أجندة الرئاسة الرسمية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025    رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق: بنتابع كل نفس في إسرائيل    "طلبات" تسجل نتائج مالية قوية في الربع الثاني من 2025 وترفع توجيهاتها لبقية العام    وزير السياحة والآثار: صاحب فيديو المتحف المصري الكبير زي ابني وأتمنى له التوفيق    حملة بيطرية لتحصين الماشية والأغنام بمزارع الظهير الصحراوي الغربي في المنيا    رويترز: إسرائيل تجري محادثات لنقل فلسطينيين من غزة إلى دولة إفريقية    "سي إن إن": فانس سيحضر اجتماع المكتب البيضاوي يوم الاثنين مع زيلينسكي    السيتي يكتسح ولفرهامبتون برباعية في البريميرليج    توتنهام يكثف مفاوضاته لضم إيزي من كريستال بالاس    صراع بين آرسنال ومانشستر يونايتد على ضم نجم باريس سان جيرمان    «أنا لسه دافعة 48 ألف جنيه».. ياسمين الخطيب تطالب بتطبيق مخالفات المرور على المشاة    بين تماثيل سخمت ولوحة الخزندارية متحف سوهاج القومي يكشف خبايا الملوك.. ونائب المحافظ: المتحف تجسيد حقيقي لهوية أهل الصعيد.. والرئيس السيسي أعاد الحياة إلى الجنوب بمشروعات قومية غير مسبوقة    وزير الأوقاف يتفقد لجان التصفيات من مسجد عمرو بن العاص.. انطلاق مسابقة «دولة التلاوة» (صور)    محمد رمضان يكشف عن كواليس جديدة من فيلم «أسد» (صور)    راحتهم في مساعدة غيرهم ..تعرف على الأبراج التى تقدم الرعاية للآخرين    إن لم تستحى فافعل ما شئت    المشدد 10 سنوات لمتهمين للاتجار بالمخدرات وآخرين بتهمة الشروع في القتل بالمنيا    جامعة أسيوط الأهلية تطلق برنامج «الدراسة باللغة الإنجليزية (EP)» بكلية العلوم الإدارية    قيادي بالجبهة الوطنية: البيان العربي الإسلامي تحول نوعي في مواجهة إسرائيل    لليوم ال13 على التوالي.. إسبانيا تواصل مكافحة حرائق الغابات وسط موجة الحر    اجتماع «أون لاين» يحسم عودته من أمريكا.. ورسالة سرية من الوزير تمتص غضبه    ختام ورشة كتابة القصة القصيرة بثقافة الفيوم    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟| أمين الفتوى يُجيب    5 أطعمة غنية بفيتامين «د» لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة    كنائس هولندية تطالب الحكومة بالاعتراف بفلسطين ووقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي    وفاة والدة الفنان صبحي خليل.. والعزاء غدًا بالحامدية الشاذلية    محمود الهباش: الموقف المصري والأردني أسقط مخطط التهجير الإسرائيلي من غزة    ريو فرديناند: أرقام صلاح جنونية.. أين تصنفونه بين أساطير البريميرليغ؟    في يوم واحد.. إجراء 20 عملية مياه بيضاء بمستشفى نجع حمادي العام بقنا    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    وزير الرياضة يشهد ختام دورة الألعاب الرياضية ببورسعيد بمشاركة 10 دول عربية.. صور    4 ابار مياه شرب تقضى على ضعف المياه بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. نادي القناة يحقق الصدارة    رئيس جامعة بنها يضع حجر الأساس للمعسكر الدائم لطلاب الجامعة بمطروح    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    بيان بالتفاصيل.. مدبولي يترأس اجتماع مجلس المحافظين    في 3 أيام.. إيرادات "درويش" تتجاوز 8 ملايين جنيه    إليسا تخطف الأنظار في العلمين الجديدة.. فستان وردي وحضور غير مسبوق    نائب وزير الصحة يكشف عن عدة سلبيات داخل منشآت طبية بالمنيا.. ويجازي عددا من الأطباء    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    ضبط 6003 قضايا بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رعاة البقر والمثقفون
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 04 - 2013

