باستثمارات تصل إلى 25 مليار جنيه، وفى محافظة حلوان جنوبى القاهرة تم الإعلان أمس الأول عن أول منطقة للتجارة الداخلية فى الجمهورية، من المخطط أن تسهم فى القضاء على مشكلة توفير الأراضى التى تواجه سلاسل التجارة وتعيق توسعها فى أنحاء الجمهورية. وتضم المنطقة مدينة تجارية متكاملة الخدمات تشمل مجمعا تجاريا، ومنطقة خدمات لوجيستية تخدم متاجر التجزئة بمحافظة حلوان وإقليم القاهرة الكبرى بالكامل بحجم استثمارات تصل إلى 10 مليارات جنيه مصرى تضخها مجموعة الشايع السعودية. كما تضم المنطقة مشروع مدينة للتجار، بحجم استثمارات يصل إلى 15 مليار جنيه مصرى. ويأتى هذا المشروع فى الوقت الذى تزايدت فيه شكاوى مستثمرى متاجر التجزئة من عدم توافر الأراضى خاصة فى المحافظات للتوسع فى سلاسل التجارة. وتعتمد الحكومة المصرية على دفع الطلب والاستهلاك المحليين لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية التى خفضت معدل النمو مما يتجاوز ال 7% فى العام المالى 2007 2008 إلى 4.7% فقط فى التسعة أشهر الأولى من العام المالى الحالى. وفى ظل تراجع الطلب العالمى على الاقتصاد المصرى بعدما تراجعت الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة بات الطلب المحلى، والجزء الاستهلاكى منه، المخرج الوحيد لإنقاذ هوامش ربح الشركات، التى بدأت فى الاهتمام بشكل كبير بالمستهلكين خارج القاهرة وفى ضواحيها لكنها اصطدمت بمشكلة المنافذ والأراضى لإنشاء المنافذ. أزمة فى الأراضى «جارٍ البحث عن أراضٍ مع الوزارات المعنية، والتى من الممكن أن توفر الأراضى اللازمة لإنشاء المول التجارى المطلوب» هذا هو الرد الذى حصل عليه ممدوح زهران رئيس مجلس إدارة شركة زهران للأدوات المنزلية، عند تقدمه إلى جهاز تنمية التجارة الداخلية بوزارة الاستثمار للحصول على قطعة أرض لإقامة مركز للتسوق فى إحدى المحافظات. زهران يقول إنه تقدم بطلبات للحصول على أراضٍ فى محافظات وجه قبلى، وبحرى، ولم يجد الأراضى اللازمة فى أى منها. وكانت سحر السلاب، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية بوزارة التجارة والصناعة، قد أعلنت خلال لقائها بأعضاء غرفة تجارة الإسكندرية، فى شهر فبراير الماضى، أنه خلال فترة 24 شهرا سيتم توفير أراضٍ فى محافظات الشرقية والدقهلية والزقازيق وربما أسيوط لإقامة مراكز تجارية جديدة. وأضافت السلاب أن الجهاز يستهدف إنشاء أسواق فى 25 منطقة فى جميع محافظات الجمهورية وذلك بهدف تنظيم وتنشيط التجارة الداخلية غير المنتظمة. من ناحيته، أشار خالد فتح الله رئيس مجلس إدارة شركة فتح الله لتجارة الجملة، وصاحب سلسلة محال فتح الله، إلى أنه تقدم منذ فترة بطلب للتوسع بإنشاء فرع جديد فى الإسكندرية، إلا أنه لم يجد أراضى متوفرة، سوى فى منطقة برج العرب، والتى تبعد عن المناطق المأهولة بالسكان، وبالتالى فإنها لن تصلح لإقامة المشروع الجديد. يقول علاء عمر رئيس قطاع الاستثمار فى المحافظات بالهيئة العامة للاستثمار إن جميع المحافظات لديها أراضٍ تخصصها لإقامة المولات التجارية، تناسب سلاسل التجارة، إلا أنها توفر هذه الأراضى بنظام المزايدات. كان فتح الله قد تقدم للحصول على قطعة أرض فى طنطا ليكتشف أنها معروضة بنظام المزاد، «وهو ما يعنى زيادة تكاليف إقامة المشروع، وبالتالى يكون غير مجد اقتصاديا»، تبعا لفتح الله. كان رئيس الجمهورية قد أصدر قرارا بإنشاء جهاز تنمية التجارة الداخلية، فى نهاية عام 2008 ليختص بتطوير وتنمية قطاع التجارة الداخلية وتحفيز وتشجيع الاستثمار فى قطاعات تجارة الجملة والتجزئة، ووضع خطط وبرامج توفير وتحديد الأراضى اللازمة لتنمية التجارة الداخلية بالتنسيق مع الوزارات المعنية. البيع أو حق الانتفاع يقول عمر إنه من المفترض أن يتم