قالت مصادر سياسية وغير سياسية ل «الشروق» إن قيادات فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة تمت تسميتها وتحجب الشروق الأسماء باختيارها أجرت اتصالات للتشاور مع قيادات سياسية فى مساحات متنوعة من الساحة السياسية. شملت مساحات إسلامية حول «المتوقع» فى القادم من الأيام والرؤية التى تقترحها هذه القوى السياسية للتعامل مع التوتر الحالى. المصادر ذاتها أكدت بصورة شبه متطابقة ل«الشروق» أن قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكدت بلغة لا لبس فيها أن «الجيش لن ينقلب على الرئيس المنتخب». المصادر التى تحدثت ل«الشروق» قالت إن ما يمكن أن يقوم به الجيش سيكون «تصحيح مسار الثورة» أو «ربما تدخل الجيش بصورة محدودة للحيلولة دون إنشاء تشكيلات مسلحة» من أى اتجاه كان لأن الأمر إذا ما وقع، بحسب أحد هذه المصادر، لن يكون مقصورا إطلاقا على تيارات الإسلام السياسى «لأن السلاح يملأ البلد وهذا أمر مرعب».
وقال مصدر «غير سياسى» إن هناك أسبابا للتوتر فى البلاد بعضها سياسى والبعض الآخر اقتصادى «والأمور تنفلت أحيانا وفى حال حدوث انفلات لا قدر الله يتدخل الجيش لتنفيذ مهامه الدستورية بحماية الوطن، وهو ما رأيناه فى بورسعيد على سبيل المثال». وأضاف: «نحن لسنا فى وارد الانقلاب على الحكم المدنى المنتخب اطلاقا كما يشيع البعض».
مصدر قيادى بجماعة الإخوان المسلمين أكد بدوره للشروق أن الجماعة لديها تأكيدات مباشرة من قيادات عسكرية بأن الجيش لن ينقلب على الرئيس وأنه لن يتجاوز الدور الدستورى له، وأن «الجيش قدم هذه الرسالة من نفسه بعد أن كثر الحديث عن الانقلاب القادم فى أعقاب صلاة الجمعة التى نقلها التلفزيون المصرى للفريق أول عبدالفتاح السيسى (وزير الدفاع) مع شيخ الأزهر (أحمد الطيب) بمناسبة يوم الشهيد».
غياب الرئيس عن صلاة يوم الشهيد رغم كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة بحسب ذات المصدر «مرتبط بأن الرئيس قرر أن يحدد تحركاته خصوصا فيما يتعلق بالصلاة لأسباب أمنية بحتة بحيث لا يكون وجوده فى مكان ما مدعاة للتشديد الأمنى على المصلين.
التبرير المقدم من القيادى الإخوانى لم يشمل نفى ما سمعت به الشروق من بعض المصادر السيادية من أن الدعوة لم توجه للرئيس للمشاركة فى يوم الشهيد لأن هناك خلافات «حقيقية فى الرؤية والتقدير» بين قيادات القوات المسلحة والرئيس حول جملة من القضايا على رأسها الوضع فى سيناء ومدن القناة.
الحديث عن الخلاف فى الرؤية لا يقتصر على علاقة الرئيس مع «قيادات فى القوات المسلحة» وإنما يمتد إلى علاقته مع «قيادات فى مكتب الإرشاد» بحسب مصادر للشروق فى دوائر الإسلام السياسى «قيادات فى مكتب الإرشاد» بينهم الرجل الأقوى فى الجماعة خيرت الشاطر الذى مازال يحمل مرسى مسئولية سوء إدارة الأمور منذ أن أصدر الإعلان الدستورى المثير للجدل 22 نوفمبر الماضى دون التشاور معه فى النص النهائى. الشاطر، بحسب ذات المصادر، قال لمحدثين التقاهم من الإخوان والسلفيين عبر الأيام الماضية إنه غير مرتاح لأداء مرسى لما يشوبه من «تردد» و«بطء» و«إصرار على إبقاء شخصيات فى الحكومة أداؤها معرقل».
وبحسب ذات المصادر فإن الشاطر كان صاحب قرار الطعن على حكم محكمة القضاء الإدارى بإلغاء الدعوة لانتخاب مجلس النواب وإحالة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية الأسبوع الماضى، «ومن هنا كان تصريح أحمد عبدالعاطى رئيس مكتب الرئيس المقرب بشدة من الشاطر» إنه سيتم الطعن على القرار قبل سحب التصريح وإعلان الرئاسة احترام أحكام فى إطار توافق على أن يأتى الطعن من قبل مجلس الشورى كونه صاحب الاختصاص بالتشريع.
ويقول مصدر إخوانى من دائرة مرسى أن «الرجل يسعى لأن يكون مستقلا وهو الأمر الذى لا يقدره الخصوم السياسيون»، مضيفا أن الرئيس أرسل وسطاء لخصوم سياسيين بحثا عن تفاهمات سياسية. الوسطاء بحسب هذا المصدر يشملون شخصيات شاركت فيما يعرف ب«جبهة الضمير» يسعون للوصول إلى تفاهم غير رسمى يسمح بفتح صفحة جديدة تقوم على أساس تلبية الرئيس لبعض مطالب المعارضة «دون الخضوع لإملاءات بعينها».
المصدر نفسه يقول: «عندما نقل الوسطاء للرئيس إصرار البعض على تغيير رئيس الوزراء كانت إجابته وهو احنا لاقيين حد يرضى ييجى يشيل»، وكانت مصادر رسمية وأخرى مستقلة قد قالت للشروق إن مؤسسة الرئاسة كانت قد استطلعت رأى بعض الشخصيات الاقتصادية المستقلة، من بينها بعض رجال أعمال وبعض أساتذة الاقتصاد، بشأن تولى مهمة رئاسة الحكومة وهو ما قوبل أو بالرفض أو بوضع شروط لم تقبل رئاسيا.
من ناحية أخرى قالت مصادر فى أوساط الإسلام السياسى أن هناك من يقترح على الإخوان المسلمين وعلى الرئاسة النظر فى فى مسألة الانتخابات الرئاسية المبكرة حرصا على مصير مشروع الإسلام السياسى الذى تراجعت شعبيته بشدة بعد أقل من عام على تولى مرسى الرئاسة مع الأخذ فى الاعتبار أن حزمة إجراءات التقشف الاقتصادى، القادمة حتما بحسب مصادر حكومية رفيعة، ستزيد من حالة الاحتقان وبالتالى من تراجع شعبية الإسلام السياسى. ويقول مصدران متطابقان أحدهما من جماعة الإخوان المسلمين والآخر من التجمعات السلفية أن الأمر لم يعد يجابه بنفس الدرجة من الرفض من قبل مكتب الإرشاد.
يأتى ذلك فيما أشارت مصادر سياسية مستقلة وأخرى رسمية فى اتصالات مع الشروق إلى غضبة واسعة فى أوساط القوات المسلحة إزاء ما صدر عن النائب العام بشأن حق المواطنين فى ممارسة مهام وصفت بأنها مهام الضبطية القضائية خصوصا مع تزامن هذا الأمر مع ما وصفته هذه المصادر ذاتها بمعلومات موثقة لدى أجهزة أمنية سيادية من تحركات لتكوين مليشيات للتأمين فى عدد من المحافظات من قبل شخصيات وتيارات محسوبة على أحزاب إسلامية من بينها حزب الحرية والعدالة وهو الأمر الذى تنفيه قيادات بالحرية والعدالة نفيا قاطعا.
وبحسب نفس المصادر فإن هذه الغضبة كانت السبب الرئيسى وراء التصريح الموضح الصادر الاثنين عن مكتب النائب العام لتوضيح ما كان قد صدر عن ذات المكتب يوم الأحد. ويقول المصدر العسكرى إن «القلق» لدى «الوطن» من هذا القرار «الذى يبدو أنه فهم خطأ هو أمر مشروع لأن الدستور يحظر نصا على أى جماعة أو جهة أو أفراد إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية»، مشيرا إلى أن هذا الحظر يأتى فى «متن» نفس المادة التى تقرر مهام القوات المسلحة