كلية التجارة بجامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدارسين في برامج الماجستير المهني    أحمد عز: تعيين خبير صلب في وزارات الصناعة العربية وإطلاق طاقات البناء من أهم سبل النمو    نائب محافظ القاهرة تتابع تطبيق قانون التصالح بحي شرق مدينة نصر    ترامب يتحدث مع بوتين لدى دراسته ضغط أوكرانيا للحصول على صواريخ توماهوك    الحوثيون يعلنون تعيين المداني رئيسا لهيئة الأركان خلفا للغماري    جائزة نوبل للحرب    بالصور.. بعثة نهضة بركان تصل القاهرة استعدادا لمواجهة بيراميدز    محمود الخطيب: "لأول مرة أفكر في نفسي قبل الأهلي.. وهذا سر التراجع"    سيف زاهر: فخور بثقة الرئيس السيسي باختياري عضوًا بمجلس الشيوخ(فيديو)    حسن مصطفى: كنت أتمنى التنسيق بين حسام حسن وحلمي طولان في اختيارات اللاعبين    ماس كهربائي السبب.. السيطرة على حريق اندلع في منزل بالفيوم دون إصابات    حسين فهمي: مهرجان القاهرة السينمائي في موعده.. ولا ننافس الجونة بل نتعاون وفزنا معا بجائزة في كان    أول ظهور ل محمود العسيلي مع زوجته في مهرجان الجونة السينمائي    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    قافلة «مسرح المواجهة والتجوال» تصل رفح دعمًا لأطفال غزة    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    حركة فتح ل"القاهرة الإخبارية": إسرائيل تراوغ وتتنصل من فتح معبر رفح    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    أبوقير للأسمدة يفوز على الداخلية.. وخسارة طنطا أمام مالية كفر الزيات بدوري المحترفين    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    مسرح المواجهة والتجوال يصل رفح دعمًا لأطفال غزة    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    بعد ظهورها كإعلامية.. دنيا صلاح عبد الله توجه الشكر لطاقم عمل مسلسل وتر حساس 2    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    قافلة طبية مجانية بقرية سنرو بالفيوم والكشف على 1362 حالة وتحويل 33 للعمليات    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    علاء عبدالنبي بعد تعيينه بالشيوخ: ملف الصناعة على رأس أولوياتي    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    إصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة فى حادث انقلاب ملاكى بقنا    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    مقتل 40 مدنيا قبل الهدنة فى الاشتباكات على الحدود بين أفغانستان وباكستان    فيريرا يكشف حقيقة رحيل أوشينج وجهاد عن الزمالك وموقفه من المعد النفسي    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    وزارة العمل تشارك في احتفالية اليوم العالمي للمكفوفين والعصا البيضاء بالقاهرة    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    قوات الاحتلال تعتقل شابًا خلال مداهمة في بلدة علار شمال طولكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول زيارة أوباما وأقواله
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 03 - 2013

كشفت زيارة الرئيس الأمريكى باراك اوباما لإسرائيل سقوط «العرب» من الذاكرة السياسية لدول العالم، الكبرى أساسا، وتحول دولهم عموما إلى «محميات» أو إلى «ملحقات» بالغير، أو إلى جزر معزولة متروكة لقدرها.

لقد فقد العرب موقعهم المؤثر ليس فقط على القرار السياسى الدولى بل أساسا على ما يتصل بقضاياهم القومية كما بشئونهم المحلية المباشرة.

لم يعد «العرب» موجودين، بالمعنى السياسى، لا كمجموعة ذات دور فاعل، أو قوة تأثير، حتى فى ما يتصل بأمنهم القومى أو بدورهم فى العالم، ولا كدول ذات هوية محددة تجتمع على الحد الأدنى من المصالح المشتركة، أو على مواجهة مخاطر الانقراض وافتقار القدرة على حماية الذات، فضلا عن التأثير على القرار الدولى المتصل بشئونهم.

ولعل زيارة الرئيس الأميركى قد أكدت مجددا أن الإسلام السياسى قد أنجز مهمته التاريخية: محاولة طمس الهوية الجامعة بين الدول العربية، وتظهير الخلافات بين القوى الحية فى المجتمعات العربية عن طريق إعلان حرب مفتوحة بين الإسلام والعروبة ستنتهى بتدميرهما معا، بحيث تجرد هذه المنطقة الممتدة بين المحيط والخليج من هويتها عبر تسميتها الجديدة: «الشرق الأوسط الجديد».

