إذا استمر أداء جماعة الإخوان السياسى والميدانى بهذا الشكل الركيك فليس بعيدا ذلك اليوم الذى تصبح فيه الجماعة منبوذة شعبيا، اضافة إلى احتمال كبير بأنها ستكون محظورة قانونيا. الجماعة فشلت فشلا ذريعا فى الحكم ويبدو من المؤشرات الراهنة انها ستفشل فشلا اكبر منه بكثير وهى فى المعارضة. يحق للإخوان بطبيعة الحال ممارسة جميع الاحتجاجات طبقا للقانون لكن مشكلتهم الكبرى انهم فقدوا ويفقدون كل يوم المزيد من التأييد الشعبى بسبب انفصالهم الكامل عن الواقع. مظاهرات الإخوان صارت تنخفض يوما بعد يوم، لكنهم هم الوحيدون الذين لا يرون انها تنخفض، ويدهشك بعضهم حين يقسم لك بأغلظ الأيمان ان المئات الذين نراهم فى المظاهرة هم ملايين. فإذا كان الشيخ القرضاوى بكل علمه واتصالاته وعلاقاته يتحدث من فوق منبر احد مساجد الدوحة بمعلومات غير موثقة وغير صحيحة فما بالنا بمن هم ادنى منه علما وتدينا؟. استمرار الإخوان بهذه الوسائل الصبيانية قد يحولهم إلى جماعة مهددة بالاندثار. اذا شعر الإخوان ان الشارع بدأ ينصرف عنهم فلماذا لا يجربون وسيلة مختلفة. لماذا لا يتوقفون مثلا عن الاحتجاجات لمدة شهرين أو ثلاثة ليعيدوا تقييم مجمل تجربتهم؟. فى كل يوم يخرجون للتظاهر أو يبتكرون طريقة للاحتجاج فإنهم يخسرون انصارا جددا. سمعنا وقرأنا عن دعوات إخوانية للعصيان المدنى مع بدء الدراسة فى المدارس والجامعات. والواقع الذى لا يخفى إلا على اعمى هو ان الدراسة لم تتأثر والمشكلة هى الزحام وليس العصيان لدرجة دفعت احد الساخرين للقول اذا كان هذا هو حال الشارع والمدارس فى حالة العصيان فماذا سيحدث فى حالة النفير العام؟. صباح الاحد الماضى أوصلت ابنى للمدرسة وفى طريقى من السيدة زينب إلى الزمالك شاهدت عشرات المدارس وآلاف الطلاب يقبلون على يومهم الدراسى الاول، ورأيت اولياء الامور يصطحبون ابناءهم مبتهجين وسمعت حماس غالبية التلاميذ وهم يحيون العلم والأهم ان غالبية المدارس التى يملكها إخوان أو متعاطفون معهم خالفت دعوات العصيان فكيف نفسر ذلك الا الخوف من مواجهة غضب شعبى صارم. وقبل منتصف النهار تلقيت اتصالا من قناة الجزيرة يسألوننى فيه عن تفسيرى للاستجابة الواسعة للعصيان العام!. فقلت لهم ان ما رأيته بعينى يخالف روح السؤال بل ويتناقض مع معظم ما جاء فى تقريركم الخبرى. صحيح ان بعض التلاميذ والطلاب تظاهروا تأييدا لدعوة الإخوان لكن الغالبية تصرفت وكأن شيئا لم يكن. مخلصا اطالب جماعة الإخوان ان تهدأ قليلا. ان تسأل انصارها عما يلاقونه فى الشارع وعما يسمعونه من الناس. كان الإخوان يقولون ان لدينا استطلاعات شعبية لمعرفة اتجاهات الرأى العام فلماذا لا يفعلونها الآن؟. لماذا لا تجربوا السير فى الشارع فرادى والقول انكم إخوان؟. فى كل مرة تتظاهرون وتعطلون مصالح الناس اليومية تزداد كراهيتهم لكم. الطريق الذى تسيرون فيه هو عملية انتحار بطىء.