تدخل مريم مسعود وزميلها إلى مخبز راقٍ، تبارك للكاشير على الافتتاح فى البداية، وتتبادل معه الرأى للاختيار من بين المخبوزات الشهية التى تطل من «فاترينة» زجاجية، وبعد لحظات حسما الاختيار. ثم تضحك مريم مخاطبة زميلها مرة أخرى «بس احنا مش عايزين نتخن»، وعندها يخرج الصديق عن السياق متخذا موقفا حادا، معتبرا أن مزاح مريم هذا ما هو إلا عدم رغبة فى شراء المخبوزات من الأساس تذرعا بمسألة السمنة تلك. هذا المشهد التمثيلى الذى لم تتجاوز مدته الدقيقة والنصف دقيقة كان مدخل مريم مسعود لتقديم تبسيط لما يطلق عليه «المجادلة المنطقية» أو بتعبير آخر اختارته «خيال المآتة»، وهو تشويه أو تغيير النقطة التى يجادلك فيها منافسك حتى تنتصر عليه، إذ إن صديقها قد حوّل مقصدها من «إننا مش عايزين نتخن» إلى «إننا مش هناكل خالص»، وعممت هذا المثال على نماذج أخرى أوسع من بينها ما نواجهه هذه الأيام من تحريف مقاصد الحديث كأن ينتهى جدل أو حتى حديث عادى مع أحد المتشددين بعبارة «ماذا رأيتم من الله لتكرهوا شريعته؟!.
هذا المشهد أشبه بمحاضرة قصيرة يمكنك أن تشاهده بضغطة زر على «الرابط» فى موقع «يوتيوب» لتحميل ومشاهدة مقاطع الفيديو، الذى شاركت فيه مريم قبل أسابيع قليلة من صدور قرار محكمة القضاء الإدارى بحظر موقع «يوتيوب» لمدة شهر، وهو قرار لم يجر تنفيذه بعد. «حاجة نحس!» تعلق مريم بمرارة على القرار الأخير. تجربة إعداد وتحميل الفيديوهات الساخرة على اليوتيوب بأزهد التكاليف، ارتبطت باسم «باسم يوسف»، وكانت سببا فى شهرته حتى قبل أن تتوالى عليه عروض عدد من القنوات الفضائية لضمه إليها، وبالنسبة إليها فإن باسم يوسف أحد أبرز من ألهموها خوض تجربتها فى هذا المجال، على حد تعبيرها. مريم، الحاصلة على الماجيستير فى تدريس اللغة الانجليزية من الجامعة الأمريكية، عملت على تدريس هذه اللغة فى عدد من الجهات منها الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة الشرق الأوسط الأمريكية بالكويت، وبعد عودتها للاستقرار فى مصر أعادت اكتشاف ملامح جديدة لمشروع حياتها بعيدا عن قاعات التدريس، حتى لو استعارت من مهنة التدريس روح الإلقاء نفسه، ولكن هذه المرة فى مواجهة الكاميرا، وبدأت بالفعل فى تصوير وتحميل فيديو أطلقت عليه «ميس ميرفت: إحنا انجليزنا مشلفط ليه؟» قدمت خلاله شرح مبدئى للأسباب الرئيسية التى تؤدى لأخطاء فى النحو والنطق فى اللغة الإنجليزية، وفور أن حملت الفيديو ونشرته من خلال صفحتها على «فيس بوك» حتى بدأ الفيديو فى التداول حاصدا الكثير من التعليقات، وهو ما دفعها لمواصلة الأمر ولكن هذه المرة ليس فى دروس اللغة الإنجليزية وإنما فى تقديم لقطات حول التأمل وتطوير الذات والذكاء الاجتماعى والتفكير المنطقى وكل ما اعتبرت أنه «يحسن من حياة الناس.. أقدم موضوعات مفيدة» على حد تعبيرها ل«الشروق»، لاسيما وأنها ممارسة ومدربة للبرمجة اللغوية العصبية وممارسة متقدمة فى العلاج بالطاقة.
حلم المذيعة «كنت أفكر فى كتابة مدوناتى فى مدونة على الإنترنت، وأحيانا كنت أفكر فى تأليف كتاب، حتى جرى حديث بينى وبين عدد الأصدقاء شجعونى فيه على مواجهة الكاميرا، معتبرين أنى أمتلك أسلوبا مختلف فى الحديث ما يمكنه أن يؤهلنى لأن أعمل كمذيعة يوما ما، على اعتبار أن ما أقدمه من فيديوهات بوابة لذلك، تضيف مريم: «إذا لم يحدث هذا فأنا على الأقل أقضى وقتا ممتعا فى التحضير للتصوير وتقديم موضوعات شيقة ومختلفة». تعتبر مريم أن التدريس فى حد ذاته كمهنة ساعدها بشكل كبير على الأداء أمام الكاميرا، وعلى تحضير الموضوعات التى تقدمها، لكنها فى المقابل تواجه مشكلات من نوع آخر على رأسها مكان التصوير، وتضحك: «قمت بتصوير سكتش المغالطة المنطقية بالصدفة البحتة فى مخبز، بعد ان فشلت فى أن أجد مكانا للتصوير، وهو مخبز افتتحته صديقة، ورحبت بأن تستضيفنى به»، المفارقة الأكبر هو أن صديقة مريم خريجة لكلية الإعلام، لكنها لم تتمكن من أن تمارس العمل الإعلامى، وطلبت أن تقوم بتصوير الفيديوهات بالكاميرا!
ومع الوقت تمرست أكثر على مسألة تحميل الفيديوهات، من بين ذلك تقصير مدة الفيديو حرصا على تفادى ملل المشاهد، ومع الوقت توالت موضوعاتها المصورة ومن بينها «التعرف على سمات الشخصية من خلال قراءة الكف»، وهو موضوع تعتبر أنه «مش خزعبلات»، وأن له أصولا علمية، والطريف أن هذا الموضوع تحديدا طالما كان موضوعا شيقا يجذب أصدقاءها، حتى إنها كانت تقضى معظم الوقت أثناء نزهاتهم وهى تطالع كفوفهم وتقرأها.. ولكن بعيدا عن الكاميرا.