عندما تسمع لأى سياسى تراه يردد كلمة ديمقراطية بين كل كلمة والأخرى، لكن هل هو فعلا مؤمن بالديمقراطية؟ والسؤال الأهم، هل أنت عزيزى القارئ تؤمن بها؟ فكر مليا قبل أن تجاوب على هذا السؤال. فى كل الاجتماعات السياسية التى تجرى خلف الكواليس تجد الكفر بالديمقراطية جليا واضحا، لكن عندما تدخل الكاميرات والميكروفونات يتحول هذا الكفر لإيمان راسخ.
ليس فى بلدنا الجميل فقط، لكنى متأكد أن هذا هو الحال مع كل سياسى فى العالم، هو يؤمن فقط بالديمقراطية عندما تجلسه على الكرسى، يكفر بها عندما تقلعه من عليه.
قالها شيخ منعم الشحات من قبل وسخر منه الجميع، خرج بكل شجاعة وباح بما فى صدره وقال «الديمقراطية حرام» لكنه سرعان ما اعتذر وبدل كلامه فقال «الديمقراطية التى تخالف الشريعة حرام» وهى جملة قد يحتار جميع الفلاسفة فى تفسيرها، لكن الانتخابات كانت على الأبواب وكان له طموح فى كرسى فى مجلس الشعب «الديمقراطى» الحرام.
عندما أجلس مع أى أحد لنتناقش سويا فى أى موضوع سياسى وأجده يمتعض ويرجع ظهره للخلف ليقول بكل حكمة «أصل شعبك ده…..» ثم يتبعها بكلام تحقيرى أدرك أن الحوار لا جدوى منه ويفصلنا خلاف عقائدى لا جدوى من المناقشة فى تفاصيله.
الليبرالى مقتنع بأن الديمقراطية فاشلة لأن الجموع سهل شراؤهم بالزيت والسكر، من السهل «الضحك عليهم» بشعارات دينية تدغدغ مشاعرهم، داخليا وفى أعماق قلبه وخصوصا بعد الثورة يتمنى رجوع ديكتاتور ليبرالى «عادل» يحول البلد إلى سويسرا أو السويد الأول ثم نتحدث بعدها عن ديمقراطية، بعد خلق شعب «واعى» و«مستعد» لها.
فى حين أن الإسلامى سعيد جدا بالديمقراطية لأنها فى صفه الآن، لكن لو كان اختار الناس أحمد شفيق رئيسا أو لو فى المستقبل رفضوهم، سيبررون ذلك بأن الشعب ده سهل يتضحك عليه بالإعلام الفاسد وأن به من ضعاف الأنفس والمفتونون الذى يوسوس لهم الشياطين ليكرهوا الدين والطريق المستقيم.
أما الاشتراكى أو «الشعبى» نفسه الذى هو أكثرهم رهانا على الشعب فهو أكثر من يخزله الشعب ولا ينتخبه، فيبرر ذلك بأن رءوس الأموال تشترى الفقراء وتستغل احتياجاتهم المادية لذلك لا ينتخبوهم.
إذا، لو كنتم جميعا تنتظرون شعبا سويديا سويسريا واعيا لا يحتاج للمال ومتدينا ونفسه خالية من الشرور لتؤمنوا بالديمقراطية لماذا تلعبون لعبة الديمقراطية تلك؟
لو رجعنا لفكرة الديمقراطية نفسها، وسألنا أنفسنا بصراحة عن جدواها، سنجد أن الشعوب قد تخطئ، فعلا قد يقوم أحدهم باستغلال عواطفهم بشعارات رنانة، هتلر جاء بالديمقراطية، تماما كبوش الابن، وعبدالناصر بما له أو ما عليه أقنع المصريين أن وصولنا لتل أبيب مجرد مسألة وقت، بل إن شعبنا بعد ثلاثين عاما من العذاب من مبارك تعاطف معه بعد خطبة أو اثنتين.
نعم الديمقراطية تخطئ، ليست فكرة منزهة، لكن هل عندك أفضل منها؟ هذا يا سيدى ما وصلت له البشرية بعد كل التجارب الفاشلة الأخرى، ولو كان غيرها أفضل لما طمح الناس لها وما قامت ثورات.
فلتدرك يا عزيزى، مهما كان انتماؤك الفكرى، أن الذى ينتظر «ديكتاتور عادل» ما هو إلا «عبدظالم».