وليس فى «الشرق الأوسط الجديد» إلا دولة مركزية واحدة هى إسرائيل، ومجموعات من القبائل والطوائف والمذاهب والاثنيات المتصارعة، والتى عليها أن تقتتل دون أن تؤثر على مصادر الطاقة، إنتاجا ووسائل مواصلات بحرية وبرية.

•••

لم يفعل باراك اوباما فى خطبه كما فى وقوفه أمام المقدسات السياسية لدولة يهود العالم إلا توكيد التسليم بالشراكة الكاملة مع إسرائيل، باعتبارها الدولة المركزية لهذا الإقليم، مع لفتات تعاطف إنسانى مع تلك الأقلية العربية فيها، التى كانت صاحبة الأرض التى اسمها فلسطين، وأن لها أن تنسى التاريخ والجغرافيا وتتأقلم مع واقعها الجديد.. وسوف لن تبخل عليها واشنطن بما يسد الرمق، على أن تبقى منقسمة إلى حد المخاصمة: فالفلسطينيون ممن صاروا «رعايا» من الدرجة الثالثة فى دولة يهود العالم هم «إسرائيليون»، ومن فى الضفة الغربية هم «فلسطينيو» الدولة التى لا أرض لها، أما فى غزة فهم «جماعة حماس» التى لا يمكنها أن تعوض غياب المركز ولا بوسعها أن تجسد القضية بأصلها وثوابتها.

يكفى الالتفات إلى الاختلاف الفاضح بين خطاب الرئيس الأمريكى فى جامعة القاهرة أثناء زيارته مصر فى حزيران يونيه 2009 ومضمون خطبه المكتوبة أو تعليقاته المباشرة وإشاراته خلال زيارته الأسبوع الماضى إلى إسرائيل، للتثبت من عمق اختلاف مواقف اوباما اليوم عنها فى زيارته الأولى إلى المنطقة العربية.

فى القاهرة، قبل أربع سنوات، كان باراك اوباما مبشرا بعهد جديد فى العلاقات الدولية عموما، مذكرا بأصوله الأفريقية وبوالدته المسلمة ونشأته فى اندونيسيا، لكى يؤكد تفهمه لضرورة بذل الجهود من أجل تسوية عادلة للمسألة الفلسطينية، ومن ثم لعلاقات طبيعية مع الدول العربية خصوصا والعالم الإسلامى عامة.

أما فى إسرائيل التى جاء لزيارتها وحدها، باعتبار أن الأردن «حديقتها الخلفية» كما كان يقول بعض أسلافه، فقد تحدث باراك اوباما عن «تحالف لن ينكسر»، وجال على أضرحة مؤسس الفكر الصهيونى هرتزل وبناة الدولة الإسرائيلية من بن غوريون إلى اسحق رابين وغيرهما وكأنهم من أبطال الاستقلال الأمريكى.

بل إن اوباما قد تجاوز نتنياهو فى حديثه عن أهمية إسرائيل وخطورة دورها باعتبارها الوجه الآخر للولايات المتحدة الأمريكية، وكاد يختصر فيها المنطقة جميعا، فى حين كان نتنياهو يتعهد فى خطابه أمام الكنيست بالحفاظ على إسرائيل الدولة الواحدة الموحدة، مؤكدا أنه سيعيد طرح مشروع القانون الدستورى الذى يعتبر إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودى ويلزم المحكمة الدستورية العليا أن تحكم لصالح يهودية الدولة.

تصرف اوباما على أساس أن إسرائيل هى الشرق الأوسط الجديد، جميعا، وبرغم ذلك لم يكن قادة الكيان الصهيونى «لائقين» معه.. وعامله نتنياهو وكأنه آت لطلب المغفرة، ويكفيه أن يأكل الفلافل والحمص بطحينة باعتبارهما من أساسيات المطبخ الإسرائيلى.. ثم يجول فى «المحمية الفلسطينية» للتأكد من الفوارق الحضارية الهائلة بين الحضارتين، وانعدام التأثير العربى على المشروع الإسرائيلى بتهويد القدس المحتلة، وتخلى عرب النفط خصوصا عن كل ما يمكن أن يستفز «أقوى دولة» فى المنطقة، بدليل موقفهم من الحرب الإسرائيلية على غزه، وكذلك بالتنكر لالتزاماتهم بتأمين الأموال اللازمة للسلطة الفلسطينية كى توفر الطعام لشعبها وليس السلاح لتحرير الأرض.

