سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الشروق» تنشر تفاصيل حرمان الجيش والشرطة من التصويت بالانتخابات التشكيك فى نتيجة انتخابات 76 يدفع السادات إلى طلب التعديل..والجمسى يغضب من الزج بالقوات المسلحة فى الصراع السياسى
ثار جدل واسع خلال الأيام الأخيرة حول قرار المحكمة الدستورية العليا الملزم بالسماح لضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة بالتصويت فى الانتخابات، وعدم دستورية ما نصت عليه المادة الأولى من قانون مباشرة الحقوق السياسية بإعفائهم من التصويت، لما ينطوى عليه من حرمانهم من أحد حقوقهم الأساسية كمواطنين. «الشروق» بحثت فى قضية تصويت الجيش والشرطة فى سجلات البرلمان وذكريات من عاصروا وضع نص حرمانهم من التصويت الذى قضت المحكمة الدستورية مؤخرا بعدم دستوريته، وتبين أن ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة كان مسموحا لهم بالتصويت منذ 1956 وحتى 1976 عندما تم إلغاء هذا الحق فى ظروف سياسية وقانونية معينة.
كان النص القانونى السابق بالسماح بالتصويت مقترنا بثلاث مواد أخرى فى قانون مباشرة الحقوق السياسية الموضوع عام 1956، الأولى تقضى بأن «يعتبر الموطن الانتخابى لأفراد القوات المسلحة الموجودين فى الخدمة العاملة فى آخر جهة كانوا يقيمون فيها عادة قبل تجنيدهم، أما الضباط فيكون موطنهم الانتخابى فى مقر عائلاتهم، ومع ذلك يجوز لهم أن يختاروا لقيد أسمائهم، الجهات التى لهم فيها مصالح جدية».
أما المادة الثانية فكانت تنص على أن «يدلى أفراد القوات المسلحة الموجودون فى الخدمة العاملة بأصواتهم فى الانتخاب والاستفتاء فى الوحدات التى يعملون فيها، ويصدر وزير الحربية قرارا بتشكيل لجان عامة وفرعية تتكون من رئيس وعضوين يختارون من الموظفين العموميين، وتختص كل لجنة بتلقى آراء الناخبين كل حسب بطاقة الانتخاب الخاصة به فى موطنه الانتخابى».
أما المادة الثالثة فتنص على «تشكيل لجنة فرز أو أكثر بالنسبة لأفراد القوات المسلحة، تتكون كل منها من 7 أعضاء من الموظفين العموميين، ويكون أحدهم سكرتيرا للجنة، ويكون مقرها القاهرة ويصدر بتشكيلها قرار من وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الحربية».
إلا أنه وعقب انتخابات مجلس الشعب عام 1976 أثار مرشحو منبرى المعارضة اليمين واليسار (لم تكن وقتها قد تحولت إلى أحزاب) مسألة السماح لضباط وأفراد الجيش بالتصويت داخل وحداتهم العسكرية، باعتبارها بابا محتملا لتزوير النتائج وعدم إخضاعها للإشراف القضائى الموحد على فرز الأصوات، حسب شهادة المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، الذى كان وقتها يشغل منصب المستشار القانونى لمجلس الشعب.
ويوضح الجمل أن بعض المرشحين الخاسرين أكدوا فى شكاوى رسمية للحكومة أن أفراد القوات المسلحة يخضعون فى اختياراتهم لضغوط وتوجيهات من قبل الضباط وقيادات الوحدات العسكرية للتصويت فى اتجاهات معينة، الأمر الذى أثار حفيظة الرئيس الراحل أنور السادات، ودفعه للأمر بتعديل نظام التصويت بهدف طمأنة المواطنين والمعارضة التى كانت ناشئة آنذاك بأن مصر ماضية فى طريقها الديمقراطى لإجراء انتخابات سليمة.
ووفقا لمصادر أخرى ذات صلة بما حدث فى كواليس هذه الأزمة، فإن المشير محمد عبدالغنى الجمسى، وزير الحربية القائد العام للقوات المسلحة آنذاك، قد استاء من الزج باسم القوات المسلحة فى الأزمات السياسية، فأبلغ الحكومة برغبته فى وقف تصويت العسكريين، بعد الاتهامات التى وجهت إلى الضباط من قبل قيادات المعارضة.
ويضيف الجمل أنه بناء على عدة مشاريع بقوانين لتعديل هذه المواد قدمت من الحكومة وعدد من أعضاء منبر الوسط بالاتحاد الاشتراكى الذى يرأسه الرئيس السادات، فإن اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بدأت مناقشة حرمان العسكريين والشرطة من التصويت، وتم إسناد مهمة صياغة المادة القانونية الجديدة إلى د.جمال العطيفى، وكيل المجلس آنذاك وصهر رئيسه د.صوفى أبوطالب، ووزير الثقافة والإعلام ونقيب المحامين الأسبق.
وباستعراض مضابط مجلس الشعب أثناء تعديل هذه المادة يتبين أن عددا من النواب أكدوا أن هناك صعوبات كبيرة فى أداء أفراد القوات المسلحة لأصواتهم مما ينتج عنه تأخر إعلان نتيجة الانتخابات، وتعذر إشراف رجال القضاء على إدلائهم بأصواتهم فى وحداتهم العسكرية، بالإضافة إلى رؤية البعض أن «التصويت فى الانتخابات جزء من العمل السياسى الذى يجب أن تبتعد عنه القوات المسلحة وضباط هيئة الشرطة.
وأكدت اللجنة التشريعية فى ختام أعمالها أنها ترى «إعفاء ضباط وأفراد القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية من الإدلاء بأصواتهم، لتمكينهم من الوفاء بواجبهم فى حماية أمن البلاد وسلامتها والدفاع عن الوطن».
ويرى المستشار الجمل أن استخدام صيغة «الإعفاء من التصويت» هو ابتكار توصل إليه د.جمال العطيفى للتحايل لفظيا على أن هذا التعديل فى حقيقته يعتبر حرمانا للضباط والجنود من التصويت، حتى يبتعد عن مغبة عدم الدستورية، رغم أن الآثار المترتبة فى هذا القانون على الإعفاء المؤقت هى ذاتها المترتبة على الحرمان والحظر المؤقتين أيضا..