لدىّ زميلى فى صحيفة تايمز «مارك مازيتى» كتاب جديد يستحق الكثير من الاهتمام، بما فى ذلك بعض المقتطفات السينمائية التى نشرت فى الصحيفة. ويروى «طريق السيف» ما حدث مؤخرا من تحول وكالة الاستخبارات المركزية من مؤسسة تجسس تقليدية إلى مؤسسة شبه عسكرية لملاحقة الأشخاص تحتفظ بطائرات مقاتلة بلا طيار، وترعى العمليات السرية، وتدير الجيوش السرية والأعمال من الباطن.

وقد حققت سى آى أيه، باعتبارها مؤسسة للاغتيالات، بعض النجاحات الهائلة. (قادت الوكالة غارة البحرية الأمريكية التى قتل فيها أسامة بن لادن)، لكنها أيضا تعرضت لنقد حاد من أولئك الذين لا يرتاحون للاغتيالات بشكل عام، مع لجوئها للأساليب المخيفة للقتل عن بعد، أو مع سقوط ضحايا من المدنيين، أو مع الإشراف الحذر من وكالة حاصلة على ترخيص للقتل. وبالطبع أدى الطلب على المعلومات الاستخباراتية من أجل دعم هذه المطاردات، إلى ممارسة وكالة المخابرات المركزية التعذيب والترحيل.

غير أن فكرة مازيتى المهمة، ليست أن الحرب عمل قذر، ولكن أننا ندفع ثمن تحويل وكالة الاستخبارات الرئيسية إلى آلة للقتل.

●●●

ومن بين العديد من مهمات المخابرات الأمريكية (ازداد عددها إلى 16 أو 17 اعتمادا على الكيفية يتم بها العد) لدى وكالة المخابرات المركزية مهمة تزويد الرئيس بالمعلومات الاستخبارية الاستراتيجية العميقة التى تتوقع الأخطار وتشكل السياسة الأمريكية. وتتولى الوكالة دائما العمليات السرية والعمليات التقليدية الخاصة بجمع المعلومات وتحليلها فهى «رعاة بقر ومثقفون»، كما أوضح أحد المراقبين. ومصدر القلق هو أن المثقفين أصبحوا منشغلين للغاية بخدمة الاستخبارات التكتيكية لرعاة البقر بشأن أهداف اغتيال رفيعة المستوى على نحو قلل فرصة تركيزهم على التهديدات طويلة الأجل.

وقال ايمى زيجارت المختص بشئون الاستخبارت فى معهد هوفر «الغرض من وجود وكالة الاستخبارات الأمريكية، منع المفاجآت الاستراتيجية الكبيرة. فهى لم توجد لقتل إرهابيين من الدرجة الثالثة يتحركون فى الدول الفاشلة».

وقال جريجورى تريفرتون، الخبير فى مؤسسة راند، وكان النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات القومى، إن مئات من المحللين أثناء تدافعهم على موضوع اللحظة، ينشغلون بشرائح أضيق وأضيق من المشكلة. ولا ينأون بأنفسهم عن المشكلة لبحثها وتوقع ما سيحدث بعد ذلك. «ينصب التفكير كله، على تحديد مكان الأشرار والوصول إليهم». ولكن ما لم يُسأل شخص ما من أين جاء الأشرار من هم وما هو دافعهم؟ فنحن نحارب العرض بدلا من المرض.

●●●

ولقد تعلمنا مدى خطورة أن تخذلنا وكالة الاستخبارات. ونظرا لأن السى آى إيه تم تفريغها فى التسعينيات من القرن الماضى، فى أعقاب نهاية الحرب الباردة، فقد عجزت عن رؤية إرهاصات 9/11. كما ارتكبت خطأ فادحا فيما يتعلق بتهديد السلاح العراقى المزعوم، نتيجة تجاهلها الأصوات المتشككة من وحدات المخابرات بوزارة الخارجية ووزارة الطاقة، فمهدت الطريق لخطأ الحرب الفادح.

