها تراثا قبطيا وعربيا إسلاميا وفرعونيا ومتوسطيا، تماما على شاكلتنا نحن من نتحدثها فى الشارع والمقهى واجتماعات مجلس الوزراء. لا فضل لعربى على أعجمى. وقد ازداد الاهتمام بالغة المحكية فى القرن التاسع عشر، فيما كانت الحركة القومية المصرية الاستقلالية تتشكل، كنوع من أنواع الاعتزاز بالهوية فى ظل الاستعمار. تماما كما تنتشر حاليا الشعارات والنكات الساخرة التى تستخدم العامية بعبقرية لتثأر ممن لا تطاله يد.
●●●
يتحدث الناس عن «البكاش»، وهى كلمة عربية صحيحة وليست عامية كما هو شائع، تعنى المحتال الذى يختلق القول. ويتحدثون أيضا عن «الدردحة» لزوم العصر، والأصل فى الكلمة هى الدردح وجمعها درادح ومعناها المولع بالشىء، إلا أنها أصبحت تستخدم لوصف البارع فى التصرف وفقا للظروف. ونتحدث أيضا عن البلد «السبهللة» التى لا انضباط فيها أو ضوابط، وهى كلمة فصيحة فى الأساس لوصف الرجل النشيط الذى يأخذ الأمور ببساطة ومرح، فهو رجل سبهللى، والسبهلل هو الرجل الفارغ. أما من «يهوش» فهو من يخلط المعانى والأشياء من هنا وهناك. و«ياريت» كان أصلها «يا ليت». كل هذه الكلمات السابقة هى ضمن أكثر من ألف وأربعمائة كلمة عربية سليمة درجت فى الكلام حتى حسبها الناس عامية وهى فصيحة، كما يذكر الدكتور محمد داود التنير فى كتابه «ألفاظ عامية فصيحة» (دار الشروق).
●●●
يضم قاموسنا اليومى أيضا كلمات تتماشى مع روح العصر، فى حين أصولها فرعونية مثل «خَم»، ومعناها يغش فى اللغة المصرية القديمة. أما «يحمرأ» فتعنى بالفرعونية «يهرب من وعده». و«التباع» عرف كذلك على ما يبدو لدى الأجداد، فالكلمة أصلها «تب- ماع» أى (مرافق، حارس). وعندما نطلق على شىء ما أنه «سَكَة»، فذلك معناه فى الهيروغليفية أنه قديم وغير فعال. وأحيانا نصرخ «يا حومتى»، وهى كلمة قبطية تفيد الخجل والخزى والعار. أما عندما نقول «إخس» لإدانة التورط فى فعل مشين، فنحن نستخدم وصف قبطى لفعل «شيطانى»، ف «إخ» تعنى شيطان و«س» ضمير عائد على الشىء المشار إليه.
تختم الأم الحكاية التى ترويها لابنتها فتقول «توتة توته خلصت الحدوتة»، وتوتة معناها بالقبطية «نهاية حافة»، وقد أخذت الكلمة من الهيروغليفية إذ تعنى «اكتملت».. لكن حدوتة اللغة لا تكتمل أبدا فهى كالجسم الذى ينبض بالحياة ويحاول التأقلم لمواكبة المستجدات.. نكتب بلغة ونتكلم بأخرى، غزيرة هى كفرط الرمان الذى يتدحرج ويجرى، ويعرف بالفرعونية أيضا باسم «رمن».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.