لم تتوقف الصحافة وباقى وسائل الإعلام فى الولاياتالمتحدة خاصة، والدول الغربية عامة عن الحديث عن الحالة المصرية، منذ انطلقت مظاهرات ثورة 30 يونيو، وحتى دعوة الفريق أول عبدالفتاح السيسى للمصريين لتفويض الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب والعنف المحتملين. وحتى اللحظة الأخيرة توقعت الصحافة الأمريكية نزول حشود كبيرة فى الشوارع تلبية لدعوة القائد العام للقوات المسلحة، لكنها لم تخف تخوفاتها من العنف، على الرغم من قاعدة ذهبية فى المظاهرات حول العالم بأن الأعداد الغفيرة تمنع احتمالات العنف. وعلى الرغم من تركيز الإعلام الغربى على ما قد يحدث فى جمعة رفض الإرهاب، إلا أن الموضوع الأساسى ظل النقاش حول الموقف الأمريكى مما حدث فى مصر، وهل هو انقلاب يوجب قطع المعونات عن القاهرة، أم أنه تحرك شعبى استجاب له الجيش، بترجمة المطالب إلى فعل سياسى. وخلال النقاش لم تخف وسائل الإعلام القلق الغربى مما يمكن أن يحدث فى أكبر دول الشرق الأوسط، وحجر الأساس لتنفيذ أى سياسة غربية فى المنطقة. الجميع يخشى من عنف يؤثر على أمن إسرائيل، أو يجعل مستقبل المنطقة وضمنها دور الإسلام السياسى محل غموض قد لا تحتمله المصالح الدولية فى المنطقة. الفورين بوليسى: الإدارة الأمريكية سعيدة بالعمل مع الجنرالات مجددًا قالت مجلة فورين بوليسى الأمريكية أمس إن المنطقة العربية بخاصة حلفاء الولاياتالمتحدة أصبحوا يعانون من درجات مرتفعة من القمع المصحوب بإفلات من العقاب، إضافة إلى انتشار وتيرة الطائفية وحدة الانقسام لدرجة باتت معها معظم الحلفاء مهددون. وقارنت المجلة بين ما حدث فى البحرين قبل عامين من قمع واسع قادته المملكة العربية السعودية للقضاء على مظاهرات الشيعة، وما يحدث فى مصر الذى وصل فى نهايته إلى عزل الجيش لأول رئيس مدنى منتخب بعد ثورة يناير، لتقول إنه بالرغم من اختلاف الأحداث فى كل دولة عن الأخرى، إلا أنه فى النهاية تكون المخاطر على السياسة الأمريكية فى المنطقة متماثلة تقريبا. ففى مصر، تبدو الإدارة الامريكية عاجزة إلى الآن فى التعامل مع أحد أكبر حلفائها القدامى ألا وهو مؤسسة الجيش، فى وقت يسعى فيه الجيش بتغيير القواعد الديمقراطية المعهودة، بعد عام من عدم الاستقرار وخيبة الأمل فى صفوف المصريين، لتضح الرؤية أن المسار كان باتجاه انقلاب من الجيش. وتتابع المجلة، أن دعوة الجنرال الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، للمصريين من أجل الاحتشاد لدعمه فى مواجهة الإرهاب، مقلقة بكل المقايس لما هو آت فى غضون الأيام القليلة المقبلة، إضافة إلى أنها تنذر بتفاقم سلطوية الجيش مجددا فى الساحة السياسية. ولمواجهة المعضلة المصرية فى السياسة الأمريكية، تقول المجلة، سعت إدراة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى إبلاغ مشرعيه وأعضاء إدارته بالتعامل مع الحالة المصرية على أنها ليست انقلابا بصورته المعهودة لنجد فى الأخير كلمات وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى باعتبار أن الجيش استطاع تجنيب البلاد حربا أهلية، وذلك من أجل الحفاظ على تدفق المعونات العسكرية لمصر. وتضيف المجلة، بالرغم من التعثر الديمقراطى التى شهدته مصر، وعدم التوقع الأمريكى لتداعيات احتجاجات 30 يونيو، وما أسفر عنه فى النهاية بإزاحة الرئيس محمد مرسى من السلطة، إلا أن قطاعا عريضا من أعضاء إدارة أوباما وأجهزة الدولة سعداء ومرتاحون من إزاحة جماعة الإخوان عن الحكم والعودة مجددا للعمل مع النظام العسكرى. هذا الارتياح بين أعضاء إدارة أوباما، تجاوز حتى ضيقهم من جراء الحملة المناهضة لسياستهم من قطاع عريض من الشعب المصرى وأطيافه السياسية معتبرين واشنطن الشيطان الأكبر، وذلك بعد أن استطاع الإخوان خلال عامها الأول من الحكم تدمير جميع القواعد الديمقراطية، وإدخال البلاد إلى نفق اقتصادى مظلم، إضافة إلى حالة من العنف المستمر