فصل جديد من فصول حرب الشوارع والاشتباكات، الممتدة بطول البلاد وعرضها، منذ شهور، دارت وقائعه على أرض الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والشوارع المحيطة بها على فترات متقطعة بداية من ظهر أمس الأول، وحتى الساعات الأولى من صباح أمس، بين أقباط ومجهولين، استخدموا طلقات الخرطوش وزجاجات المولوتوف والحجارة، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 89 مصابا. ورصدت «الشروق» أحداث الموقعة فى 11 مشهدا تلخص 16 ساعة من الكر والفر واشتباكات الخرطوش والمولوتوف. «1» هتافات ضد مرسى وسط حالة من الغضب الشديد، شارك آلاف الأقباط، فى مراسم تشييع جثامين 4 من ضحايا أحداث مدينة الخصوص، داخل بطريركية الأقباط الأرثوذكس، بالعباسية، مرددين هتافات دوت فى أرجاء المبنى ضد الرئيس محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، وعقب انتهاء مراسم الجنازة، جرت نقاشات حادة بين مؤيد ومعارض لمسيرة كانت مقررة إلى وزارة الدفاع، لمطالبة القوات المسلحة ب«الإطاحة بالإخوان، وحماية الأقباط من بطشهم».
واعتبر المؤيدون أن القوات المسلحة «أفضل السيئين فى الوقت الحالى» بينما برر المعارضون رفضهم بما جرى خلال الأحداث التى عُرفت إعلاميا ب«مذبحة ماسبيرو»، قبل أن يستقر المئات على تنظيم المسيرة، وسط إغلاق تام لشارع رمسيس من جانب الشرطة.
«2» رشق الداخلية بالحجارة خارج أبواب الكاتدرائية.. توجه عدد من الشباب القبطى الغاضب ناحية عدد من القيادات الأمنية، التى كانت تجلس بالقرب من بداية شارع الشريف، المواجه للكاتدرائية، ورشقوهم بالحجارة والزجاجات الفارغة، وحطم آخرون سيارات كانت موجودة بشارعى الشريف ورمسيس.
«3» الأقباط وأهالى العباسية وجها لوجه استفز استمرار الأقباط فى رشق عقارات شارع الشريف بالحجارة والزجاجات الفارغة، عددا من أهالى المنطقة الأقباط المحتشدين بالشارع فردوا بالحجارة، فيما تولت بعض سيدات رش المياه على الشباب المسيحى، قبل أن يتجمع عشرات الأهالى، عند نهاية شارع الشريف، ليبدأ تبادل التراشق بين الجانبين، وسُمع بعد دقائق من بدايتها دوى إطلاق رصاص.
وألقى مجهولون قنابل مونة (قنبلة يدوية مكونة من فوارغ بمب ومسامير)، باتجاه الأقباط، الذين فروا إلى شارع رمسيس وداخل الكاتدرائية، وامتدت الاشتباكات إلى شوارع جانبية أخرى.
وزير الداخلية يتفقد محيط الكنيسة وسط تشديد أمنى بقيادة مدير الأمن «4» كالعادة الشرطة تأتى متأخرة مع وصول الساعة إلى الثالثة والنصف عصرا، وصلت مدرعتا شرطة، من ناحية كوبرى أحمد سعيد، استقبلها الأقباط بالحجارة، وسط تلويح من جانب بعضهم وعناصر الأمن المركزى، أعلى المدرعتين، بالسلمية والتهدئة، وخرج معها أهالى المنطقة من شارع الشريف إلى شارع رمسيس، وتمركزوا بالقرب من الكاتدرائية فيما تجمع عشرات الأقباط على بعد أمتار من مستشفى الدمرداش، وسط استمرار لرشقهم قوات الشرطة بالحجارة، التى ردت بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع، فر معها الأقباط إلى داخل المستشفى، وغادر بعضهم المكان، قبل أن يُسيطر أهالى المنطقة عليه لتهدأ الاشتباكات قليلا، قبل أن تتقدم أول سيارة إسعاف لتقديم الإسعافات الأولية للمصابين.
