محافظ الغربية يتفقد مدارس المحلة وسمنود لمتابعة تجهيز اللجان الانتخابية قبل انتخابات مجلس النواب    غرفة الصناعات المعدنية باتحاد المستثمرين الأفرو- آسيوي تعقد أولى اجتماعاتها في دبي.. وأيمن العشري رئيسًا    الأعلى للجامعات يناقش مقترح مشروع تحويل المدن الجامعية لأجنحة وغرف فندقية    رئيس جنوب أفريقيا يؤكد أهمية تعزيز مكانة إفريقيا فى المجتمع الدولى    تحقيقات جديدة فى السويد ضد محاسب الشبكة الإخوانية: استخدم هوية مزورة    وزارة الرياضة تنعى أمين صندوق اتحاد كرة اليد    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    تموين المنيا: ضبط مصنع منظفات دون ترخيص وتحرير 232 مخالفة متنوعة    بشرى.. انخفاض أسعار حج الجمعيات الأهلية عن العام الماضى    الصحة: اعتماد 4 وحدات رعاية أولية جديدة وفق معايير «GAHAR».. وارتفاع إجمالي المنشآت المعتمدة إلى 120 منشأة    وزير الخارجية يدعو إلى سرعة تشكيل "القوة الدولية" في غزة    بذكريات الهاتريك.. مرموش يسعى لاستعادة تألقه في البريميرليج أمام نيوكاسل    فريق قادرون باختلاف يتألق على مسرح وزارة الشباب والرياضة في أسيوط    إسلام سمير: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    وزارة الدفاع الروسية تعلن استيلاء قواتها على قريتين أخريَيْن شرقي أوكرانيا    القاهرة الإخبارية: غياب الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال يعكس عمق التحديات التي تواجه لبنان    بحوث جنوب سيناء يستقبل وفود طلابية لتعزيز التعلم التطبيقي في البيئات الصحراوية    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    سوريا.. فرق الإطفاء تكافح لإخماد حرائق غابات في اللاذقية وسط صعوبات    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    حملات مرورية.. الأوناش ترفع 39 سيارة ودراجة نارية متهالكة    خاص| لجنة من «تعليم القاهرة» تبدأ التحقيق في وقائع مدرسة سيدز للغات    وفاة شاب إثر اصطدام دراجته النارية بشجرة على طريق بحيرة قارون بالفيوم    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    بالأسماء.. إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب تروسيكل بالبحيرة    وزارة الصناعة: تخصيص 100 قطعة أرض لمشروعات صناعية جديدة في 16 محافظة    انتخابات النواب، إقبال متواصل للمصريين بالخارج في اليوم الثاني داخل 4 دول    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    فاركو يواجه سيراميكا بحثا عن استفاقة في الدوري    إقبال المصريين على سفارة مصر بباريس في اليوم الثاني للتصويت بانتخابات مجلس النواب    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة منح فيلمي حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    بعد تصدره التريند.. موعد عرض برنامج «دولة التلاوة» والقنوات الناقلة    استخدمت لأداء المهام المنزلية، سر عرض تماثيل الخدم في المتحف المصري بالتحرير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    وصفات من مكونات طبيعية لتنظيف القولون في المنزل    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    شيكو بانزا يظهر فى مران الزمالك الأخير استعدادا ل زيسكو بعد وفاة شقيقه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 22 نوفمبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    سعر كرتونة البيض في بورصة الدواجن والأسواق اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 فى المنيا    موعد تطبيق منظومة السيارات الجديدة بديلة التوك توك فى الجيزة    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    منظمة الصحة العالمية: أكثر من 16.5 ألف مريض بغزة في انتظار الإجلاء الطبي    سعر الجنيه الإسترلينى اليوم السبت فى البنوك 22-11-2025    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    محمد التاجي: اعتذار محمد سلام اللحظي خلق «شماتة» ويتعارض مع تقاليد المهنة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصام العريان ويهود مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 01 - 2013

إن الدعوة التى أطلقها مؤخرا الدكتور عصام العريان للإسرائيليين من أصول مصرية للعودة لمصر دعوة مهمة يجب أخذها مأخذ الجد فى محاولة للوقوف على دوافعها وسر توقيتها.

