فى 1960 أصدر كمال الدين حسين، وزير التربية والتعليم، قرارا بإلغاء تدريس مادة الفلسفة فى المرحلة الثانوية. وقتها اعترضت بشدة النخبة الفلسفية فى مصر، وقامت بحملة كان يقودها مراد وهبة، الذى شارك معه زكى نجيب محمود وعثمان أمين ويوسف مراد، فى حملته، فكتب زكى نجيب محمود مقالا بعنوان: «خطأ نشأت عن أخطاء» فى مايو 1960، والدكتور عثمان أمين كتب يقول: «الفلسفة صانعة التاريخ»، والدكتور يوسف مراد كتب: «الفلسفة ضرورة حيوية»، فضلا عن مقال مهم من رئيس تحرير الأهرام وقتها عزيز ميرزا نشره بجريدة وطنى تحت عنوان «دفاعا عن الفلسفة». وفجأة أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرارا بإلغاء قرار وزير التربية والتعليم بإلغاء مادة الفلسفة من التعليم الثانوى. وكانت هذه معركة للنخبة (الآن لا توجد مثل هذه النخبة).
منذ أيام صدر قرار مشابه من وزير التربية والتعليم الحالى تحولت بمقتضاه مادتا الفلسفة والمنطق، وعلم النفس وعلم الاجتماع إلى مادتين اختياريتين يختار الطالب إحداها فى السنة النهائية بالثانوية العامة، على أن يسرى هذا القرار اعتبارا من العام الدراسى 2013، 2014.
ولكن لم ينتفض أحد ضد هذا القرار، الذى من المفترض أن يلفت النظر، وأن تقوم الدنيا ولا تقعد، وليس مجرد «بيان يتيم» من إحدى لجان المجلس الأعلى للثقافة التابع لوزارة الثقافة، فكيف لا تكون الفلسفة «مادة إلزامية»، هل وصل العداء لأم العلوم إلى هذه الدرجة؟.
هذا نتاج قرون طويلة فى محاربة الفلسفة، من عقول تراها أما ملحدة أو متعبة، رغم أن نهضتنا لا تكتمل، ولن، إلا بتدريس «الفلسفة والفيزياء والسياسة».
قالوا: نعيش أولا ونتفلسف ثانيا، ولكن كثيرا ما نستغنى عن التفكير بحجة أننا نعيش. أولى بهم أن يقولوا: نتفلسف أولا ونعيش ثانيا؛ لأننا لا نستطيع أن نعيش كما يجب أن نعيش إلا إذا استطعنا أن نحسن التفكير.