وتحمل ذاكرة وكالة الاستخبارات الأمريكية، تجربتين على الأقل من الانخراط فى حرب سرية كانت نتيجتهما غير سعيدة. ففى الثمانينيات، انضمت الوكالة إلى مقاتلى المجاهدين فى أفعانستان، ضد المحتلين السوفييت؛ وتم طرد السوفييت، وتقدم الأمريكيون إلى الأمام، وتحول المجاهدون إلى الجهاد ضدنا وفى نفس الوقت، وكانت الوكالة تدعم سرا متمردى نيكاراجوا على نحو غير شرعى، وانتهت هذه المغامرة بالهزيمة، وتوجيه الاتهامات، والحرج.

ويشير جيفرى سميث، الذى تولى قضايا الاستخبارات باعتباره موظفا فى مجلس الشيوخ، وهو محامٍ بوزارة الخارجية والمستشار العام لوكالة الاستخبارات المركزية، إلى أن وكالات التجسس ليست وحدها التى تقصر انتباهها على هذه المغامرات، ولكن أيضا زبائنها فى وزارة الدفاع الأمريكية، ووزارة الخارجية والبيت الأبيض. وذات مرة، فال مسئول كبير لسميث «المشكلة فى برامج العمل السرى الكبرى، إنها أصبحت سياسة الولايات المتحدة».

وقال سميث: «عندما تبدأ هذه البرامج، يكون الجميع متحمسين بشأنها. لكن إدارتها على نحو صحيح يتطلب تركيزا ضخما من القيادة العليا» على حساب إهمال أمور أخرى.

●●●

ووفقا لمعظم التقديرات، بما فى ذلك تقييمات العاملين فى الاستخبارات، والأكاديميين، والصحفيين الذين يغطون هذا الموضوع، تعتبر صورة وكالات الاستخبارات أفضل كثيرا مما كانت عليه قبل 9/11. وهذا سقف منخفض، ولكن المصداقية لا تكون إلا لمن يستحقها. حيث صار العاملون بالوكالات أفضل، كما أنها أفضل فى تبادل المعلومات. ومن الصعب بالنسبة لمن هم من خارجها أن يصدروا أحكاما قبل أن يحدث خطأ، لكن الموضوعات ذات الأولوية الكبرى مثل البرنامج النووى الإيرانى وتطوير الصين لأسلحة التجسس على الإنترنت، يبدو أنها تلقى التركيز الذى تستحقه.

وقال جارى سامور، الذى كان يعمل فى إدارة كلينتون، ثم عاد فى عهد أوباما إلى الإشراف على الاستخبارات المتعلقة بالأسلحة النووية حتى يناير، إنه شعر أنه تلقى مساعدة جيدة من عمليات جمع المعلومات وتحليلها التى قامت بها الوكالة.

وأضاف: «بالطبع لم تنتبه سى آى إيه للثورات فى العالم العربى. ولم نلحظ انهيار الاتحاد السوفييتى، ولم نلحظ الثورة فى إيران، ولم ننتبه إلى الإطاحة بالسلطة فى الفلبين.. إنه وضع بشرى عادى. فنحن جميعا نتوقع الاستمرار، إلى أن يحدث التغيير».

وهو محق، ولكن عندما يحدث التغيير تتمنى أن تسارع الوكالة إلى مواكبة الأحداث، وتقديم تقارير مستبصرة للرئيس تساعد على وضع الولايات المتحدة فى وضع تستفيد منه بأفضل صورة. ويتطلب ذلك الغرس الجاد والدءوب لمصادر على الأرض، بما فى ذلك المعارضة. وفى العالم الإسلامى يتشكك مازيتى وبعض الخبراء، فى أن سى آى إيه لم تكن تمتلك مصارا هائلا فى المعارضة، وربما يعزى ذلك جزئيا إلى أن الوكالة كانت تركز فى أماكن مثل مصر وليبيا على التودد لهيئات التجسس الرسمية، بأمل أن تستفيد من معلوماتها عن نشطاء القاعدة.

