حلت يوم الجمعة الذكرى الأولى لرحيل المفكر الكبير الدكتور عبدالوهاب المسيرى، ومنذ رحيله عن عالمنا لم تتراجع زوجته الدكتورة هدى حجازى لحظة عن مواصلة مشروعه الفكرى، وقالت فى حديثها ل«الشروق» إن المسيرى كان شخصية فذة، وإن متابعة إصدار كتاباته، التى لم يمهله الموت الوقت لنشرها هو الاحتفاء الأمثل به. أكدت حجازى أن ثمّة عديدا من المسودات التى خلفها المسيرى تعكف هى وعدد من تلاميذه الذين لا يزالوا يملأون منزله على تنقيحها لتصبح جاهزة للنشر، وأن هناك كتبا جاهزة للنشر الآن، على رأسها كتاب «من ضيق المادية إلى رحابة الإنسانية والإيمان»، و«الحلولية ووحدة الوجود» وكتابان آخران عن الصهيونية. وأشارت إلى أن المسيرى الذى كان تولى رئاسة مؤتمر حول حوار الحضارات والمسارات المتنوعة للمعرفة عقد فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 2007، وكان محوره الأول هو مواجهة التحيز، قام قبل وفاته بكتابة مقالات موسعة حول هذا الأمر، الذى اهتم به بشدة وأكدت أن هذه المادة سيتم جمعها فى كتاب. وأشارت إلى أهمية قيمة الترجمة لدى زوجها، وقالت: «كان دائما ما يؤكد أهمية الترجمة، وأهمية أن يقرأ المسلمون خارج العالم العربى كتاباته»، ومن هذا المنطلق لفتت إلى أن المسيرى أشرف قبل وفاته على ترجمة سيرته الذاتية «رحلتى الفكرية سيرة غير ذاتية غير موضوعية» إلى الإنجليزية، ولكنه لم يواصلها، وأنها تشرف على مواصلة تنقيح هذه الترجمة، كما أفادت أنها بصدد متابعة إصدار ترجمة لهذه السيرة بالفرنسية. وقالت حجازى إن زوجها كان يؤمن بأهمية ودلالة النكتة لدى الشخصية المصرية فى مواجهة واقعها، وكتب فى ذلك مادة قيمة وإن كانت لم تكتمل بعد، ومع ذلك أكدت أنه من الصعب الجزم بأنه يمكن استكمال نشر هذا الكتاب قريبا لا سيما وأن النكتة تعتمد على كل من الإلقاء والتصنيف، مما يجعل مهمة استكمال هذا المشروع ليست بالعمل البسيط لأن المسيرى قام بتدوين عدد من النكات بالفعل بصوته قبل وفاته ولم يستكملها. وفيما يتعلق بكتب الأطفال أفادت أن المسيرى كان يحتفظ بعدد من الأفكار التى تصلح لتكون قصصا، ولكنه لم يترجم هذه الأفكار إلى كتابات. ولد الدكتور عبدالوهاب المسيرى فى مدينة دمنهور عام 1938، وتخرج فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1959، وحصل على الدكتوراه من جامعة رتجرز بنيوجيرزى عام 1969، ويعتبر واحدا من أبرز المؤرخين المتخصصين فى الحركة الصهيوينة، وهو صاحب «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية»، وهى أحد أهم الأعمال الموسوعية العربية فى القرن العشرين. إلى جانب هذا التخصص الدقيق كان المسيرى أحد أهم الكتاب، الذين ساهموا فى إثراء المكتبة العربية فى كتابات الأطفال بما يمتلك من براءة وروح طفولية، وأبرزها «نور والذئب الشهير بالمكار»، و«قصص سريعة جدا» و«ملك صغير وكتاب كبير» و«قصة خيالية جدا». ارتبط المسيرى بهموم الشارع المصرى واشتغل بالعمل السياسى كمنسق عام لحركة كفاية المعارضة، وعرف عنه ميله للنزعات التأملية والإنسانية، التى جعلت له أرضا لا تزال خصبة بتلاميذه، الذين كان يجتمع بهم فى منزله بانتظام، ومن أبرز أقواله «إن الإيمان لم يولد داخلى إلا من خلال رحلة طويلة وعميقة».