ينظر إلى المحاكمة في قضية "إرغينيكون" التي اتهم عدد من الاشخاص بينهم ضباط بالجيش بالتخطيط للإطاحة بالحكومة على أنها من أهم المحاكمات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. فهي محاكمة للمؤسسة العسكرية، التي باتت لوقت طويل بمثابة الحارس القائم على حماية القيم العلمانية التركية. وكان من بين المتهمين الذي بلغ عددهم 275 متهما، رئيس الأركان السابق الجنرال إلكر باشبوغ إلى جانب عدد آخر من كبار الضباط والصحفيين والمحاميين والأكاديميين والسياسيين. وجميعهم اتهموا بالتآمر للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان. وقد تصدى حزب العدالة والتنمية الحاكم، ذو الجذور الإسلامية، بشدة للمتهمين بالتآمر على الإطاحة بحكومته، فكانت هناك محاكمة رفيعة المستوى لكبار العسكريين. ما هي خلفية المؤامرة المزعومة؟ يطلق اسم إرغينيكون على ما وصفه الإدعاء بشبكة سرية تضم وطنيين مغالين في الوطنية وعلمانيين في تركيا على صلة رفيعة المستوى بالجيش والأمن، وهى شبكة وصفت بأنها تكن العداء لحزب العدالة التنمية بسبب جذوره الإسلامية المحافظة. ووجهت إلى الشبكة اتهامات بالتآمر لتقويض الحكومة التي يتزعمها الحزب والإطاحة بها. وتعود التحقيقات في قضية إرغينيكون إلى عام 2007 عندما عثر على مخبأ لعبوات ناسفة في منزل ضابط سابق في الجيش في واقعة وصفتها النيابة العامة بمؤامرة كبرى أفضت إلى القبض على نحو 200 شخص من بينهم ضباط كبار في الجيش التركي. وتشير كلمة إرغينيكون إلى واد يقع في آسيا الوسطى يقال إنه موقع أسلاف الأتراك. ما هو الدور المتهم به الجنرال باشبوغ؟ وجهت إلى الجنرال إلكر باشبوغ تهم بإنشاء وقيادة جماعة إرهابية تسعى الى الإطاحة بالحكومة. وجاء القبض عليه في أعقاب استجواب جرى بمعرفة محكمة اسطنبول كجزء من تحقيقات بشأن حملة مزعومة على الإنترنت للتشكيك في الحكومة وزعزعة استقرارها. ونفى باشبوغ الاتهامات المنسوبة إليه ووصفها – حسبما نقلت عنه الأنباء – ب"الدرما الهزلية". ونقل عنه محاميه قوله إنه إن كان يرغب في إسقاط الحكومة، بوصفه قائدا لجيش قوي لكان لجأ إلى سبل أخرى بدلا من اللجوء إلى استخدام مواقع الانترنت. هل تمكن القضاء بعد تحقيقاته الطويلة التي شملت مئات الأشخاص من الغوص في القضية وكشف أبعادها؟ كثيرون يرون أن القضاء تمكن من ذلك. لقد استمرت التحقيقات لما يربو على خمسة أعوام وتضمنت الكثير من التحقيقات التي أفضت إلى القبض على مئات المتهمين، من بينهم آخرون متورطون في مؤامرة أطلق عليها اسم "عملية المطرقة"، تقول النيابة إنها كانت تهدف إلى استخدام الأعمال الإرهابية لتهيئة أجواء تمكن الجيش من تولي السلطة. فعندما اعتقلت السلطات ما يزيد على 200 ضابط لضلوعهم بدور مزعوم في مؤامرة "عملية المطرقة" عام 2011، قدم قادة الجيش والبحرية والجوية في تركيا استقالتهم احتجاجا على الإجراء. وفي سبتمبر الماضي حكم على الجنرالات جيتين دوغان وأوزدين أورنيك وإبراهيم فيرتينا بالسجن 20 عاما لكل منهم. كما أدين نحو 330 ضابطا، من بينهم بعض الشخصيات البارزة في الجيش بالتورط في مؤامرة الإطاحة بالحكومة. كما برأت المحكمة 34 آخرين، ونفى جميع المتهمين التهم المنسوبة إليهم. ويثار جدل كبير بشأن التحقيقات ككل، حيث يزعم معارضون أنها تحقيقات تحمل دوافع سياسية ويستخدمها إردوغان كذريعة للتصدي لموجة الانتقادات التي تواجهها الحكومة. ما هي ردود فعل المجتمع التركي تجاه ذلك؟ تتباين ردود الفعل داخل المجتمع التركي. فالبعض يقول إنها تهديد حقيقي يطلق عليه اسم "الدولة العميقة" لنخبة الظل العسكرية التي تحكم تركيا من خلف الستار لعقود ولابد من الحيلولة دون رجوعهم إلى السلطة. في حين يحذر آخرون من أن الحكومة الحالية، على الرغم من كونها تتمتع بدعم شعبي وأغلبية مريحة في البرلمان، تسقط في هوة كانت تسعى إلى تفاديها، وهى استخدام القضاء لتحقيق أغراض سياسية، ما يؤدي إلى تقويض الديمقراطية التركية.