انتخابات مجلس النواب 2025.. السيسي يدلي بصوته في لجنة الرؤساء بمصر الجديدة    انتخابات النواب 2025.. إقبال كبير على التصويت بلجنة مدرسة السادات للغات بالمنوفية    توافد الناخبين للتصويت في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب بدار السلام    طوابير منذ الصباح الباكر أمام لجان القاهرة الجديدة| انتخابات مجلس النواب 2025    محافظ القاهرة يتابع انتخابات مجلس النواب من داخل الشبكة الوطنية الموحدة    إقبال كبير على لجان فاقوس الشرقية مع بدء المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 24-11-2025 في محافظة قنا    جوتيريش: التنمية الصناعية ضرورية لتعزيز الاقتصادات ومحاربة الفقر    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاثنين 24-11-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    سعر الدينار الكويتي والعملات العربية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    قرار بقيد 9 مصانع وشركات مؤهلة لتصدير منتجاتهم إلى مصر    تايمز أوف إسرائيل: سلاح الجو عزز دفاعاته تحسبا لإطلاق حزب الله صواريخ من لبنان    أيه بي سي: واشنطن تهدد بوقف الدعم العسكري والاستخباراتي لأوكرانيا إذا رفضت خطة ترامب    الاحتلال يواصل خرق اتفاق غزة.. 3 شهداء وعدد من المصابين بنيران إسرائيلية    المقترح الرباعي وموقف الجيش السوداني: قراءة في خلفيات الرفض والتصعيد    الدفاع الروسية: تدمير 3 مراكز اتصالات و93 مسيرة أوكرانية خلال الليل    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    غرفة عمليات الداخلية تتابع سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة    الأوقاف تُحيي ذكرى وفاة رائد التلاوة في مصر والعالم "الشيخ محمود خليل الحصري"    رضا عبدالعال: الزمالك "كبير" على أحمد عبدالرؤوف.. وهؤلاء الأفضل لخلافته    اليوم .. تعرف على أسعار الدولار الأمريكى فى البنوك المصرية    أسعار الفراخ فى البورصة اليوم الإثنين 24 نوفمبر    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    انتخابات 2025.. خطوات بسيطة علشان صوتك ما يبطلش    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    دراسة: الليثيوم التقليدي يفشل في تحسين الذاكرة لدى البشر    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    بعد واقعة أطفال الكي جي| 17 إجراء من التعليم تجاه المدارس الدولية والخاصة في مصر    الأرصاد تحذر: شبورة مائية كثيفة تصل لحد الضباب على الطرق السريعة والزراعية    مستشار الرئيس لشئون الصحة: لا فيروسات جديدة في مصر.. ومعدلات الإصابة بالإنفلونزا طبيعية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    بعد إصابة 18 شخصا في أسيوط.. البيطريين: ليس كل كلب مسعورا.. وجرعات المصل تمنع الإصابة بالسعار    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ديفيد كاميرون يكشف إصابته بسرطان البروستاتا    سيف الجزيري: سعداء بالفوز على زيسكو ونسعى لمواصلة الانتصارات    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    حاله الطقس المتوقعه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى المنيا    دراسة تحذر: تصفح الهاتف ليلاً قد يزيد من خطر الأفكار الانتحارية    محامي "مهندس الإسكندرية" يطلب تعويض مليون جنيه وتوقيع أقصى عقوبة على المتهم    إصابة رئيس الوزراء البريطانى السابق ديفيد كاميرون بسرطان البروستاتا    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    الزمالك يعلن تفاصيل إصابة دونجا.. جزع في الركبة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    رئيس البرازيل السابق: هلوسة ناجمة عن تغيير الأدوية دفعتني لخلع جهاز المراقبة    مدرب الزمالك يكشف سر استبدال جهاد أمام زيسكو.. وسبب استبعاد محمد السيد    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    الحاجة نبيلة تروي ل صاحبة السعادة قصة أغنيتها التي هزت السوشيال ميديا    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز ثمين على إنتر بهدف دون رد    المصري يواجه كايزر تشيفز الليلة في الكونفدرالية.. بث مباشر وتغطية كاملة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتصاد الكلام
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 05 - 2013

منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كان لنا فى أستاذ علم الاجتماع الدكتور سيد عويس ملاذ آمن لفهم ما يستجد من ظواهر ووقائع، وكنا لا نستطيع الكتابة أحياناً إلا بعد الرجوع إليه، وكأن ما نكتبه لا يكتمل إلا بوجهة نظر الدكتور عويس، والذى كان يبرع فى استقبالنا فى كل مرة ويمنحنا من وقته الكثير، لكنه فى كل المرات كان يؤكد أن المصرى أيًا كانت ثقافته أو طبقته الاجتماعية له ما يرغب فى قوله فى أى حدث أو واقعة أو حتى مشكلة لا تعنيه أو يعانى منها، وأن هذه الأقوال فى الكثير من الأحيان تتحول إلى « ثرثرة » إن لم تضر فهى لا يمكن أن تفيد المجال العام بأى حال من الأحوال.