بالإضافة إلى المكانة المهمة التى يحتلها الدكتور عصام العريان، تنبع أهمية دعوته من معناها الذى أوضحه فى تدويناته ومداخلاته التليفزيونية. الدعوة فى ظاهرها تبدو نابعة من موقف أخلاقى ومن الإحساس بالظلم الذى وقع على اليهود المصريين عندما طُردوا من مصر أو أُجبروا على مغادرتها فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى. كما تبدو الدعوة مبنية على القانون الدولى، ففى رده على استفسار الأستاذة ريم ماجد التى استضافته فى برنامجها والتى سألته عن موقفه من إعطاء الجنسية المصرية لأفراد يتمتعون الآن بالجنسية الإسرائيلية أكد الدكتور عصام أن القانون الدولى لا يجيز إسقاط الجنسية، وبالتالى فمن أسقطت عنه الجنسية المصرية فى الماضى من حقه ومن حق ذريته التمتع بها مرة أخرى. وتبدو الدعوة أيضا نابعة من قراءة للتاريخ واستشراف للمستقبل، فعصام العريان يرى أن الصهيونية التى قامت على أساسها دولة إسرائيل عقيدة حديثة العهد نسبيا لا يتعدى عمرها مائة وعشرين سنة، وأن إسرائيل ستزول فى غضون عقد من الزمان لا أكثر، وعندها سيتمكن الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم، الأمر الذى يحتم على الإسرائيليين اليهود العودة أدراجهم إلى مسقط رأسهم، ويحتم أيضا على مصر أن تسمح لليهود الذى كانوا قد نزحوا منها فى الماضى بالعودة إلى وطنهم الأصلى.

•••

يحار المرء فى كيفية التعامل مع هذه التصريحات الهامة والخطيرة، ففيها من تهافت المنطق وعوار الاستدلال ما يرجح كونها مزحة سخيفة لا يجب الاكتراث بها، على أن قائلها يحتل من المناصب السياسية الرفيعة ما يحتم علينا أخذها مأخذ جد. وبالرغم من تبرؤ مؤسسة الرئاسة من هذه التصريحات، إلا أنه يصعب قبول إمكانية إطلاقها بدون أخذ موافقة مكتب الإرشاد والرئاسة عليها، خاصة أن عصام العريان أحد مستشارى الرئيس وعضو سابق فى مكتب الإرشاد وزعيم الأغلبية فى مجلس الشورى.

•••

هناك خمس مشاكل جوهرية فى تصريحات عصام العريان، تكفى واحدة منها فقط للتشكيك فى جدية دعوته. المشكلة الأولى هى أنه وإن كان أكد على حتمية زوال إسرائيل وتوقيته (بعد عشرة سنوات)، فإنه لم يكلف نفسه عناء توضيح الطريقة التى ستزول بها إسرائيل وعما إذا كان ذلك سيتم عن طريق حرب تشنها حماس من غزة مع الإخوان المسلمين من مصر على إسرائيل، أم عن طريق قيام الإسرائيليين بانتحار جماعى كما فعل أسلافهم فى الماتسادا، أم، وهو الاحتمال الأرجح، لأن الصهيونية أيديولوجية رجعية يتخلى عنها أنصارها قبل خصومها بدليل الهجرة العكسية من إسرائيل؟ المشكلة هنا لا تكمن فى تشخيص عصام العريان للصهيونية على أنها تنتمى للقرن التاسع عشر أكثر من انتمائها للقرن الواحد وعشرين، ولكن فى توقعه زوالها نتيجة لذلك، فالصهيونية استطاعت على مدار الستين عاما ونيف الماضية أن تبتكر أساليبا من القهر والعنف مكنتها من البقاء، فما الذى يضمن عدم مواصلتها هذا المنهج الدموى؟

