بين «تمرد» و«تجرد» تتأرجح شرعية أول رئيس مدنى متتخب، الذى يكمل عامه الأول فى الحكم يوم 30 يونيو المقبل، وسط حالة من الاستقطاب الشديد بين المعارضين الذين يجمعون توقيعات لسحب الثقة منه، والمؤيدين، الذين يؤكدون أنه لا مساس بشرعية الرئيس وأنهم سيقفون ضد إسقاطها. وفى هذا الملف تلقى «الشروق» الضوء على الحملتين، وموقفهما القانونى والسياسى والحركى. أثار إعلان شباب حملة «تمرد» عن جمع أكثر من مليونى توقيع على بيان سحب الثقة من الرئيس محمد مرسى، للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وانطلاق حملة مناهضة باسم «تجرد» جدلا واسعا، ففى الوقت الذى أكد فيه قانونيون أن «التوقيعات لا تتمتع بأى أثر دستورى نافذ»، يرى سياسيون أنها آلية احتجاج مشروعة تمنح الشباب فرصة للمقاومة السلمية بعيدا عن العنف.
وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن جمع التوقيعات من المواطنين لسحب الثقة من الرئيس المنتخب ليس له أثر دستورى وفورى ونافذ، إنما يقتصر أثره على المستويين السياسى والإعلامى فقط».
وأوضح الجمل ل«الشروق» أن السلطة لا تسقط عن أى رئيس ينتخب من قبل مواطنين تتوافر فيهم شروط الانتخاب، طبقا للمبادئ الدستورية، إلا بإجراء انتخابات رئاسية جديدة، أو أن يستقيل من منصبه.
واستند الجمل فى تفسيره القانونى إلى وجود فارق بين الأصوات التى حصل عليها الرئيس من خلال عملية انتخابية دستورية منظمة عن طريق صناديق الاقتراع، تحت إشراف القضاء، وبين عملية جمع توقيعات تتم بعيدا عن الطريق القانونى المرسوم لها وهو الانتخابات. وأكد أن توثيق التوكيلات فى الشهر العقارى لن يمنحها أى شرعية قانونية أو دستورية، فلا يمكن أن تحل التوكيلات الموثقة فى الشهر العقارى محل الصوت الانتخابى.
وأضاف: ستسقط الشرعية الشعبية، وليست الدستورية، عن الرئيس إذا نجح مؤسسو حملة «تمرد» فى جمع توقيعات بالملايين لسحب الثقة منه، وعليه وقتها أن يتقدم باستقالته ويدعو لانتخابات جديدة يستطيع خوضها، مؤكدا أن «هذا لا ينفى أن جمع التوقيعات عمل ديمقراطى مشروع يدخل فى باب الحريات العامة والاحتجاج المشروع على السلطة الحاكمة، وإن كان جمع توقيعات لتأييد رئيس منتخب بالفعل «مثير للدهشة».
«تمرد» آلية ديمقراطية مشروعة تسمى ب«استعادة الصوت»، فمن وضع صوته فى الصندوق وانتخب الرئيس مرسى يحاول بتوقيعه على بيان سحب الثقة، استعادة صوته بعدما تبين له فشل الرئيس فى القيام بمهمته، هكذا ينظر الدكتور مصطفى حجازى، خبير الحوكمة والتخطيط الاستراتيجى للحملة.
وقال حجازى: لا أستطيع التكهن بالنتائج التى يمكن أن تحققها الحملة، لكنى أتوقع أن تحقق نجاحا بسبب حالة الغضب والاحتقان من طريقة إدارة الحكم، خاصة أن الحملة وضعت بديلا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد سحب الثقة من الرئيس.
ونفى الخبير الاستراتيجى أن يكون إسقاط شرعية الرئيس من بين أهداف حملة «تمرد» التى تسعى لسحب الثقة منه، وهو ما يمنحه الفرصة لخوض الانتخابات مرة أخرى، على عكس إسقاط الشرعية التى تشبه العزل السياسى ما يمنع الرئيس من خوض الانتخابات مثلما حدث مع الرئيس المخلوع. وأكد أن شرعية الرئيس ستكون على المحك إذا تمكن نشطاء الحملة من جمع توقيعات تفوق عدد من انتخبوا مرسى فى جولة إعادة الانتخابات. وعلق على إعلان مؤسسى الحملة عن جمع أكثر من 2 مليون توقيع على بيان سحب الثقة، قائلا «لا أستطيع الجزم بأنهم جمعوا هذه التوقيعات، ولكن يجب ألا ننسى أن الثورة كسرت حاجز الخوف لدى الكثيرين».
وفسر حجازى وجود فارق بين عدد الموقعين على بيان «تمرد» وبين المشاركين فى مظاهرات «العودة للميدان»، التى نظمتها قوى سياسية فى 17 مايو الحالى، قائلا هناك من وقع وينتظر اللحظة المناسبة للنزول للشارع، وأتوقع زيادة عدد المتظاهرين المشاركين فى المظاهرة التى دعا لها مؤسسو «تمرد» يوم 30 يونيو، بمناسبة مرور عام على حكم الرئيس، أمام قصر الاتحادية. معربا عن أمله فى ألا تتحول المظاهرة لموقعة «اتحادية» جديدة بين مؤيدى الرئيس ومعارضيه.
من جانبها قالت الدكتورة رباب المهدى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنه من الصعب الحكم على حملة «تمرد» فى الأسابيع الأولى لانطلاقها، لكن الأمر المؤكد أنها خلقت حالة من الحراك السياسى فى الشارع، وتمنح الشباب فرصة للمقاومة السلمية بعيدا عن العنف.
ولا تجد المهدى مشكلة فى أن يتجه نشطاء «تمرد» لاستنساخ تجربة حملة جمع المليون توقيع على بيان التغيير، التى أطلقها المعارض السياسى الدكتور محمد البرادعى قبل الثورة»، موضحة أنها لا تملك آلية محددة للتأكد من صدق ما أعلن عنه مؤسسو الحملة بشأن جمعهم أكثر من 2 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى.
وفيما يتعلق بالجانب القانونى لعملية جمع التوقيعات وفرص نحاجها فى الضغط من أجل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، قالت المهدى: لا يمكننى التحدث عن قانونية جمع التوقيعات والقدرة على توظيفها فى إجبار الرئيس على التنحى، فالحملة آلية للتحرك المجتمعى فقط.
مؤسس بحملة «تمرد»: إنشاء قاعدة بيانات لاستبعاد الاستمارات الخاطئة مؤسس بحملة «تجرد»: شرعية الرئيس خط أحمر ولا نقبل انتخابات مبكرة