تزامنًا مع تداول وسائل الإعلام نبأ اغتيال معارض يساري في تونس، عقب فتوى بإهدار دمه، اختار القيادي السلفي محمود شعبان الخروج عبر شاشة قناة «الحافظ»، بفتوى عن وجوب قتل قادة جبهة الإنقاذ، وهو ما ردت عليه الجبهة على لسان أحد قادتها:«لا نخشى مصير بلعيد في تونس.. وفي المقابل أدانت جماعة الإخوان العنف، ودعت الأزهر الشريف إلى التصدي لدعاوى التحريض». القيادي بجبهة الإنقاذ الدكتور عزازي علي عزازي، قال: «إن فتوى شعبان عن استحلال دماء كل قادة الجبهة تؤكد أنه إما «معذور» أو «مأجور»، فالقيادات الأكبر منه والتي تدافع عن الحكم تتهم المعارضين بالخيانة والكفر، والتآمر مع قوى أجنبية، بل إن القيادي بجماعة الإخوان محمود حسين، تحدث عن تحالف قوى الشر مع قوى الكفر».
يقول:«حينما يتراكم في وعى السذج هذه الأحكام القاطعة التي تصدر من قيادات ترتدي عباءة الدين والدعوة، فعلى المعذورين بالجهل التصرف، كما حدث مع حالتي نجيب محفوظ وفرج فودة، كما أن الرئيس نفسه يتحدث عن العمالة والكفر والإيمان، فماذا يفعل هذا المسكين سوى الاستجابة لذلك، إما أن يكون مأجورًا لقول ذلك، فقد عرف الإخوان وعرف تاريخهم عملية استئجار الآخرين لاغتيال معارضيهم معنويًا أو سياسيًا أو ماديًا، كما رأينا من قبل في جمعة الحساب بميدان التحرير؛ حيث وجدنا بلطجية مختلفين يقودهم إخوان، وحدث أيضًا في قصر الاتحادية، والجمعة الماضية كان من يلقي المولوتوف على القصر من المأجورين بواسطة خيرت الشاطر».
وأضاف عزازي: «وقعت في مصر اغتيالات وقتل بالرصاص الحي في الرأس، وذبح عند الاتحادية، وخلق العنف وممارسته صناعة إخوانية يمارسونها باحتراف، ومع ذلك لا أحد في مصر يخاف سواهم، هم الخائفون وهم المذعورون لأنهم يشعرون أن كراسيهم مهتزة، فرأيناهم يقتلون من أجل الدفاع عن الشرعية لا عن الشريعة ولا عن المصداقية ولا عن مشروع، رحم الله بلعيد، ونحن لا نخشى مصيره، لكن الخوف على المجتمع وعلى آمال المصريين التي أحبطت، وثورتهم التي تتم سرقتها، وهو الخوف الأهم، لكن الخوف على الروح الفردية لا يعرفها مؤمن، ونحن مؤمنون بالله قولا وفعلا».
وعن موقفهم من مطالبة النائب العام أو الرئاسة بالتصدي لفتاوى التحريض، قال القيادي بجبهة الإنقاذ: «لا نطالب ولا نطلب سوى من الشعب الذي ينبغي أن يكون واعيًا وقادرًا على فرز الغث من السمين، لن نلجأ لنائب عام ملاكي للإخوان، ولن نلجأ إلى رئاسة يدها ملوثة بالدم، نلجأ للشعب لكي يكون هو الحكم».
من جهته، قال المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور ياسر محرز: «ندين بشدة ونرفض هذه الفتاوى غير المسئولة لهذا الشيخ، فهي تؤدي إلى إراقة الدم المصري وإشاعة الفتن في المجتمع، ونحن في الجماعة ندعو المجتمع للاصطفاف والوحدة، لأن الدم المصري خط أحمر مهما اختلفت توجهاتنا السياسية أو الفكرية».
وعن فكرة إصدار تشريع من مجلس الشورى، الذي تسيطر عليه أغلبية إسلامية، لتجريم فتاوى التحريض على القتل، أضاف: «من حيث المبدأ مطلوب تشريع يجرم التحريض، لأن مثل هذه الفتاوى تؤدى إلى إحراق مصر، وبالتالي يجب التصدي لها من الجهات المسئولة ومؤسسة الأزهر».
وحول اتهام جماعة الإخوان بالتورط في اغتيال نشطاء سياسيين معارضين، خلال الأحداث الماضية، مثل محمد الجندي، ومحمد كريستي، وجابر جيكا، والحسيني أبو ضيف، خاصة أن جميعهم كان له نشاط فاعل في معارضة الجماعة، رد الدكتور محرز، قائلا:«أحزن لهذا الاتهام وأنفيه بشدة، لأن جماعة الإخوان تدين أعمال العنف، وكما قلنا الدم المصري خط أحمر، كما إنه خلال هذه الأحداث سقط أكثر من 10 شهداء من الإخوان، ونحن نطالب جهات التحقيق بمعرفة من المسئولين عن إراقة دماء شهداء مصر، سواء شهداء الإخوان أو غيرهم مثل الجندي، وجيكا، وأبو ضيف، ننفي هذا الاتهام جملة وتفصيلا، ونرجو ألا يتحول التنافس السياسي لنوع من المزايدة وإلقاء التهم الجزافية، جماعة الإخوان تعتبر دماء المصريين خط أحمر ولا يستطيع أي فصيل وطني تجاوزه».
وعن إمكانية انتقال مشهد الاغتيال السياسي من تونس إلى مصر، أكد المتحدث باسم جماعة الإخوان مطالبته لكل القوى الوطنية بأخذ الحيطة والحذر، وتابع: «من الوارد جدًا وجود مندسين ينفذون اغتيالات ضد شخصيات في التيار الإسلامي أو الليبرالي لإثارة الفتن، ونهيب بالجهات المسئولة والقوى الوطنية أن تصطف جميعا لمنع حدوث مثل هذه الأمور، وأن تكون القوى جميعا حصنا يحتمى به كل نشطاء العمل العام، ونتخوف من تكرار ما حدث في تونس لذا نطالب الجميع بتوخي الحذر، وأقول إن مصر تختلف تمامًا عن تونس، فالمصريون والنخبة السياسية لن يسمحوا بحدوث ذلك، ويجب أن يكون هناك ميثاق معلن مهما اختلفنا سياسيا، فالقتل أو الاغتيال خط أحمر ولن نسمح بحدوثه في مصر مهما كانت الاختلافات».
في السياق نفسه، وصف أستاذ العلوم السياسية، الدكتور حسن نافعة، فتوى الشيخ شعبان بأنها «خطيرة جدًا»، لتضمنها التحريض على القتل، واعتبرها جريمة يتعين محاكمة صاحبها عليها، وطالب نافعة بإلقاء القبض فورًا على شعبان، وقال: «فتواه تجرنا إلى قضية أخطر، وحديثه يكشف عن ثغرات في قانون العقوبات، ويجب وجود تدخل تشريعي بشأن التحريض على القتل».
وعن تعليقه عن الأحداث التي أعقبت قتل بلعيد في تونس، قال نافعة: «ما حدث في تونس أمر خطير جدًا، وقد ينتقل إلى مصر ويؤدي لإسقاط النظام، وقد يؤدي لإثارة فتنة كبرى في العالم العربي كله، نحن نعيش أجواء تحرض على العنف والعنف المضاد، وهذا جو موبوء يتعين على الأطراف معالجته والتصدي له».