المشكلة الثانية أن عصام العريان افترض أن مجرد دعوته للإسرائيليين المنحدرين من أصول مصرية للعودة إلى مصر ستكفى لإقناعهم بأن حياتهم فى مصر تحت حكم الإخوان ستكون أفضل من حياتهم فى إسرائيل، وفى توضيحه لتلك النقطة شرح عصام العريان أن هذا كان تحديدا السبب وراء إضافة المادة الثالثة فى الدستور التى ذكرت لأول مرة فى تاريخ الدساتير المصرية حق اليهود المصريين فى الاحتكام لشريعتهم فى قضايا الأحوال الشخصية. والمشكلة فى هذا المنطق أنه يعود بنا إلى نظام الملل فى الدولة العثمانية الذى كان يضمن لكل طائفة أن تحتكم لشريعتها، أو هو يعود بنا إلى نظام أهل الذمة التى نظرت بها الدولة الإسلامية لرعاياها من غير المسلمين على أنهم رعايا، تجب حمايتهم بالطبع، ولكنهم ليسوا متساوين مع سادتهم المسلمين بطبيعة الحال.

المشكلة الثالثة أن هذه الدعوة لم توجَه، من حيث المبدأ، لليهود المصريين الذين تركوا مصر بغض النظر عن الجهات التى نزحوا إليها بل فقط لهؤلاء الذين انتهى بهم الحال فى إسرائيل، فإذا كان الغرض هو تصويب خطأ ارتكب فى الماضى، وأنا أظن أن خطأ كبيرا قد ارتكب بالفعل فى حق اليهود المصريين، فيجب أن نعترف أن الظلم وقع على كل اليهود غير الصهاينة، وهؤلاء كانوا الأكثرية، الذين أجبروا على ترك وطنهم، سواء ارتحلوا إلى إسرائيل أو إلى جهة أخرى.

المشكلة الرابعة فى دعوة عصام العريان أنها لم تتطرق لهؤلاء الإسرائيليين ذوى الأصول المصرية الذين لن يفضلوا العودة لمصر أو البقاء فى إسرائيل، هل سيتحتم على مصر وقتها أن تعوضهم على ممتلكاتهم التى صودرت وعلى معاناتهم؟

المشكلة الخامسة لا تتعلق باستشراف المستقبل بل بقراءة الماضى، فعصام العريان لم يبذل أى جهد لنفى أو دحض الاعتقاد الشائع لدى غالبية الإسرائيليين، وكثير من المصريين، أن المسئول عن رحيل اليهود المصريين لم يكن نظام عبدالناصر وحده بل أيضا سياسات وتوجهات جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى لها عصام العريان. فعلى مدار الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى لم تنظر الجماعة قط لليهود المصريين على أنهم مصريون كاملو الأهلية، بل كانت دوما تشكك فى انتمائهم لمصر، وهناك عشرات المقالات التى نشرتها الجماعة فى مجلاتها التى كانت تتسم بمعاداة السامية الصريحة، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، ولكن تكفى الإشارة إلى مقال «خطر اليهود على العالم الإسلامى والمسيحى» الذى نشرته مجلة «النذير» التابعة للإخوان عام 1938 والذى ادعى أن اليهود هم المستعمرون الحقيقيون للهند وليس الإنجليز. كما لا يمكن إنكار أعمال العنف التى شنها شباب الجماعة على المعابد والمحال التجارية اليهودية حتى تلك غير المملوكة لصهاينة فى ذكرى التنديد بوعد بلفور يومى 2 و3 نوفمبر 1945، أو الأعمال الأكثر دموية التى اندلعت ضد المصالح اليهودية فى القاهرة والإسكندرية عام 1948 والتى انتهت باغتيال النقراشى؟ هل يعتقد حقا عصام العريان أن دعوته الكريمة لليهود المصريين ستمحو السجل الدموى لجماعته من الذاكرة؟

•••

بالرغم من هذه المشكلات الجوهرية يبقى أن دعوة الدكتور عصام العريان تنطلق من مبدأ جيد، ألا وهو أن صراعنا مع الصهيونية صراع أخلاقى فى الأساس، وأنه من الممكن تخيل ترك اليهود لإسرائيل. ولكن كيف بربك تتخيل أن يترك اليهود بلدهم الحالى لوطن سن لتوه دستورا لا يساوى بين المواطنين ويكرس لهيمنة الأزهر على الدستور ويضع اللبنات الأولى لدولة دينية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.