أظهرت نتائج مذهلة لاستطلاع رأي أجرته الأممالمتحدة أن نحو 99.3 في المئة من السيدات في مصر تعرضن للتحرش بطريقة أو بأخرى. وكشفت 60 في المئة ممن شملهن الاستطلاع أنهن تعرضن للمس أجسادهن بطريقة غير لائقة.
بالطبع، بدأت هذه المشكلة في المجتمع المصري منذ فترة طويلة سبقت ثورة يناير عام 2011 التي أطاحت الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ولكن يبدو أن تلك الظاهرة تنتقل من سيء إلى أسوأ.
وفي الوقت الذي تحتاج قضية التحرش الجنسي في مصر إلى موقف حازم في مصر، جاءت تصريحات وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود لتثير غضبا شديدا بعد أن وجه كلاما لإحدى الصحفيات بطريقة مهينة ، بل إنه لم يبد أي تراجع أو اعتذار عن تلك التصريحات.
وقالت الصحفية ندى محمد واصفة ما حدث لها مع الوزير "طرحت عليه سؤالا: أين حرية الصحافة التي تتحدث عنها؟".
وأضافت الصحفية التي كان والداها يرافقانها "جاء رده عليّ قائلا: تعالي وسأريك أين هي! ثم ضحك. لقد كان ذلك تحرشا واضحا أصابني بالصدمة".
وقال والد الصحفية "ذهبنا بصحبة ندى خوفا عليها من الأوضاع السيئة التي نعيشها. فالبنات لا يجدن الأمان هذه الأيام، وإذا ما خرجت ابنتي بمفردها، اتصل بها عشرات المرات للاطمئنان عليها".
وقالت ندى "لقد أغضبني جدا كلام الوزير، إلا أن الموقف لم يكن مناسبا لأظهر فيه غضبي. وأنا سعيدة أن ما حدث لاقى تفاعلا من قبل الناس". "تحامل على الإسلاميين"
وفي أعقاب تلك الواقعة، نظمت بعض الوقفات الاحتجاجية ضد ما قاله عبد المقصود.
ووجهت إليه تساؤلات حول ما قاله، إلا أنه برر ما قاله بأنها "عبارة متداولة لدى الشعب المصري".
ولم يصدر أي استنكار أو اعتذار من قبل جماعة الإخوان المسلمين لما قاله عبد المقصود التي ينتمي هو ورئيس الدولة محمد مرسي إليها.
وعلى الرغم من ذلك، يقف مناصرو الجماعة بالمرصاد ضد الدعوات التي ترى أن حقوق المرأة قد هضمت بشكل كبير في عهدهم.
وقالت دينا زكريا، وهي مقدمة برامج تلفزيونية وواحدة من الأصوات النسائية الرائدة داخل الجماعة: "ذلك ليس صحيحا بالمرة. أتفق أن هناك مشكلات، ولكن من قال إنها بسبب الإخوان المسلمين؟".
وترى دينا أن من يلقون باللوم على جماعتها في هضم حقوق المرأة هم ليسوا إلا متحاملين على الجماعات الإسلامية.
وقالت "لقد أبدى الرئيس مرسي دعمه لمبادرة تقدمت بها منظمات نسوية مختلفة تدعو لمنح المرأة مساحة أكبر من الحقوق. وذلك يعني أنه يسعى لتلبية رغباتهن".
"صمت" حكومي إلا أن منتقدين عدة يرون أن عبارة وزير الإعلام تلك ما هي إشارة تدل على موقف الجماعة من السيدات وحقوقهن.
وعلاوة على ذلك، يرى هؤلاء أن الجماعة أخفقت في مواجهة مشكلة يبدو أنها خرجت عن نطاق السيطرة.
وقالت سمية حسين، وهي امرأة تعرضت للتحرش مرتين في أماكن عامة "إن صمت الحكومة إزاء هذه المشكلة يزيد الأوضاع سوءا".
وأشارت سمية إلى أنها شهدت وقائع تحرش من أطفال لا تتجاوز أعمارهم 11 إلى 12 سنة.
وطالبت سمية بمحاسبة من وصفتهم ب" رجال الدين الذين يظهرون في البرامج التلفزيونية ويوهمون الرجال بأن لهم الحق في لمس أي امرأة لا ترتدي ملابس محتشمة".
المصريون سيقولون إن السيدات في مصر أصبحن يرتدين ملابس أكثر حشمة من ذي قبل. ولكن هذا لن يشفع ولن يضمن عدم تعرضهن للتحرش. فالتحرش يطال من يرتدين الحجاب بل والنقاب أيضا".
في هذه الأثناء، هناك بعض الفتيات اللاتي يسبحن ضد التيار الثقافي في المجتمع، ويقمن بخلع الحجاب.
وقالت نسمة حمودة، ذات الثمانية عشر عاما "ارتديت الحجاب حتى أتماشى مع زميلاتي، فقد كانت جميع زميلاتي في الفصل يرتدين الحجاب".
وتابعت قائلة "أما اليوم، فأرى أن السيدات -تحت حكم الإخوان- لا يعاملن معاملة آدمية، ولا أريد أن أكون جزءا من ذلك".
إلا أن نسمة ترى أن خلعها للحجاب في هذا المناخ الاجتماعي الحالي لن يكون سهلا، بل إن صديقاتها قد انتقدنها على ما قامت به.
وقالت نسمة "سأنتظر حتى نهاية فترة الامتحانات، لأنني أعلم أن ذلك سيمثل ضغطا نفسيا شديدا عليّ".