منسق مؤتمر اتحاد القبائل العربية: كل الدعم لأهالي غزة في مواجهة الاحتلال    رئيس جامعة العريش: عدم حرمان أي طالب من دخول الامتحانات بسبب المصروفات    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي ال15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة «MSA»    نائب رئيس «المؤتمر»: «مستقبل مصر» خطوة نحو تحقيق التنمية المستدامة    اشتعال النيران في مبنى الهلال الأحمر الفلسطيني شمال رفح    طارق فهمي: فزع في إسرائيل بعد اعتزام مصر الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا    بوتين يعقد أول اجتماع لمجلس الأمن الروسي بعد التغييرات في قيادته    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    خر بشه    ساوثجيت عن تدريب يونايتد: شيء واحد فقط يهمني    إيسترن كومباني بطلًا لكأس مصر للشطرنج    ضبط 128 قضية مخدرات وسلاح و174 متهمًا فى 4 محافظات    القبض على «سائق أوبر» المتهم بالتحرش بفتاة في التجمع الخامس    السيسي يؤمن مستقبل مصر .. الصحراء تتحول للأخضر    أشرف زكي: «اللي عايز يعرف تاريخ مصر يتفرج على أفلام عادل إمام»    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    وزارة الهجرة تستعرض جهود دعم ورعاية شباب المصريين بالخارج    مدرب توتنهام: 99% من جماهيرنا تريد الخسارة أمام مانشستر سيتي    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    كروس يتخذ قراره النهائي حول مصيره مع ريال مدريد    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    المصيلحي: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    «عباس»: الهيئة تتخذ استراتيجية مستدامة لميكنة دورة العمل بالنيابة الإدارية    الغموض يحيط بموقف رياض محرز من الانضمام للمنتخب الجزائري    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق السياحة العلاجية    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    هيئة الاستثمار: خطوات واسعة لخلق بيئة جاذبة تيسيرا على المستثمرين    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    معهد الاقتصاد الزراعي ينظم ورشة للتعريف بمفهوم "الزراعة بدون تربة"    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    محافظ القليوبية يستقبل رئيس جامعة بنها (تفاصيل)    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميركل العظيمة
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 09 - 2013

بعد ثمانى سنوات فى منصبها تواجه الأزمة الاقتصادية التى هزت الدول من الولايات المتحدة إلى اليونان.. رفعت ميركل حزبها الديمقراطى المسيحى إلى مستوى من الأصوات الانتخابية لم يرها منذ عقدين من الزمن. وكانت هى الموضوع، فى انتخابات تخلو من موضوع. وكان شعارها «المستشارة.» فقد مثل ذلك انتصارا شخصيا، مع تحقيق هذه الغالبية الغالبة.
وكتب توماس شميت فى تعليق نشر على الصفحة الأولى لصحيفة دى فيلت «العظيمة ميركل أكبر من الحياة».
غير أنها تمثل وجها فى الزحام، ولا تقف خارجًا. ويمكن أن تبدو ميركل بوجهها المتغضن الصلب، وملابسها البسيطة؛ سترة (غالبا ما تكون ضيقة) وبنطلون، حالة تدرس فى الاعتيادية المقصودة، خلقها على نحو رائع خبراء فى استراتيجية الانتخابات، يتفهمون الحالة النفسية للألمان ما بعد الصدمة. وربما يتكلف الظهور بهذا المظهر العادى الكثير من المال، ولكن بمرور الوقت يبدو واضحا أنها كما هى، لم تغيرها السلطة؛ امرأة مثل مارجريت تاتشر، «ليست قابلة للتحول».
●●●
وتعتبر ميركل ظاهرة. فهى تمتلك قبسا من روح العصر الحديث، ورحيق حكمة عصر التحدى الذى عاش فيه مهربو اللوحات وتجار المنسوجات. كما أنها تعمل بجد وفى تواضع. وكان شعار الثوار عام 1968 فى أوروبا «السلطة للخيال». غير أن المستشارة على العكس تماما من ذلك. وهى دراسة فى القدرة على التنبؤ. وعلى حد قول راينر ستينر من الحزب الديمقراطى الحر المنهزم، إنها «النهاية التدريجية» الناجحة لعصر ما بعد الأيديولوجية.
