صناعة الفخار، من الحرف الشائعة فى صعيد مصر، وهى صناعة فرعونية الأصل، لا يزال عدد من قرى الجنوب يعتمد عليها كمصدر للعيش، لكن مع التطور التكنولوجى، والاعتماد على الأوانى المعدنية والخزفية، تراجعت هذه الصناعة حتى إنه يخشى عليها من الاندثار خلال سنوات قلائل، وربما تصبح القلل القناوى التى غنّى لها سيد درويش «مليحة قوى القلل القناوى» أثرا بعد عين، أما البلاليص، فربما بقيت ذكرى تطالعنا على مركب شراعى من فيلم يوسف شاهين «صراع فى الميناء»، أو مادة للتندر والسخرية من الخاملين قليلى الهمة. قرية الطويرات بمحافظة قنا، هى إحدى أشهر هذه القرى فى صناعة البلاليص.
الحاج على الناظر، الذى ورث المهنة عن والده وجده يعتبرها من المهن الشاقة.. «نحن نأتى بكميات من مادة «الطفلة» من عمق 4 أو 5 أمتار من مناجم الجبل «يدويا»، ولا نستخدم الديناميت خوفا على حياة العاملين، ثم نحملها على الجرارات، وكنا فى الماضى نستخدم الجمال لنقلها، بعد ذلك نعرض الطفلة لأشعة الشمس من شهر ديسمبر وحتى مارس حتى يخرج الجير منها، ثم يبدأ بعدها موسم الصناعة من 15 مارس وحتى آخر شهر أكتوبر، فهذه الصناعة صيفية ولا تصلح لموسم الشتاء».
ويتابع: ثانى مراحل هذه الصناعة عملية «التخمير» حيث توضع الطفلة فى حوش يضاف لها نسبة من المياه حسب الكمية وفى اليوم الثانى تقوم «جاموستان» بالدوران بها من الساعة 12 ظهرا وحتى الخامسة عصرا حتى تتم عملية التخمير، وتترك يومين ثم يقوم العامل بفرد «الطينة» وتوضع بداخل تابوت لتقطع بشكل عمودى، لتبدأ بعد ذلك صناعة البلاص والتى تمر ب3 مراحل.
فى المرحلة الأولى يتم تصنيع الرقبة التى توضع بعد 3 أيام على جسم البلاص، ثم المرحلة الثانية بتكفيله أى عرضه للشمس لمدة لا تقل عن 15 يوما، وبعد الانتهاء من عملية التصنيع تماما يوضع المنتج بداخل «المسلقة»، وهى عبارة عن دائرة لها الكثير من الفتحات من الداخل حتى توفر التهوية اللازمة وتستمر عملية الحرق لمدة 5 ساعات، يكون وجه البلاص فيها لأسفل حتى تدخل فيه النار بشرط أن تكون النار هادئة، يستخدم فيها البوص وليس المازوت وتظل البلاليص بداخل الفرن مغطاة حتى لا تخرج منها السخونة لمدة يومين بعد عملية الحرق.
وآخر مراحل هذه الصناعة حسبما قال الناظر عملية «البرج» وهى وضع البلاليص على شكل معين فوق بعضها لتسويقها بعد ذلك.
أما أشهر المحافظات استخداما للبلاليص بعد الصعيد، فهى محافظات الدلتا، ويوضع بها العسل والجبن القديم.
فى قرية الناظر يصنع فى الفترة من مارس وحتى أكتوبر من كل عام حوالى 32 مسلقة، تنتج الواحدة منها حوالى 900 بلاص.