● لا يريد رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما إسقاط نظام بشار الأسد. كما أنه لا يريد أن يقف مع طرف ضد طرف آخر فى الحرب الأهلية الدائرة فى سوريا، حيث قتل حتى الآن نحو مائة ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال، واضطر أكثر من مليون شخص آخر إلى مغادرة منازلهم. إن ما يهم الرئيس الأمريكى هو نقل الرسالة التالية للأسد: لا تستخدم السلاح الكيميائى! وبكلام آخر، أنت تستطيع مواصلة قتل الرجال والنساء والأطفال ما لم تستخدم السلاح الكيميائى. فقذائف المدفعية والقصف الجوى والصواريخ الباليستية مسموحة، لكن السلاح الكيميائى ممنوع. ● من الصعب تصديق أن هذا فعلا ما يريد أن يقوله أوباما الذى يبدو أسير التعهدات التى قطعها قبل بضعة أشهر حين أعلن أن استخدام السلاح الكيميائى يشكل خطا أحمر. وها هو اليوم يشعر بأن عليه الوفاء بهذه التعهدات مهما آلت إليه الأمور. وفى الواقع لا يوجد منطق فى هذا الكلام، فإذا كان الهدف هو إنقاذ حياة الناس، فإن هذا الهدف لن يتحقق ب«التدخل العسكرى» بل سيحدث العكس. ● إن الصور التى شوهدت فى شتى أنحاء العالم لجثث الأطفال الذين ماتوا بالسلاح الكيميائى الذى استخدمته قوات الأسد بالقرب من دمشق تقشعر لها الأبدان، وسوف تبقى محفورة فى ذاكرتنا لزمن طويل، وهى تذكرنا بصور الخمسة آلاف قتيل من الرجال والنساء والأطفال الذين قتلوا بالسلاح. الكيميائى فى مدينة حلبجة الكردية على يد الجيش العراقى فى 1988 ● ويجب ألا ننسى أن الجيوش العربية استخدمت السلاح الكيميائى فى الماضى، فالجيش المصرى استخدمه فى اليمن ما بين 1963 و1967، والجيش العراقى استخدمه ضد الإيرانيين ما بين 1980 و1988، وكان يجب على العالم يومها أن يتدخل ويضع حدا لاستخدام هذا السلاح، لكن فى ذلك الحين لم يكن أحد يهتم بذلك حقا. ● إن الحقيقة المحزنة فى الحرب الأهلية السورية هى أن الطرفين المتقاتلين ينتميان إلى القوى الظلامية. فالأسد وأنصاره جزارون وخلال الأعوام الماضية أثبتوا وحشيتهم، والنظام السورى جزء من «محور الشر» إلى جانب التنظيم الإرهابى حزب الله ومعلمه إيران. أما الثوار السوريون فمرتبطون بالقاعدة وبالتنظيمات الإسلامية المتشددة التى تسعى إلى تدمير إسرائيل والحضارة الغربية وأثبتت قدرتها على القيام بهجمات دموية. ومن السهل تخيل الخطر الذى ستشكله هذه التنظيمات إذا انتصرت فى الحرب الأهلية فى سوريا. ● فمن يرغب فى رؤية انتصار طرف من هذين الطرفين على الطرف الآخر؟ من الصعوبة بمكان إنهاء هذا النزاع الدموى من دون مساعدة طرف ضد الآخر، كما أن هذا الأمر يتطلب تدخلا لقوات برية، وسنحتاج إلى مئات الآلاف من الجنود من أجل نزع السلاح من الطرفين. وقلائل فى العالم الغربى من لديهم القدرة على القيام بذلك. أما من لديه هذه القدرة مثل الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فهما غير مستعدتين للقيام بذلك لأسباب واضحة. ● وهكذا تستمر أعمال القتل بسلاح تقليدى وغير تقليدى بمساعدة إيران وروسيا وبعض الدول العربية. وتمتد المعارك إلى داخل لبنان وقد تصل إلى الأردن أيضا. أما الدول المجاورة لسوريا مثل تركيا وإسرائيل اللتين لديهما القدرة العسكرية للدفاع عن نفسيهما، فهما فى حالة تأهب للدفاع عن أمن حدودهما.
وزير دفاع سابق «هآرتس» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية