سور الازبكية و الذي يعود إنشائه إلى عام 1872، أنشأ في عهد الخديوي إسماعيل ليكون منبرا للثقافة والفن في توازي مع دور حديقة الأزبكية التي إنشأت في نفس التوقيت والتي كانت تقام فيها العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبرى ، والذي تحول مع مرور الزمن إلي مقصد لكل مثقف أو طالب علم حيث يضم أكثر من 130 منفذ لبيع الكتب ، واشتهر ببيع الكتب القديمة كوسيلة للقضاء على الأمية الثقافية و توفير الكتب بأقل الإسعار أمام محدودي الدخل ليطلق عليه اسم "سور الثقافة المصرية و جامعة الفقراء " ..
أصبح السور يقف الآن بين خطر الركود التام الذي حل عليه و ارغم بعض البائعين فيه إلي تغيير مهنتهم والتحول لبيع سلع أخرى و بين خطر التعرض لمذبحة مثيلة كمذبحة كتب شارع النبي دنيال بمحافظة الإسكندرية ، فضلا عن خطر نقله من مكانه إلي مكان آخر غير معلوم حتى الآن .
يقول "محمد قاسم " اقدم بائعي الكتب بالسوق انهم اصبحوا مهددون الآن بخطر التشرد وقطع العيش بسبب رغبة المحافظة في نقلهم إلي مكان آخر غير معلوم ، وذلك لعمل توسيعات في مسجد "عماد الاسلام" المجاور لهم ، متجاهلين بذلك القرار حياة أكثر من 130 اسرة تكسب رزقها من هذا المكان .
ويأتي هذا فضلا عن حالة الركود التي تسيطر على السوق منذ عامين من وقت إندلاع الثورة والتي اجبرت العديد من الباعة على تحويل تجارتهم الي سلع اخرى لا تمت للثقافة والمثقفين بشيء ، خاصة بعد ان امتلئ السور بالباعة الجائلين الذين اصبحوا يسدون طريق الوصول الي باعة الكتب ، ليتحول المشهد حول سور الازبكية مثلما تحول شارع الفجالة حاليا والذي كان يشتهر في السابق باسم "منطقة التنوير و مركز الكتاب " لا شتهاره ببيع الكتب الثقافية والعلمية بأقل الأسعار ليصبح الآن مركز لبيع الادوات الصحية .
بينما يرى "عم حربي" بائع كتب مستعمله بالسوق ان ما يتعرض له باعة سور الازبكية الان هو تكرار لمذبحة الثقافة والكتب الذي تعرض لها أقرانهم في شارع النبي دانيال بالإسكندرية ، حينما أصدر محافظ الإسكندرية اللواء محمد عطا عباس، قرارا بإزالة أكشاك بيع الكتب بدون إنذارهم ، متجاهلا أهمية هذه الاسواق والتي تحتوي على كتب نادرة لا توجد في اي مكتبات اخرى ، والقضاء على هذه الاسواق يعد مؤشر على اندثار و ذبول الثقافة فى مصر.
وأضاف "عم حربي" إنهم يعيشون هذه المعاناة منذ 20 عام تقريبا قائلا بصوت حزين " كل مرة ينقلونا بحجة مرة إنشاء موقف للسيارات في منطقة العتبة، ومرة ثانية لإنشاء نفق الأزهر، ومرة أخرى لإنشاء مترو الأنفاق، والمرة دي لتوسيع المسجد ،وكأنهم لا يرون غيرنا وكأنهم لا يرون المكان الذي استحوذ عليه الباعة الجائلون الذين انتشروا حولنا واصبح يسدوا الطريق علينا ويقفوا حائل بيننا وبين لقمة عيشنا ".
أما عم "حامد حافظ" صاحب منفذ لبيع الكتب بالسور فلخص مطالب الباعة داخل السور في تسهيل إنشاء جمعية او رابطة تضم جميع باعة الكتب في سور الازبكية و تهتم بشئونهم وتحافظ على حقوقهم ، مع النقاش مع محافظة القاهرة لتثبيت مكان السور في موقعه الحالي لما له من دور تثقيفي في مصر مع فتح سبل للنقاش بين باعة الكتب و اتحاد الناشرين لتواصل لحل لمكافحة غش الكتب وتزويرها عن طريق تسجيل انشطتهم و مبيعاتهم ، مؤكداً أن دور بائعي الكتب هو دور تكميلي لوزارة الثقافة و اتحاد الناشرين وذلك لنشر الثقافة والوعي بين المواطنين ، وتحفيزهم على القراءة و التعلم .