توفير أراضٍ لهذا النشاط بنظام البيع، حتى تقل تكلفة الحصول على الأراضى عن تكلفة أراضى المزادات. من جانبه يرى زهران الأراضى التى تخصص لنشاط تجارة الجملة، الصالحة لإقامة مولات كبيرة، يجب أن تخصص بنظام حق الانتفاع، لأن بيع الأراضى يعنى مزيدا من التكلفة التى يتحملها صاحب شركة التجارة. ويقترح زهران أن تكون مدة حق الانتفاع لا تقل عن 35 عاما، تتقاضى الدولة عنها مقابلا ماديا سنويا، وبعدها تئول إلى الدولة. خالد فتح الله يقول إن تكلفة الحصول على قطعة أرض لمول تجارى، لن تقل مساحته عن 1000 2000 متر، بسعر المتر لا يقل عن 500 جنيه للمتر، فى حالة البيع لن تقل عن 50 مليون جنيه، وبالتالى فإن هذه التكلفة باهظة، لا تقدر على تحملها سلاسل المحال المحلية، ويجب أن يكون هناك دعم من الدولة يقدم إلى السلاسل المحلية التى لا تمتلك قدرات مالية تتناسب مع قدرة سلاسل المحلات العالمية. وتلقى جهاز تنمية التجارة الداخلية، تبعا لرئيسته، طلبا من وزارة الإسكان أن تقدم له قائمة بالأراضى التى يمكن أن توفرها الوزارة فى محافظات أسيوط، والمنيا، ومدينة العاشر من رمضان، وسيتم الإعلان عنها الأسبوع المقبل، على أن تقدم الأراضى إما بنظام حق الانتفاع أو البيع، حسب رغبة المتقدم بطلب للحصول على أرض. فرص نمو تعانى سوق تجارة التجزئة، فى مصر من سيطرة الكيانات الصغيرة والعشوائية على القطاع، كما لا تتوافر الأسواق الكبيرة التى تلبى احتياجات المواطنين فى المحافظات بخلاف محافظتى القاهرةوالإسكندرية، وهو ما يجعل وضع التجارة الداخلية لا يتناسب مع حجم السوق المصرية، لتلفت السوق المصرية أنظار الكثير من السلاسل العالمية للقدوم والاستثمار فيها حتى فى ظل وجود الأزمة المالية العالمية. ومنذ بداية العام الحالى تقدم العديد من المستثمرين إلى جهاز تنمية التجارة لإقامة استثمارات جديدة فى مجال تجارة التجزئة، حيث تقدم مستثمرون من دبى، وألمانيا والسعودية، والولايات المتحدةالأمريكية بطلبات إلى الهيئة لإنشاء أسواق تجارية صغيرة تقل عن 15 ألف متر. كما تقدمت شركة سيتى ستارز بطلبات للحصول على خمسة أماكن لإقامة مولات تجارية، فضلا عن تقدم مجموعة من المستثمرين السعوديين بطلب لتوفير 20 موقعا فى محافظات مختلفة. فوائد بالجملة على الرغم من هيمنة تجارة التجزئة على سوق التجارة الداخلية، إلا أن نصيبها من الاستثمارات لم يتجاوز ال 1.5% من إجمالى الاستثمارات، وفقا لدراسة أعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن كفاءة خدمات التوزيع فى مصر فى الفترة ما بين 2001 2007. وقد أدى ضعف الاستثمارات الموجهة إلى هذا القطاع عموما إلى انخفاض فاعليته فى الاقتصاد المصرى، فلم ينجح قطاعا تجارة التجزئة والجملة معا «فى أن يتجاوز متوسط مساهمتهما خلال فترة الدراسة ال11.8% من إجمالى الناتج المحلى، فى حين أن المتوسط على مستوى العالم يتراوح ما بين 10 و20%» كما تقول الدراسة. فى الوقت نفسه لم ينجح هذا القطاع إلا فى توفير 9% من إجمالى فرص العمل خلال نفس الفترة فى حين يصل المتوسط العالمى إلى 20%، كما جاء فى الدراسة. وهذا ما يعطى فكرة عن الإمكانات المحتملة فى مجال التوظيف لو تم تطويره فى الاتجاه الصحيح. يقول خالد فتح الله إن تكاليف الاستثمار فى إنشاء مول تجارى كبير تصل إلى ما يقرب من 50 مليون جنيه، كما أن عدد العمالة المباشرة التى يوفرها المول تصل إلى 500 عامل، والعمالة غير المباشرة تصل إلى ما يتراوح بين 2000 و3000 عامل. ويضرب وزير التجارة والصناعة مثلا بالأثر التنموى للمنطقة التجارية فى مدخل مدينة الإسكندرية، التى تحولت لمنطقة حية عامرة بالنشاط التجارى «يعمل بها الآلاف بعد أن بدأت بمركز تجارى واحد ثم توافد العشرات والمئات ليقيموا مشاريعهم التجارية الصغيرة».