وأذكر ذات مرة، أن أصدرت وزارة الداخلية قراراً بمنع لصق الشعارات على السيارات، بعدما انتشرت بشكل لافت على غالبية السيارات فى الشوارع. وفى مقدمة هذه الشعارات كانت الشعارات الدينية، والتى اعتبرتها الداخلية فى ذلك الوقت قد تثير الفتن بين طوائف الشعب، وعندما ذهبت كالعادة للدكتور سيد عويس لتحليل الظاهرة ومحاولة وضعها فى السياق الاجتماعى، قال لى « إنها الثرثرة يا ولدى»، ثم أضاف ضاحكاً : إن كل شىء يثرثر فى هذا البلد حتى السيارات، وأن الشعارات الدينية موجة عابرة لا تعكس بواطن الأفكار و المشاعر الحقيقية، بل إن ثرثرة السيارات التى يجب أن نلتفت إليها تلك التى يكتبها السائقون ويكشفون فيها عن مخاوفهم من الموت والرغبة فى العودة سالمين، وأن الداخلية كان عليها الاهتمام بشكاوى البسطاء الحقيقية ومحاولة إصلاح الطرق وضبط المرور، قبل أن تشغل بالها بما اعتبره « ثرثرة » من سيارات العاصمة البليدة.

وربما ما قاله سيد عويس منذ عقود، مازال صالحاً حتى الآن، فهناك فارق كبير بين كلام يطلقه الناس، علينا أن نلتفت إليه ونعتبره شكاوى نحقق فيها ومشكلات يجب حلها، وبين كلام لا يجوز وصفه إلا بالثرثرة، لا يستحق منا حتى عناء قراءته والالتفات إليه، بل يجب إهماله ووأده مبكراً حتى لا يتشجع المجتمع على إنتاج المزيد من الثرثرة، والتى نراها الآن هى المهيمنة والمسيطرة على المشهد العام، رغبات محمومة لا تتوقف فى الكلام و التعليق على أى شىء وبأى شىء، حتى لو كان أكل الفسيخ حراما، وتلوين البيض معصية.

وإذا أضفنا فكرة الثرثرة البليدة الضارة التى أشار إليها عالم الاجتماع، إلى فكرة « فائض الكلام » التى يطرحها الدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية، سنكون أمام مشهد لا يعترف مطلقاً باقتصاد الكلام، خاصة ممن يحسب كلامهم على تيارات بأكملها أو بأحزاب غالبة أو جماعات ينتمى إليها الحكم بشكل أو بآخر، فالكلام محسوب على من فى الحكم، بل ويحاسبون عليه، ويسبب لهم الكثير من المشكلات، وأعتقد أن عليهم جميعاً رئاسة وحزبا وجماعة ومجلس شورى، الاقتصاد فى الكلام،

والتوقف عن الثرثرة الممجوجة التى لا يتوقفون عن مزاولتها بلا أية دواع حقيقية، بل إن عليهم أيضاً عدم الرد أو الاستجابة لثرثرات معارضيهم، لأن من فى الحكم ويملك إصدار القرار، عليه أن يتحدث وينتج كلاماً يستقيم مع قدراته فى الأفعال و الإنجاز، وهو ما يغيب تماماً عن أرباب الحكم الأربعة.

ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً أيضاً، كان الشيخ إمام مطرب الشباب الثائر فى تلك الأيام يغنى بمقر حزب التجمع مجموعة من أغانيه الوطنية الشهيرة، ووسط تحيات الحضور له وقف أحد الشباب متحمساً محيياً مطربه المفضل هاتفاً : « قول يا عم الشيخ إمام ده الوطن محتاج كلام » ..ومازلنا جميعاً نعمل بنصيحة هذا الشاب، الذى يمارس الآن الصمت فى قريته بالقرب من القاهرة حزيناً مكتئباً من « كتر الكلام »..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.