السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    أخبار مصر: خريطة الانسحاب من غزة، تقرير طبي صادم عن إمام عاشور، تهم موجهة ل فضل شاكر، تطورات ارتفاع منسوب النيل بمحافظتين    بيراميدز يسعى للتأهل لدور 32 بدوري أبطال أفريقيا على حساب الجيش الرواندي، اليوم    بعد خروجه من قسم الشرطة، سامر المدني يحتفل مع جمهوره في الشارع (فيديو)    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الأحد 5-10-2025    سعر سبيكة الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    صبري عبدالمنعم خلال تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية: «كويس إنكم لحقتونا وإحنا عايشين»    لهذا السبب.... فضل شاكر يتصدر تريند جوجل    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    أسعار الحديد في المنيا اليوم الأحد5 أكتوبر 2025    إسرائيل توافق على خط الانسحاب الأولى وتواصل قصف القطاع بشن غارات عنيفة (فيديو)    رابط مباشر ل تحميل التقييمات الأسبوعية 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    بن غفير يهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    عمر كمال يبدأ مرحلة جديدة.. تعاون مفاجئ مع رامي جمال وألبوم بعيد عن المهرجانات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    وزارة الأمن الداخلي الأمريكية: هجوم مسلح على دورية شرطة في شيكاغو    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    زعيمة حزب فرنسي: فوز المعارضة في التشيك «إرادة شعوب»    الداخلية السورية: الاستحقاق الانتخابي المقبل الأهم منذ 60 عامًا    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    «تهدد حياة الملايين».. عباس شراقي: سد النهضة «قنبلة نووية» مائية على وشك الانفجار    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    لسرقة قرطها الذهبي.. «الداخلية» تضبط المتهمة باستدراج طفلة القليوبية    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    أرسلنا تحذيرات مسبقة، الري ترد على غرق بعض المحافظات بعد ارتفاع منسوب مياه النيل    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قروض وودائع وشروط وبرامج
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 04 - 2013

غادرت بعثة صندوق النقد الدولى القاهرة فى الاسبوع الماضى بعد ان شغلت نفسها والبلد معها بموضوع القرض وعادت أدراجها دون الإعلان عن اتفاق مع الحكومة المصرية، ودون ان نفهم إن كان معنى ذلك الغاء الموضوع برمته ام تأجيله لأجل غير مسمى ام مجرد ارجاء التفاوض بشأنه لحين زيارة الوفد المصرى للعاصمة الأمريكية هذا الاسبوع لحضور الاجتماع السنوى للصندوق والبنك الدوليين.

زيارة وفد الصندوق الأخيرة للقاهرة لم تكن الاولى بل سبقتها زيارات ومفاوضات عديدة. ولكن ما جعلها مختلفة هذه المرة هو ان الوفد حرص على ان يلتقى بأحزاب المعارضة للتحاور معها بشأن القرض (وقيمته أربعة مليارات وثمانمائة مليون دولار أمريكى) الذى يهدف لمساندة ميزان المدفوعات والمشروط بالتزام الحكومة المصرية بتطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادى يستهدف الحد من العجز المنفلت للموازنة العامة. وفى النهاية تراوح موقف الاحزاب التى التقى بها وفد الصندوق بين رفض الاقتراض من الاصل وبين القبول من حيث المبدأ ولكن بتحفظات حول ضرورة إتاحة المزيد من المعلومات بشأن القرض والبرنامج المرتبط به واستخداماته والرقابة عليه.

ثم تغير الموقف بالإعلان عن الاتفاق مع حكومات قطر وليبيا وتركيا على ان تقوم بتقديم ودائع تبلغ قيمتها اجمالا نحو ستة مليارات دولار أمريكى، الامر الذى أعطى الحكومة المصرية مساحة للتنفس بعد ان صار عندها من السيولة النقدية أو على الاقل الوعد بها ما يخفف من الضغط عليها لبضعة اشهر، كما ساد شعور عام فى البلد بأن الأشقاء العرب والمسلمين قد تدخلوا لإنقاذ مصر فى اللحظة الاخيرة من ازمة طاحنة ومن الاضطرار لقبول شروط وبرنامج صندوق النقد الدولى.

