مأساة حقيقية شهدتها قرية محمود شلتوت بالكيلو 64 طريق الإسكندرية الصحراوى، فى تمام الساعة الواحدة والنصف ظهر أمس الأول السبت، فقد تسببت سياسة تخفيف الأحمال فى تحويل القرية لكتلة من النار. انقطاع التيار أمر معتاد، لكن إعادته مرة أخرى كان بداية لكارثة إنسانية جديدة.
التيار الكهربائى عاد فجأة، ومعه بدأت الانفجارات، وتسونامى النيران يتحرك فوق أسلاك التيار الممتدة فوق المنازل، وبدأت النيران تلتهم أسطح المنازل.
الفلاحون داخل قرية شلتوت جميعهم جاءوا هاربين من محافظات مصر، من أجل حياة بسيطة لزراعة قطعة أرض وبناء بيت صغير، هكذا كانت أحلامهم.
«الشروق» التقت ضحايا تخفيف الأحمال، ومنهم ماهر عبد الجواد 40 سنة أحد الضحايا، يقول: «النيران كانت تلتهم كل شىء وحرارة الجو جعلت اهالى القرية يفرون بعيدا، فى الوقت الذى لم نجد فيه ماء لإطفاء الحرائق».
يقول عادل عبد المعطى: «الوضع قبل الثورة كما هو بعدها بل أسوأ، فالخدمات الأساسية منعدمة فلا مستشفيات ولا أمن ونعانى السرقات كل يوم، حيث يستوقفنا قطاع الطرق بالسلاح لسرقة سيارات النقل الخاصة بنا، بل ويسرقون التليفونات المحمولة من شبابنا ومنازلنا».
ويضيف عادل: «لم نتخيل أن كل شىء يمكن أن يحترق فى لحظات، فنحن لا نملك شيئا سوى ما ندخره فى منازلنا من أبقار وحيوانات».
أثناء تجولنا داخل القرية المنكوبة، هبط علينا الظلام، القرية فى منطقة منعزلة بقلب طريق الإسكندريةالقاهرة الصحراوى،، مشاهد البيوت فى ذلك الوقت أشبه بكهوف تخرج منها رائحة الموت، طيور وحيوانات نافقه، وأمام البيوت أوقدت العائلات مصابيح الجاز لإيواء جيرانهم ممن باتوا بلا مأوى.
سمير محمود قمح 46 سنة، يستأجر قطعة أرض ومنزلا داخل قرية شلتوت منذ 20 عاما، لديه من الأبناء محمود 12 سنة، وسمر 8 سنوات، وأسماء سنة واحدة، وقفوا جميعا يتحسرون على الطيور والحيوانات النافقة.
من شدة الظلام كنا نسير مع أهالى القرية ومعنا كشاف إضاءة لولاه لما استطعنا التجول داخل القرية، شباب القرية كان يحيط بنا من كل جانب أخبرنا أحدهم عن معاناتهم داخل القرية من قطع الكهرباء 6 مرات فى اليوم وقلة الخدمات وعلى رأسها الأمن والمستشفيات، وعدم وجود فرص عمل، حيث يعمل معظم الشباب بنظام اليومية وجميعهم يتمنى أن تنظر الدولة لهم بعين الاعتبار.
إسماعيل عبدالعليم 42 سنة، ممن احترقت منازلهم، لديه من الأبناء ثلاثة ويستأجر منزله وقطعة أرض داخل قرية شلتوت منذ 13 سنة، يقول: «لم استطع أن افارق منزلى المحترق أنظر فى كل ركن فيه، كل شىء أملكه احترق فجأة ولم يتبق سوى ما أرتديه الآن ولا اعرف كيف سأدبر أحوالى وكل الذى استطيع قوله الحمد لله على كل حال».
أما عطية محمد سعد عباس 35 سنة فيحكى معاناته قائلا «لديه أربعة أولاد وأعيش داخل قرية شلتوت منذ 10 سنوات، وكنت أدخر مبلغ 10 آلاف جنيه من أجل تخصيص قطعة ارض، وبعد أن كافحت كثيرا وأنا مريض بالقلب احترق منزلى وبه كل شىء، ولا أدرى ماذا أفعل».
من ناحية أخرى، عاينت نيابة غرب الإسكندرية برئاسة المستشار عبدالجليل حماد، وفريق من أعضاء النيابة،أمس، منازل قرية شلتوت المحترقة بمنطقة العامرية، لحصر الخسائر.
وقالت النيابة فى تقريرها المبدئى، إن أسباب الحريق ترجع إلى ماس كهربائى نتيجة التوصيل غير القانونى للكهرباء بالقرية، وبسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء وعودتها بشكل مفاجئ ما تسبب فى حدوث ماس كهربائى قوى فى احتراق 12 منزلا بالكامل وأجزاء من 8 منازل آخرى، وأن الخسائر تمثلت فى نفوق نحو 20 رأس ماشية واحتراق عدد ضخم من الأجهزة الكهربائية.