كتب يزيد صايغ بحثًا جديدًا عن أزمة القيادة فى المعارضة السورية، نشرته مؤسسة كارنجى البحثية على موقعها الالكترونى. وفيه يقول صايغ إن المعارضة السورية لاتزال تفتقر إلى وجود قيادة سياسية بعد عامين على بدء الانتفاضة فى البلاد. فى المنفى، يزعم الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية (الائتلاف الوطنى) بأنه يوفّر إطارًا تمثيليًا للمجالس المدنية والمجموعات المسلّحة المختلفة العاملة داخل الحدود السورية، لكنه لا يقودها. ولذا يتعيّن على الائتلاف تمكين الهياكل القاعدية الأساسية كى تصبح قيادة سياسية حقيقية للمعارضة داخل سوريا، ويحوّل تركيزه باتجاه التعامل صراحًة مع الأطياف السياسية ومؤسّسات الدولة الرئيسة بغرض فصلها عن النظام، إذا كان يأمل فى تحقيق التغيير الديمقراطى الدائم.
●●●
وركز الباحث على عدة نقاط أساسية فى بحثه، أهمها فكرة إستجابة المجلس الوطنى السورى، الذى كان أول إطار يمثل المعارضة فى المنفى، للمبادرات الدبلوماسية بدلاً من صياغتها، وتبنّى عسكرة الانتفاضة من دون أن يتمكّن من توجيهها أو دعمها، وفشل فى إدماج القادة المحليين داخل سورية. وركز أيضًا على فكرة تنافس الشخصيات والفصائل المعارضة فى المنفى على المكانة والموارد بدلاً من أن تتوحّد تحت راية مشتركة، حيث كانت تتوقّع الحصول على التمويل والاعتراف السياسى من المجتمع الدولى. ويقول أن الائتلاف الوطنى، الذى حلّ محلّ المجلس الوطنى السورى، أثبت أنه ليس أكثر منه فعالية فى توفير قيادة سياسية استراتيجية، وتمكين الإدارة المدنية المحلية، وتأكيد السلطة الموثوقة على الثوار المسلحين، وتقديم الإغاثة الإنسانية، ووضع استراتيجية سياسية لتقسيم النظام. وقد وضعت استقالة رئيس الائتلاف، معاذ الخطيب، فى 24 آذار/مارس 2013، مستقبل الائتلاف موضع شكّ، حتى لو تراجع عنه. وانه لا يمكن للمجالس المحلية المدنية والعسكرية داخل سورية تأكيد سلطتها الفعلية على الأرض فى ظل غياب القيادة السياسية الموثوقة. وأن التنافس بين الجماعات المتمردة والمتشدّدين الإسلاميين أدى إلى ملء الفراغ، والتعاطى مع الاحتياجات المتزايدة لتوفير الأمن، وتسوية المنازعات، وتوفير إمدادات الغذاء والوقود والمأوى.
واشتمل البحث على عدة توصيات للائتلاف الوطنى السورى فدعاه إلى تحديد موقفاً واضحاً من سير العمليات القتالية الرئيسة فى المدن السورية، ولاسيما معركة دمشق الوشيكة، بهدف تأكيد الإدارة والسلطة السياسية على عملية اتّخاذ القرارات العسكرية. ودعاه أيضًا إلى حكم المناطق المحرّرة وتمكين القيادة السياسية المحلية وتمكين الحكومة المؤقتة التى أعلنها فى المناطق المحررة من اتّخاذ القرارات السياسية الاستراتيجية، وإلا ستفشل الحكومة فى توفير الإدارة الفعّالة والخدمات والمساعدات الإنسانية أو فى تأكيد السيطرة المدنية على الثوار المسلحين. وحث الباحث الائتلاف الوطنى على وضع استراتيجية سياسية والاستعداد للمفاوضات. ونصح قيادة الائتلاف باقتراح إطار ملموس يوفّر الفرصة للجهات الفاعلة السياسية والمؤسّسية الرئيسة الداعمة للنظام حاليًا، ماعدا الرئيس بشار الأسد والحلقة التى حوله، للاضطلاع بدور رسمى ومباشر فى المفاوضات الخاصة بالعملية الانتقالية الديمقراطية فى سوريا.