فيما كانت واشنطن تغض طرفها. حماس تغلق مكتب وكالة معا بعد تقاريرها عن هروب قيادات إخوانية إلى غزة أغلقت حركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة أمس الأول مكتب قناة العربية الإخبارية ومكتب وكالة معا للأنباء (الفلسطينية)، بحسب ما أعلن مصدر مسئول فى الحركة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان حصلت على نسخة منه أن «النائب العام الفلسطينى المستشار إسماعيل جبر أصدر قرارا يقضى بإغلاق مكتب ما يسمى بقناة العربية ومكتب وكالة معا الإخبارية (المستقلة الخاصة) فى قطاع غزة». وأوضح أن «سبب الإغلاق ناتج عن تلفيقهما الأخبار ونشر الشائعات المفبركة وبث معلومات ليس لها رصيد على أرض الواقع ولا تستند إلى مصدر الحقيقة وتهدد السلم الأهلى وتضر بالشعب الفلسطينى ومقاومته». وأضاف البيان أن النائب العام «أصدر تعليماته أيضا بإغلاق شركة لينس (شركة إنتاج تليفزيونى خاصة فى غزة) بناء على قرار مجلس الوزراء بغزة، برئاسة اسماعيل هنية (رئيس الحكومة المؤقتة)، الذى يحظر التعامل مع الوكالات الإعلامية التى تتعاون مع الاحتلال». وقال البيان إن هذه الشركة «تعاملت مع فضائية (اى نيوز 24) العبرية». من ناحيتها قالت وزارة الداخلية فى حكومة حماس فى بيان إنها «تستهجن قيام وكالة معا بنشر الأكاذيب حول هروب عدد من قادة الإخوان المسلمين من مصر لغزة». وفى وقت سابق قال مصدر مسئول طلب عدم الكشف عن اسمه للوكالة الفرنسية «قرر النائب العام إغلاق مكتب قناة العربية ومكتب شبكة معا الإخبارية فى قطاع غزة بسبب نشرهما لأخبار كاذبة تتعلق بحملة التشويه ضد حكومة حماس وغزة فيما يتعلق بالأوضاع فى مصر». وأكد مراسل القناة إسلام عبدالكريم هذا الإغلاق، قائلا «تم تسلم الإخطار وسيصدر بيان رسمى من قناة العربية للرد على هذا القرار». من جهته، أوضح مسئول فى وكالة معا طلب عدم الكشف عن اسمه «تسلمنا القرار الذى ينص على إغلاق المكتب موقتا بقرار من النائب العام والتحفظ على محتوياته»، مشيرا إلى أن حماس تقول إن القرار أتى «بسبب نشر أخبار كاذبة». وكان مكتب الإعلام الحكومى التابع لحركة حماس قام صباح أمس الأول باستدعاء مدير مكتب وكالة معا فى غزة عماد عيد لمساءلته حول خبر نشرته الوكالة يتعلق بهرب بعض قادة حركة الإخوان المسلمين فى مصر إلى قطاع غزة. علاء الأسوانى: السيسى أفضل قائد عسكرى منذ دوايت أيزنهاور قال الكاتب البريطانى الشهير روبرت فيسك إن الروائى المصرى علاء الأسوانى حاول إقناعه خلال حفل إفطار قبل أيام بأن الفريق أول عبدالفتاح السيسى هو أفضل قائد عسكرى على الإطلاق منذ الرئيس الأمريكى الأسبق دوايت أيزنهاور، فى وقت كان فيه الرئيس المعزول محمد مرسى أسوأ الرؤساء العرب وأكثرهم مللا. وأضاف فيسك فى سياق تقرير نشر أمس فى صحيفة الإندبندانت البريطانية، أن الأسوانى أبلغه أن الإطاحة بمرسى كانت مطلبا شعبيا ولم تكن انقلابا على الإطلاق، حيث إن 30 يونيو هو الموجة الثالثة للثورة. وفى معرض شرحه لأسباب ثقته فى الجنرال السيسى أكثر من الرئيس المعزول مرسى، نقل فيسك عن الأسوانى قوله «أؤمن بالشعب المصرى، وأعتقد أن الغرب يفتقد الكثير من التفاصيل حول هذا الشعب». وأضاف الأسوانى: «عليك ألا تنسى أن مرسى لم يكن الفائز فى الجولة الأولى، حيث كان هناك ما يقرب من 8 ملايين شخص لم يكن خيارهم الأول مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وصوتوا له فى النهاية من أجل الوقوف أمام إمكانية فوز أحمد شفيق». وعن مصدر ثقته فى السيسى، قال الأسوانى إنه «قابله للمرة الأولى بعد 2011 عندما وجهت له الدعوة فى أحد أجهزة الجيش بعد كتابته مقالا انتقد فيه بشدة المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق، حيث أبلغ السيسى وقتها عند مقابلته أنه يمتلك الحق فى التعبير عن رأيه والمشير له الحق فى اعتقالى إذا أراد ذلك، إلا أن السيسى بحسب الأسوانى أبلغه