ويشترك بعض مستشارى الرئيس فى التخوف من أن الاستخبارات الأساسية تعانى من الانشغال بالأنشطة شبه العسكرية. ووفقا لتقرير نشرته واشنطن بوست الشهر الماضى، حذر مجلس مستشارى الرئيس فى تقرير سرى العام الماضى من أن وكالات الاستخبارات كانت تولى اهتماما غير كافٍ للصين والشرق الأوسط ومواقع اضطرابات محتملة أخرى، وعليها أن تعود مرة أخرى إلى العمل الاستخباراتى التقليدى. وشملت قائمة من شملهم النقد تشاك هاجل، الذى صار وزيرا للدفاع منذ ذلك الحين.

وقال الرئيس السابق للجنة الاستخبارات فى مجلس النواب لى هاملتون، وهو عضو آخر من أعضاء المجلس الاستشارى (أكد أنه يتحدث عن نفسه فقط) «من يدرى ما الذى يغيب عنك؟». ويؤيد هاميلتون سلطة الرئيس فى أن يأذن بالقتل المستهدف.. ويوضح أن تحليل المعلومات الاستخبارية التقليدى صار أكثر إلحاحا لأن هناك وفرة عارمة من البيانات فى عالمنا الرقمى.

وقبل تثبيت جون برينان المدير الجديد لوكالة الاستخبارات الأمريكية فى منصبه، اعترف فى جلسات استماع مجلس الشيوخ، أن التركيز العسكرى للوكالة يعتبر «انحرافا إلى حد ما عن دورها التقليدى»، وتعهد ب«النظر فى تخصيص المهمة». وهناك حديث عن نقل الكثير من برنامج الطائرات المقاتلة بدون طيار إلى وزارة الدفاع الأمريكية، حيث ستكون أكثر عرضة للمساءلة ويمكن دمجها بشكل أفضل مع الأنشطة العسكرية الأخرى. ولكن سيكون من شبه المؤكد أن يستبقى الرئيس أوباما بعض عمليات الطائرات بدون طيار فى وكالة الاستخبارات المركزية، من أجل المواقف التى تتطلب مهمة سرية أو التدخل فى دولة ذات سيادة. (أدارت وكالة الاستخبارات المركزية مهمة بن لادن لأن الجيش، لم يكن سيسمح له بدخول المجال الجوى لباكستان من دون إذن منها.)

●●●

ولا تعتبر إعادة بناء العمليات التقليدية لجمع المعلومات وتحليلها مجرد مسألة بسيطة تتعلق يإعادة تعيين ضباط حالة متخصصين. فليست الخبرة قابلة دائما للنقل، والمهارات ليست قابلة للاستبدال. وقال هاميلتون: «لقد كان لديكم جيل كامل من رجال الاستخبارات الذين جاءوا إلى سى آى إيه، وهى تقصر عملها الآن على العمليات العسكرية». ويقول تريفرتون إن من يعملون فى الخدمة السرية أخبروه عن ضباط حالة وصلوا إلى لانجلى بعد بضع جولات فى العراق: «إن فكرتهم عن مقابلة مصدر، أنها تكون بسيارة همر وحراسة عسكرية. فهم لم يقوموا بأعمال استخبارات حقيقية».

وبطبيعة الحال، يعتمد إعادة توجيه سى آى إيه على متطلبات زبائنها فى البيت الأبيض ومشرفيها فى الكونجرس. وبقدر ما يصر صناع السياسات على أنهم يريدون المخابرات ذكية فوق التصور، تستولى أخبارها اليوم على انتباههم، كما تثير عملياتها السرية إعجابهم. وأنا لا افترض أن العديد من الفتيان فى الكونجرس ترعرعوا وهم يؤدون دور المثقفين.



مدير التحرير التنفيذى السابق لصحيفة

نيويورك تايمز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.