وألمانيا هذه لا تنغمس فى التجارب. فهى مستقرة وغنية، بمعدل البطالة البالغ 5.3 فى المائة، وميزانية متوازنة ونمو مطرد. ولا تنشغل أكبر دولة فى أوروبا، بالتركيز على أكثر من هدف فى نفس الوقت، وهى الآن فى مرحلة التوحيد. وهنا، مرة أخرى، تناسب ميركل روح اللحظة. فهى زعيمة قادمة من ألمانيا الشرقية سابقا، تتولى تطريز البلاد الموحدة بالتعقل. وهى أنها تمثل جيلا ألمانيا براجماتيا يبدو مؤمنًا بأنه: بعد المجادلات الهائلة، وبعد الآلام، دعونا نسع إلى تحقيق الازدهار.
ومن السهل نسيان الذكريات المؤلمة. ولكن، لعل أكثر ما لفت نظرى، عند عودتى لألمانيا بعد كثر من عشر سنوات أمضيتها فيها كمراسل صحفى، النقلة الفكرية التى حققتها ألمانيا. فقد كان كل جيل ألمانى فيما بعد الحرب ينشغل بجدل مختلف:
فقد حلت مطالب غاضبة بالمحاسبة أطلقها جيل الستينيات، محل الصمت فى عهد أديناور، وبعد ذلك كان هناك فيلى برانت ضعيفا فى حلف وارسو؛ والتردد بشأن الاسترخاء؛ والمهاترات بشأن تمركز صواريخ بيرشينج 2، ومعجزة الوحدة، والتكلفة الهائلة لتلك العملية الطويلة، وأخيرا التساؤل المؤلم للذات حول ما إذا كانت ألمانيا بعد أوشفيتز يمكن تصبح فى أى وقت «طبيعية» والألمان «فخورون» وهى الأسئلة التى وجدت جوابا فى النشوة الملتحفة بالعلم الألمانى فى كأس العالم 2006.
وقد أغلقت ميركل كل هذه الصفحات. فهى الموحدة العظيمة، ومن أجل ذلك تتمتع بالحب فى أمة سئمت التشكك فى الذات، فلتبع السيارات، ولتحقق التوازن، ولتحافظ على القدرة التنافسية، وتجنب المفاجآت وعش سعيدا بعد ذلك.
فهل يكفى هذا بالنسبة لأقوى دولة فى أوروبا؟ لقد عنون شميت تعليقه: «هل تطل المستشارة برأسها أخيرا من مكمنها؟» أظن أنها ظهرت بالفعل: وهذه هى حقيقة ميركل. لا تنشغل بالموروثات، إذا كان الإرث ينطوى على مبالغة مصطنعة من أجل الإنجاز التاريخى.
●●●
وقد وازنت بين مطالبة بلادها بالحصافة المالية، والخلاص من اليورو. كما سارت أيضا فوق خط رفيع جدا بالنسبة لألمانيا بين مطالب القيادة، والتصورات حول هيمنة لا تحمد عقباها. وربما تبدى، بتشكيل ائتلاف واسع متوقع مع الاشتراكيين الديمقراطيين (لم يعد حزب الشعب)، ومن دون الديمقراطيين الأحرار الليبراليون الجدد تساهلاً موجها للنمو على نحو أكثر قليلا إزاء دول مثل اليونان. وينبغى أن تفعل ذلك، ولكن أى تغيير سيكون هامشيا.
وماذا أيضا؟ سوف تهتم ميركل أكثر بالأنجلوسكسون أكثر من اهتمامها بفرنسا، وستفعل كل ما فى وسعها لإبقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى، وربما منح بعض الصلاحيات مرة أخرى إلى الدول القومية فى مقابل التكامل المالى. كما ستدفع بقوة باتجاه زيادة قدرة أوروبا على المنافسة. وسوف تمارس سلطة هادئة فى صيغة ألمانية: ضد العسكرة والتدخل، ومن أجل نظام عالمى أكثر توازنا تقوده أمريكا، على أن تتقبل حدوده. فهى تتطلع إلى ألمانيا قوية، ضمن أوروبا متحدة، فى عالم أكثر حرية.
●●●
ولا شك أنها غيرت ألمانيا بالفعل، على نحو يفوق ما يدركه الناس. فقبل جيل من الآن، كان من يرى أن امرأة من الشرق لم تنجب، يمكن أن تقود الديمقراطيين المسيحيين، وألمانيا مع وزير خارجية مثلى الجنس، ونائب للمستشارة من أصل فيتنامى، سوف يوصم بالجنون. لكنها أتاحت لألمانيا مساحة للتطور.
وقال لى جيوفانى دى لورنزو، رئيس تحرير صحيفة دى تسايت الأسبوعية، أنه كان خارجا مع ابنته ذات السنوات الخمس، وعندما شاهدت كل تلك الملصقات الانتخابية لميركل، التفتت إليه وسألت: «هل هذه المرأة زعيمة العالم؟».. سؤال جيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.