وحاول قيادات بالأمن المركزى التحدث إلى المحتشدين أمام الكاتدرائية وطالبتهم بمغادرة المكان. فيما قرر المتظاهرون إلغاء مسيرتهم المقررة لوزارة الدفاع، وقاموا بتكسير الأرصفة لرشق القوات.. وفى لحظات أغلقت المحلات أبوابها، ثم بدأت المدرعات فى إطلاق وابل من القنابل المسيلة للدموع لتفريق آلاف المتظاهرين أمام الكاتدرائية، ليفروا إلى الشوارع الجانبية وألقوا الحجارة على قوات الأمن الذى نجح فى تفريقهم بعد إصابة نحو 25 متظاهرا، وفر الآلاف إلى الكاتدرائية للاحتماء بأسوارها من قنابل الغاز، وطلقات الخرطوش، وألقى بعضهم الحجارة من خلف الأسوار على قوات الأمن المركزى التى ردت بقنابل الغاز.
وهدأت الاشتباكات لدقائق قليلة للالتقاط الأنفاس، ووضع الأمن صفوفا من عساكر الأمن المركزى لمنع تقدم المتظاهرين المتفرقين نحوه عبر الشوارع الجانبية.
«5» تجدد الاشتباكات بعد هدنة لم تدم أكثر من ساعتين، تجددت الاشتباكات مرة أخرى فى محيط الكاتدرائية، حيث ظهر عدد من المجهولين خلف خطوط قوات الأمن التى فرضت حصارا أمنيا حول أسوار الكاتدرائية، وألقوا الحجارة على المتواجدين داخل أسوارها، وصعد العشرات من الموجودين داخل الكاتدرائية للرد عليهم.
وتصاعدت حدة الاشتباكات عندما ألقى مجهولون زجاجات المولوتوف على محطة البنزين الكائنة بجوار البوابة الرئيسية، وأشعلوا النيران فى حجرات الأمن الملاصقة للكاتدرائية وسطح مبنى لجنة البر، ومبنى الحمامات الموجود خلف محطة البنزين، وهو ما أدى لتصاعد الدخان، ولم يقرر الأمن إبعاد مجهولى الهوية إلا بعد تزايد ألسنة اللهب فى محطة البنزين، ومن ثم صعوبة السيطرة عليها ليتدخل أفراد الحماية المدنية لإطفاء النيران.
«6» محاولة للتهدئة وفى محاولة للتهدئة، توافد العشرات فى مسيرة قدمت إلى محيط الكاتدرائية فى الثامنة مساءا، مُرددين «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، وسط استمرار للاشتباكات فى شارعى الشافعى ومؤمن حسن، القريبين من الكاتدرائية، فيما شكل عدد من أهالى المنطقة لجانا شعبية أمام منازلهم ومحالهم فى الشوارع الجانبية المحيطة بالكاتدرائية، ومحاولة أهالى المنطقة تسيير حركة المرور بالشوارع الجانبية.
فى هذه الأثناء لم يكن الدخول إلى الكاتدرائية صعبا فى ظل الحصار الذى فرضته قوات الأمن فالباب الوحيد المفتوح كان الباب الخلفى المطل على شارع أحمد سعيد، لم يتطلب الأمر سوى إبراز الهوية لشباب من المتظاهرين تحكموا فى حركة الدخول والخروج وسط غياب تام لأمن الكاتدرائية والكشافة التى كانت تملأها.