ولكن مع كل تقديرى للتعاون والتضامن الذى أبداه الأشقاء من قطر وليبيا وتركيا فإن موقف الرأى العام والإعلام المصرى والأحزاب السياسية هو ما يستدعى التوقف والتساؤل، اذ لماذا يكون الرأى العام قلقا ومتحفظا إلى هذا الحد حينما يتعلق الامر بالاقتراض من المؤسسات المالية الدولية وله الحق فى ذلك ولا تثور لديه ذات التحفظات والمخاوف بالنسبة للودائع الواردة من الأشقاء العرب ومن غيرهم؟ الاجابة فى تقديرى ترجع إلى ثلاثة أخطاء سائدة فى النقاش الدائر حول الاقتراض من الخارج:

الخطأ الأول هو الاعتقاد بأن «الوديعة» التى يقدمها أى بلد ويتم إيداعها لدى البنك المركزى المصرى تختلف جذريا عن الاقتراض أو انها «اخف» فيما ترتبه من التزامات، بينما كلاهما فى جوهره واحد. فالوديعة هى مبلغ من المال يودعه البنك المركزى الاجنبى لدى البنك المركزى المصرى ويتقاضى عليه فائدة ويستطيع ان يسترده فى أى وقت وفقا لشروط الوديعة. وهذا هو جوهر القرض أيضا ولو اختلف الشكل القانونى. ولكن لأن الوديعة يتم الاحتفاظ بها بالعملة الاجنبية لدى البنك المركزى فإنه لا يتم عرضها على البرلمان مثلما يتم عرض القروض الخارجية. ولكن فى الحالتين فإن التزاما دوليا يترتب على الاقتصاد القومى ويلزم سداده مستقبلا، ولذلك فلا يوجد ما يدعو لاعتبار الوديعة اقل وطأة من القروض الخارجية أو مختلفة جذريا فى اثرها الاقتصادى.

الخطأ الثانى هو الاعتقاد بأن الوديعة المقدمة من بلد شقيق لا تكلفنا شيئا، بينما القرض تحتسب عليه فوائد تتحملها الخزانة العامة مستقبلا. ووجه الخطأ هنا ان الودائع، بحسب الاصل، يحتسب عليها ايضا فائدة مثلها مثل القروض تماما، بل عادة ما يكون سعر الفائدة عليها اعلى لارتباطه بأسعار الفائدة التجارية فى الاسواق العالمية، بينما العائد السنوى على القروض المقدمة من المؤسسات المالية الدولية يكون اقل بكثير (للمقارنة فإن سعر العائد المقترح عند الاقتراض من الصندوق هو 1.1٪ سنويا على الدولار الامريكى، بينما العائد على الوديعة القطرية حسبما فهمت يتجاوز 4٪ سنويا). الودائع إذن، شأنها شأن القروض، لها تكلفة وفى الغالب فإنها تكون اعلى من تكلفة التمويل الممنوح من مؤسسات التمويل الدولية.

وأخيرا فإن الخطأ الثالث يتعلق بافتراض ان الاقتراض من المؤسسات الدولية يكون مشروطا بتطبيق برامج اقتصادية محددة بينما الودائع من الدول الشقيقة تأتى هكذا من باب المحبة والأخوة والشهامة ولا تنطوى على أية شروط وبالتالى فهى تحافظ على استقلال إرادتنا الوطنية. وهنا مكمن الخطر الحقيقى. فلا أظن ان هناك قروضا أو ودائع بلا شروط على الاطلاق ولو كانت واردة من اقرب الأصدقاء وأعز الحلفاء. كل قرض وكل وديعة لابد وان يصاحبه طلب أو ثمن أو شرط أو على الاقل تفاهم. ولكن بينما ان شروط صندوق النقد الدولى تكون إلى حد كبير معروفة أو يمكن توقعها لأنها تشبه ما يجرى تطبيقه فى كل بلدان العالم ومقتصرة على الجانب الاقتصادى وحده، فإن الشروط والتفاهمات التى تأتى مصاحبة للودائع من الدول الشقيقة لا تكون معروفة ولا محددة النطاق وبالتالى فقد لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط بل يمكن ان تتجاوزها إلى مواضيع واتفاقات لا نعلم عنها شيئا.

ما القصد من كل هذا؟

ليس الغرض مما تقدم هو الدعوة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولى تحت أى ظرف ووفقا لأية شروط، فالمجتمع من حقه ان يطمئن إلى أحكام القرض ومكونات البرنامج الاقتصادى الجارى الاتفاق عليه قبل ان يوافق أو يرفض. ولكن من جهة اخرى، فإنه يجب علينا أيضا إدراك ان الودائع من الدول الاجنبية حتى تلك التى توصف بأنها شقيقة لا تختلف فى جوهرها عن القروض، وتأتى بتكلفة اكبر من الاقتراض الدولى، وقد تنطوى على شروط واتفاقات لا تخضع لذات الشفافية والرقابة الشعبية، وبالتالى فيجب تطبيق ذات معايير الحذر والحيطة بالنسبة لها وعدم اعتبارها منحة أو هدية لا تستدعى على الاقل السؤال والتمحيص والتدقيق.

نحن فى أزمة اقتصادية حقيقية وبحاجة لسيولة فى الأجل القصير والبدائل المتاحة أمامنا قليلة، ولكن علينا تناول هذه البدائل القليلة بمعايير واحدة ومتسقة. من حق المجتمع ومن واجبه ان يطرح ذات التساؤلات المشروعة حول المفاضلة بين القروض والودائع لأن لا شىء فى هذا العالم يأتى بالمجان ولكل من البديلين تكلفته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.