هو «التحالف الذى لن ينكسر»، إذن بين أمريكا وإسرائيل، والشرق الأوسط ليس إلا إسرائيل.

لم يشر باراك اوباما، ولا نتنياهو، بكلمة إلى «الربيع العربي» والى دور «الإسلام السياسى» الذى قفز إلى السلطة فى أكثر من دولة عربية، وإن كانت نتائج ذلك كله قد تبدت واضحة فى الاطمئنان الذى تعيشه إسرائيل بحيث خلت الخطبة من النبرة الدفاعية عن الدولة المهددة، وقدمت بديلا منها الدولة القادرة والمؤهلة والمستعدة للهجوم على إيران استكمالا للهيمنة على المنطقة جميعا.

على أن «مبادرة اوباما» لمصالحة إسرائيل مع تركيا، بوصفها الدولة النموذج للإسلام السياسى كانت ذات دلالة: فارتباط تركيا بالقرار الأمريكى، وعلاقة تركيا بإسرائيل، هى من الثوابت فى منهج الإسلام التركى.

على أن الأخطر فى «شئون الاعتماد» أن يكمل الإسلام السياسى ما باشره حكم الاستبداد، أى مواجهة العروبة وإنكار دورها كهوية أصيلة لهذه الأرض وشعوبها، وشطب فلسطين كقضية جامعة، من والاها فهو الصديق، ومن حاول تقزيمها تمهيدا لمحوها من الذاكرة قبل الخريطة فهو العدو.


ومن خلال زيارة باراك اوباما لإسرائيل، وتصريحاته فيها، وجهده فى مصالحة نتنياهو مع بطل النموذج الناجح للإسلام السياسى ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، تأكد انه لا حاجة لبطل عربى للإسلام السياسى، خصوصا وأن رموزه، فى مصر وتونس فضلا عن ليبيا، وقبل الوصول إلى «مجاهديه» فى سوريا، ليست مشجعة فضلا عن أنها ليست كفؤة بدليل تخبطها فى الحكم الذى تيسر لها الوصول إلى سدته فى لحظة قدرية.

بل إن باراك اوباما تصرف، عبر زيارته لإسرائيل وخطبه ولفتاته فيها (ومجاملاته فى رام الله) وكأن لا عرب فى منطقة الشرق الأوسط.. وشطب هوية المنطقة يبدو مقصودا ومخططا له لكى تصبح إسرائيل، هى «الدولة»، وهى «المركز» والباقى «ملحقات»... وطالما لا عرب فلا شعب فى فلسطين بل جالية أجنبية أو ضيف ثقيل على دولة يهود العالم.

ولم يكن ممكنا أن تتم مثل هذه التصرفات النابية لو أن «العرب» حاضرون فى ذهن اوباما، أساسا، ومن بعده فى ذهن نتنياهو.

•••

يمكن القول إن اوباما قد أفاد من غياب مصر العالقة فى براثن التنظيمات الإسلامية، إخوانا وسلفيين، وهو غياب أفقد «الوطن العربي» مركزه.. وكذلك من غياب سوريا الغارقة فى أزمتها الدموية التى تكاد تذهب بها كدولة مفتاح فى المشرق العربى، ومن غياب العراق الدولة التى كانت مهابة وقادرة على لجم الاندفاعات الهوجاء للمسئولين فى الجزيرة والخليج تحت ستار الخوف من إيران.

باختصار، فإن الإسلام السياسى الذى وصل إلى السلطة فى بعض الدول العربية هو إسلام مدجن وعاقل وناطق بالإنكليزية.. وغالبا ما يلتبس عليه الأمر فى النظر إلى إسرائيل إذ يرى فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

هل يفسر هذا كله تصاغر الرئيس الأمريكى باراك اوباما أمام إسرائيل واندفاعه إلى نفاق نتنياهو بهذا الشكل النافر؟!

لعله افترض أن العروبة باتت من الماضى، وأن الإسلام السياسى لا مستقبل له إلا كتابع، قراره فى واشنطن، واستطرادا فلا يمكن أن يكون معاديا لإسرائيل، وبالتالى فقد تعامل مع نتنياهو بوصفه الرجل الأقوى «فى هذه المنطقة»، وصاحب القرار فيها سلما وحربا.

هل صار الشرق الأوسط إسرائيل فقط ومعها بعض المحميات التى كانت عربية فخرجت من العروبة وعليها إلى التيه بالشعار الإسلامى تحت العلم الأمريكى؟



رئيس تحرير جريدة «السفير» اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.