أثار الحكم القضائى الصادر عن الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة المستشار حسونة توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، بحظر موقع اليوتيوب والمواقع الإلكترونية الأخرى التى عرضت الفيلم المسىء للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، لمدة شهر، حالة من الاستياء الحقوقى، الرافض لتحجيم حرية الفكر والتعبير المنصوص عليها فى الدستور المصرى والعهود الدولية. وقررت المحكمة، أمس، إحالة الدعوى لهيئة المفوضين لإعداد الرأى القانونى فيها، وذلك على خلفية الدعوى المقامة من محمد حامد سالم، المحامى، ضد كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، للمطالبة بإصدار حكم قضائى بحظر موقع «يوتيوب» بشبكة المعلومات الدولية الإنترنت داخل مصر بما يترتب على ذلك من آثار.
واعتبر المحامى بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أحمد عزت، الحكم مخالفا بشدة للبند 19 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والذى ينص على أنه «لكل إنسان حرية التعبير عن رأيه باستخدام جميع الوسائل»، فضلا عن مخالفته للدستور المصرى الذى لدينا اعتراضات عليه، ولكنه يكفل حرية الرأى والتعبير وحرية تداول المعلومات.
وتابع عزت «هذا الحكم يهدم تراث الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى بجرة قلم، ويعبر عن عدم فهم ووعى بحقوق الفكر والتعبير»، مشيرا إلى أن موقع اليوتيوب من أهم مواقع نقل الثقافات والمعلومات والحضارات من خلال مادة تسجيلية مصورة، يتم تداولها على مستوى العالم، ولا يمكن حجبه أو منعه، خاصة فى عصر تكنولوجيا المعلومات الذى نعيشه.
وأكد عزت، أن المؤسسة ستطعن على الحكم الذى انتصر لما وصفه بالتوجهات الظلامية لمن يحاولون فرض وصايتهم على المجتمع، قاصدا رافع الدعوى.
وأصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بيانا استنكرت فيه الحكم، مطالبة بإعادة النظر فى القرار بالسبل القانونية المتاحة، وسد الثغرات القانونية التى تسمح بهذا النوع من دعاوى الحسبة التى يستغلها طلاب الشهرة دون توافر شرط المصلحة أو الضرر الذاتى لهم فى موضوع الدعوى.
وجاء فى البيان، أن حكم القضاء تخطى الغرض منه «إذ يعرض موقع يوتيوب ملايين مقاطع الفيديو التى تتنوع محتوياتها بين أعمال إبداعية فنية ومواد وثائقية ومقاطع تعليمية... إلخ، ومن ثم فإن حجب الموقع بكامله يحرم مستخدميه فى مصر من حقهم فى الوصول إلى المعلومات المتاحة من خلاله، وبذلك يؤدى إلى ضرر يفوق المنفعة المستهدفة منه».
كما رأت الشبكة أن الحكم «يتعدى على الحرية الشخصية لمستخدمى شبكة الإنترنت، والذين يحق لهم اختيار ما يشاهدونه أو لا يشاهدونه من خلالها وفق ما تتجه إليه إرادتهم بوصفهم أشخاصا بالغين ومكتملى الأهلية، كما أن تحديد ما يسمح لغير البالغين منهم بالوصول إليه من معلومات يقع فى نطاق مسئولية آبائهم وأولياء أمورهم ولا ينبغى أن تتدخل فيه الدولة أو سلطاتها».
وأشارت الشبكة فى بيانها إلى أن الحكم «يتجاهل قرارات وأحكام سابقة للقضاء الإدارى رفضت دعاوى مشابهة لانتفاء المصلحة الخاصة للتدخل فى الدعوى لمقدميها كونها لا تتضمن حالة قانونية خاصة تؤثر على مصلحة ذاتية لهم دون غيرهم من المواطنين، ومن أمثلة ذلك حكم دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار فى محكمة القضاء الإدارى فى 29 ديسمبر 2007 فى الدعوى رقم 15575 لسنة 61 قضائية».