بأنه لن يتم اعتقاله مادام ذلك تعبيرا عن الرأى لتنقلب المقابلة بعدها إلى مقابلة ودية للغاية. ومنذ هذه اللحظة، يقول الأسوانى، امتلكت انطباعا بأن هذا الرجل يختلف كثيرا عن القيادة العسكرية فى ذلك الوقت وقراراتها. باحثان أمريكيان: مصر بين «استبداد بوصاية عسكرية» و«عودة للديمقراطية» رأى الباحثان بمركز ودرو ولسن للدراسات، مارينا أوتاواى وديفيد أوتاواى، أن دعوة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السياسى لجموع «المصريين الشرفاء» إلى مظاهرات حاشدة فى ميادين مصر لتفويض الجيش ضد الإرهاب، أثبتت أن الإطاحة بالرئيس محمد مرسى انقضاض عسكرى على السلطة على غرار ما فعله الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى 1952، وليس ثورة شعبية كما يروج معارضو الرئيس الإسلامى. وأكد الباحثان فى مقالهما بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية أمس، أن هناك أدلة متزايدة على أن حملة جمع التوقيعات ضد مرسى لم تكن مبادرة شبابية بالكامل، مشيرين إلى أنها لاقت دعما كافيا من «الأمن»، على حد قول الصحيفة. وقال الباحثان إن «الجيش يسيطر على الأمور فى الوقت الراهن، ويسعى لتعبئة الدعم الشعبى لإضفاء الشرعية على دوره السياسى»، مشيرين إلى أن «ما يحدث الآن فى مصر، يجد جذوره التاريخية فى أحداث يوليو 1952 وما تبعها، حين انقلب الضباط الأحرار على الملك فاروق، وأجبروه على مغادرة البلاد، ووضعوا المؤسسة العسكرية فى بؤرة الحياة السياسية». وتابعا: «بعد شهور قليلة من الإطاحة بالملك فاروق، حظرت السلطة الجديدة الأحزاب السياسية وأطلقت هيئة التحرير الوطنى لتعبئة الدعم الشعبى ل«الثورة»، مضيفة: «مهدت المواجهة بين أعضاء هيئة التحرير وجماعة الإخوان المسلمين بجامعة القاهرة فى 1954، الطريق لحظر الجماعة التى أيدت الانقلاب فى بدايته. وأوضح الباحثان: «استخدم جمال عبدالناصر، هيئة التحرير لزيادة شعبيته وتهميش خصومه الداعين للعودة للحكم التعددى». لعل تلك الأحداث تشبه ما يحدث اليوم، على حد قول مارينا وديفيد، «فالسيسى دعى لتعبئة شعبية لدعم الجيش، بعد أيام من ذكرى ثورة يوليو، وبعد فترة من مواجهات بين مؤيدى ومعارضى مرسى فى منطقة جامعة القاهرة»، على حد قولهما. وأكد الباحثان على صعوبة تطبيق خريطة الطريق التى أعلنها الجيش بعد المظاهرات الحاشدة المقرر خروجها إلى الشوارع والجريدة ماثلة للطبع، متوقعين أن تكون تلك المظاهرات بمثابة استفتاء شعبى على حملة ضد الإخوان المسلمين، وأن تهدم محاولات «المصالحة الوطنية». واختتم الباحثان مقالهما بقولهما إن «مصر تمر بمنعطف حاسم، ويمكن أن تنزلق بسهولة نحو حكم استبدادى جديد تحت وصاية عسكرية، ولكن هذا النظام سيكون أكثر قمعا من نظام مبارك لأن الإسلاميين أكثر تنظيما وغضبا». ومن جهتها، رجحت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، أن يلبى الشعب طلب الفريق السيسى ويخرج فى مظاهرات حاشدة، والجريدة ماثلة للطبع، لكنها حذرت فى الوقت ذاته، من احتمالية أن يسفر ذلك عن اقتتال أهلى. وأشارت المجلة إلى أن دعوة السيسى للتظاهر ربما جاءت كرد فعل على تصعيد قيادات جماعة الإخوان حملتهم من خلال محاصرة المنشآت الحيوية، بالإضافة إلى تزايد الهجمات التى يشنها الإسلاميون الراديكاليون على قوات الأمن خاصة فى منطقة سيناء. وأضافت المجلة، أن «الفريق السيسى يبدو متوضعا وتقيا»، مضيفة: أن «الجيش الذى يتكون من 450 ألف مجند ما زال يحظى باحترام وشعبية واسعة»، ومشيرة إلى أن «استطلاعات الرأى الموثوق بها تشير إلى أن أقل من ربع المصريين الآن يؤيدون الإخوان المسلمين، كما أن هذا العدد أصبح أقل من ذلك فى المدن الصغيرة». واستطردت المجلة: أن «الدولة المصرية التى ما زالت تتمتع بالقوة، وتحظى الآن بدعم شعبى بالإضافة إلى الدعم المالى لدول الخليج، سوف تتمكن من إبقاء الإسلاميين تحت السيطرة باستثناء بعض أعمال العنف.