«7» البابا والرئيس وبحلول الساعة التاسعة مساء أصدر مجلس الوزراء بيانا استنكر فيه الأحداث، وأدان ما وصفه ب«التصرفات الفردية غير المسئولة» التى تمارس أمام الكاتدرائية من البعض، وأكد أن محاولة تصوير هذه الوقائع على أنها فتنة طائفية لن تنال من وحدة هذا الوطن المتماسك والمتسامح، وتواجد مسلمين لمواساة إخوتهم المسيحيين فى مصابهم بالكاتدرائية لهو أصدق دليل على روح التعايش والتماسك الذى توصف به مصر. واكتفت رئاسة الجمهورية بمكالمة هاتفية بين الرئيس مرسى والبابا تواضروس.
«8» ظهور وزير الداخلية خيم هدوء حذر محيط الكاتدرائية، ووسط تعزيزات أمنية مشددة بقيادة مدير أمن القاهرة، اللواء أسامة الصغير، تفقد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، محيط الكاتدرائية، للاطمئنان على الحالة الأمنية هناك، واستقبله الأقباط بالهتافات ضده وطالبوه بالرحيل.
«9» خرطوش ومولوتوف تجددت الاشتباكات بين الأقباط، الذين اعتلوا أسطح الكاتدرائية، والمحتشدين أمام المبنى، من ناحية شارع مؤمن حسن، استخدم فيها الطرفان طلقات الخرطوش وزجاجات المولتوف والحجارة. ونقل التليفزيون المصرى على لسان الرئيس مرسى، رفضه للأحداث معتبرا الاعتداء على الكاتدرائية اعتداء عليه شخصيا، مشددا على أن «الحفاظ على المصريين مسلمين ومسيحيين هو مسؤولية الدولة».
فيما غادر عشرات الأقباط مبنى الكاتدرائية، مع منتصف الليل، من إحدى البوابات القريبة من كوبرى أحمد سعيد، وسط حراسة من عناصر الأمن المركزى، مع عودة محدود لحركة المرور بشارع رمسيس بعد توقف استمر 10 ساعات متواصلة، وانخفاض ملحوظ فى اعداد المحتشدين بالقرب من الكاتدرائية.
«10» اشتباكات بعد منتصف الليل بعدما خيم الهدوء على محيط الكاتدرائية، عاود صبية مجهولون، رشق مبنى الكاتدرائية والشباب المتواجد أعلى سطحها، بالحجارة وزجاجات المولتوف، ما أدى إلى تجدد الاشتباكات، وسط هتاف الشباب القبطى «بالروح بالدم نفديك يا صليب»، و«ارفع راسك فوق انت قبطى».
وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، قبل أن تطارد الصبية فى أحد الشوارع الجانبية وتوقفت الاشتباكات.
اشتباكات متقطعة بالشوارع الجانبية والأمن يسيطر على شارع رمسيس «11» اشتباكات صباحية وعند السادسة صباحا، وقعت اشتباكات جديدة، بين مجهولين، رشقوا مبنى الكاتدرائية بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وأقباط موجودين داخلها، ونجحت عناصر الأمن مع عدد من الشباب الذين قدموا إلى محيط الكاتدرائية، فى وقف الاشتباكات وتهدئة الجانبين.
وقبل تجدد الاشتباكات من جديد، جلس المتظاهرون داخل محيط الكلية الاكليركية ومسرح الانبا رويس وسط أحاديث جانبية تستنكر قيام اللواء نبيل رياض، مدير أمن الكاتدرائية بإتلاف مضخات مياه الحرائق منعا لاستخدامها من قبل المتظاهرين، فى حين تساءل آخرون «فين العمم» قاصدين بذلك أساقفة الكنيسة والكهنة وسكرتارية البابا.
وقال بعضهم المقر لا يوجد به قسيس واحد من سكرتارية البابا أو من الأمن، وكيف يتركنا البابا ف صلاة الجناز، وفى الوقت نفسه يلتقى 8 من قناصل دول أوروبية وعربية من بينهم القنصل الليبى الذى لم تتخذ بلده أية إجراءات لحماية الأقباط والكنائس ينهون حديثهم «ربنا ينيح روحك يابابا شنودة».